المتتبع للمشهد السياسي العربي الراهن منذسقوط بعض الأنظمة العربية الاستبدادية في ماسمي عبر وسائل الإعلام الغربية بالربيع اللازوردي قام به شباب شجاع غير ان هذه الثورات حملت في رحمها لصوص السلطة وهم يقومون بالسطو المنظم قوى متوحشة متعطشة سال لعابها السياسي على السلطة والحكم وماجرى في تونس ومصر يتطابق مع هذه الرؤيا وبات الأمر مفزعا للمستقبل شعوب هذه الدول وصارمايعرف بقوى الاسلام السياسي وهي تقوم بضخ زعماءها الى فضاءها المحلي من الذين دفعتهم الصدفة الى ان يصبح زعيما وحاكما مثلما حصل في مصر هذه الدولة المهمة بقيمتها الإستراتيجية والتاريخية في منطقة الشرق الأوسط ولذلك اجدماقاله الناقدالمغربي عبدالاله بلقزيزحينما وصف إشكالية خطيرة تمخضت مابعدالثورات وهي ان هناك ازمة في غياب الشرعية السياسية وقدتمثلت تجلياتها في خطاب وذهنية قوى الاسلام السياسي الذي يعتقد ان شرعيته محصورة من صناديق الأقتراع لشرعنة مايفتقرالى شرعيته ولهذا نتفق معه حينما قال في كتابه(الدولة والسلطة والشرعية)مانصه(ان الحلقة المفقودة في الثورات العربية التي حصلت في عام2011هي بالذات هذه المواطأة على المشروع المجتمعي وعلى أساسيات الدولة والنظام السياسي ولقد قفز عليها بالذهاب الى صناديق الاقتراع وكتابة الدستور)بمعنى اننا امام محاولة لتسطيح وتقزيم مايمكن ان ينجزمن رحم الثورات واولها الهروب من اشتراطات مشروع الدولة ثم يضيف بلقزيزالعباره الأهم لتوصيف ازمة الثورات العربية عندما يقول(وكأن الثورة هي الأجماع على رفض نظام سابق لا الاجماع على بناء نظام جديد والاتفاق على قواعدذلك البناءوهكذابدلا من ان تدخل قوى الثورة في حوار طني عميق في المسألة لاجتراح مثل ذلك العقد الاجتماعي الجامع والمؤسس تصرفت وكأن هذه المهمة مقضيا سلفا ولم يبقى غير استفتاء رأي الشعب في من يمثله)وهذا ماعمل فريق الاخوان المسلمين بوصفهم المنتصرون كونهم قدقفزوا على السلطة ودفعواالاخرين من الذين كانوا النواة الحقيقية للثورة المصرية في اسقاط مبارك خارج مدارات السلطة في ظل استخدام تكنولوجيا نظرية التأمرالتي استخدمها الاخوان المسلمون منذ الأيام الأولى للثورة ولقاءاتهم السرية مع الجنرالات لتمهيد حضورهم مابعدالثورة لذلك اندفعوا بأتجاه تنفيذ سياسات أخونة الدولة على جميع مفاصل المؤسسات الدولة المصرية من خلال زعيم الصدفة السيد مرسي وعلى اثرذلك وفي سياق هذه الأزمة نشأ حراكا سياسيا وثقافيا وشعبيا لمحاصرة مشروع الإخوان المسلمين لإسقاط مرسي المتخبط في سياساته الداخلية والخارجية وما نتج من احتجاجات ومظاهرات انطلقت في30من شهريونيووطلب الجماهيرمن المؤسسة العسكرية الى ضرورة التدخل لاسقاط المشروع الاخواني الرديكالي بعدفشل كل المحاولات التي طالبت من مرسي لاصلاح الاموربما ينسجم والمطالبات الشعبية والسياسية ومشروع الدولة المدنية والخلاصة لهذا الصراع الداخلي على السلطة على اننا امام رؤيتين رؤيا حاملة لمشروع السلطة متمثلة في الاخوان المسلمين ورؤيا حاملة لهموم استكمال مشروع الثورة والدولة متمثلة بقوى الثورة الشبابية وجبهة تمرد التي نجحت في تحقيق اعادة روح ومسار بوصلة مسارالثورة الى طريقها الصحيح لكن بعض رجالات السياسة امثال السيدالبرادعي الذي قدم استقالته يبدوانه يتعامل بطريقة مركبة ازاء المتغيرات الحاصلة في المشهدالمصري ويجب ان يسأل مع ضرورةتوخي الحذرمن بعض المنخرطين في هذه الجبهة والذين عملوا لفترة طويلة مع مبارك ان تجربة سقوط مرسي والاخوان المسلمين مبنية على معطيات اساسية وجوهرية وهو انهم قدموا نموذجافاشلا لرجل مصاب بالعوق الفكري وغير قادرعلى ادارة دولة بحجم مصرويبدو ان المهمة اكبر من امكانياته وعابرة لقدراته واعتقد جازما ان عقليته تفتقد للنضج السياسي وغير مبصرة في تشخيصها لأي أزمة وامكانية المعالجة ومابرزمن إشكاليات سياسية داخلية وخارجية وأخرها قطعه للعلاقات مع سوريا وتشجيعه للجهادالطائفي وتصريحاته النارية الفارغة في ضرب سدانهضة الاثيوبي كلها تعبرعن فشله في التعاطي مع هكذا قضايا وتعبر عن البؤس في تفكيره السياسي وماعبرعنه السيد البرادعي حينما قال تعليقا على تصريحات مرسي البائسة واصفا المعارضة على انهم من الكفاروان اكثرمن اربعمائة وخمسين مليون شيعي بالانجاس انما يعبرعن فساد خطابه السياسي الطائفي ولهذا فان بقاءه في السلطة ولوليوما واحدا سيجلب لمصر المزيدمن الازمات ويبدو ان تجربة الاخوان بينت لنا على فشل الذهنية الجامدة وعدم قدرتها على محاكات الواقع وغياب الخطاب الحداثي لديهم اوالقدرة على التعاطي مع الاخرين اوتبني فكرة بناء الدولة المدنية وكل ماكان يرددوه ذريعة الشرعية الانتخابية ان الوقائع بينت لنابمالايقبل الشك عن فشل اكيد لمشروع الاسلام السياسي في مصروكذلك فشل المشروع دوليا ومايحصل للطاغية اوردغان المتورط في مستنقع اسطنبول يبشر بنهاية المشروع على المستوى العربي والاقليمي ان التفكيربعقلية القرون الوسطى انتحارسياسوي وثقافوي وتاريخي ومايجري في المشهدالمصري والتونسي عبارة عن تسلل ثيوقراطيات بديلة للنظم الاستبدادية بعد الثورات بدعم من الطفيليات الحاكمة في السعودية وقطربظنها انها الاقرب لهاويمكن ترويضها كنظم تعاني من ضعف اقتصادياتها ان كان في تونس اومصرويبدو ان هذه الطفيليات التي تعيش على أزمات الاقليم ان كان في سوريا اوالعراق تبدووكانهاا فايروسات متمردة على التاريخ والدولة ومحصنة من الحداثةوتتصورانها بمنأى عن التغييرمع ان هناك حراكا اجتماعيا وثقافيا يلوح في الافق داخل هذه المجتمعات ان كان في قطر اوالسعودية من اجل التغييرسيطالهم قريبا اننانريداصلاحا سياسيا للمنطقة يهتم بالحريات وحقوق الانسان والديمقراطية كنظام سياسي لكننا لانحبذ ان تجري الامورعلى الطريقة السورية ومايجري حرب اهلية وصراع قوى دولية على النفوذلذلك نحذرالغرب من سياساته هذه وندعوه الى مراجعة سياساته وسلوكياته التي اصبحت مادة لمهاجمته وانتقاده من شعوب المنطقةوهذه الازدواجية في التعاطي مع ملفات المنطقة تبرهن هذه الازدواجية وغياب الاخلاقيات ويمكن مراقبة الساحة البحرينية ومايجري من احتجاجات في هذا البلدالصغيروالعنف المفرط المستخدم ضدهم من قبل النظام الحاكم ولانرى موقفا حازما لا من امريكا ولا بقية الدول الغربية ان إعادة ترتيب وهندسة السياسات الدولية فيما يخص المنطقة بات امرا ضروريا لكي يعاد استقرارمنطقة الشرق الاوسط وهذا يستلزم مراجعة السياسات الامريكية والغرب عموما وكذلك التخلص من مشروع الاخوان الدولي ابتداءا من تركيا الاوردغانية الى الدول العربية ان كان في تونس اومصركونه يخلصنا من الخطاب الطائفي والحروب التي قد ينتج عنها واستكمال الاصلاح السياسي في المنطقة العربية وخصوصا في منطقة الخليج الذي هواشبه بصندوق ممتلأبالكراهية والتكفير ولذلك نحن دعمنا الحراك الثوري الذي يجري في مصرلغرض التخلص من هذا الطاعون الوحشي الذي يريدان يفتك بشعوب المنطقة العربية ويعيدالاستقرارالسياسي الى المنطقة وينهي ارهاصات الخطاب الطائفي في منطقة الشرق الأوسط ولكن علينا الاستفادة من الدروس المستقاة من تجربة الاسلام السياسي التي فشلت في تبني خيارالدولة المدنية وضرورة دراسة النتائج التي تمخضت منها لدول المنطقة وحكامها ونخبهاالثقافية والفكرية لاستيعاب الحاجات التي تضعنا في المسارات لبناء مشروعنا الحضاري على قاعدة العدالة الاجتماعية ومفهوم المواطنة وتأسيس الدولة المدنية .