18 ديسمبر، 2024 5:56 م

فصل من رواية الخطر والرغبات

فصل من رواية الخطر والرغبات

الطوفان
عندما اقتربت الشمس من الغروب تلبدت السماء بالغيوم وبدا المطر بالهطول ، مطر غزير ينهمر بشدة يشبه مطر الطوفان الذي اغرق الارض وحول البشر الى طين، كان الاله اداد يرعد في السماء منذرا بقدوم الكارثة هكذا تخيلت انا الراكع قرب جسد صديقي المسجى الذي وهنت قواه تماما وغارت عيناه في محجريهما بعد ان فقد القدرة على النطق
كانت الدموع تنهمر من عيني وانا اضع يدي على جبين كلكامش بين آونة واخرى واساله:
-كيف حال اخي؟
السؤال الذي طالما رددته ولم اسمع جوابه من فم كلكامش الذي اصبح باردا كالجليد.
في القاعة التي سجي فيها وجلس فيها الكثير من الامراء والنبلاء والكهنة يبكون معي كانت اوروك كلها ايضا قلقة وخائفة وحزينة تنتظر القادم من ساعاتها ويمكن القول ان خواطر سيئة تراود الناس فيها عن مصير كلكامش .
لم يكن الخوف وحده هو الشعور السائد في هذه القاعة قدر الحزن والتعلق بانفاس كلكامش التي بدات تضعف شيئا فشيئا ، وفي شعور بالياس اضفى على وجهي لمحة متسائلة مددت يدي الى يد كلكامش ورفعتها قليلا لكنها مالبثت ان سقطت على جانبه وهدا جسد كلكامش تماما واختفى تنفسه، فقد فارق الحياة الى الابد فصحت بالم وحرقة صيحة سمعها كل شعب اوروك:
– كلكامش … اخي ايها البطل
كان الوقت قد اشرف على منتصف الليل واغرقت اوروك بمياه المطر الذي كانه الطوفان واستحالت شوارعها الموحلة الى جداول من المياه فيما كان جسد كلكامش البارد ممددا والاعياء يرتسم على وجهي وانا احمل جسد كلكامش بين يدي ثم اخرج الى العراء واقف به تحت المطر واقول مخاطبا كلكامش :
فليات بعدك الطوفان …

صدرت عن دارالشؤون الثقافية في بغداد 2002
رقم الايداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 937 لسنة 2002