20 مايو، 2024 9:12 ص
Search
Close this search box.

فشل مدير الشرطة العام حجازي بتنفيذ انقلاب شرطوي

Facebook
Twitter
LinkedIn

دق  الانقلاب العسكري الذي وقع في تركيا ناقوس الخطر محذرا  النخب السياسية في  الدول الاقليمية المجاورة لتركيا من الانجرار وراء مطامعهم الشخصية واضطهادهم للمواطنين والا فان العسكر سيحسمون الامر ..هذا الانقلاب  ورغم فشله قد قلب الموازين واعاد  للذاكرة  الانقلابات العسكرية التي وقعت خلال فترة عقد  الخمسينيات من القرن الماضي ..
ومن المتعارف عليه ان الجيش يمكنه ضمان النصر في ساحة القتال ولكن قد يتحول في زمن السلم إلى مشكلة فطالما تحول في الكثير من الفترات إلى شاهد على فقدان السلطات المدنية لشرعيتها بسبب الفشل في الاقتصاد والسياسة الخارجية وبالتالي وقف أمام خيار حماية الدولة من الزعماء الفاشلين. ولو تابعنا تاريخ الانقلابات العسكرية لوجدنا في مقدمة هذه الانقلابات المشهورة والمؤثرة التي وقعت في الشرق الأوسط الانقلاب الذي وقع في مصر والمعروف بثورة الضباط الاحرار بقيادة جمال عبد الناصر في عام 1952 .. ومع تحليل الانقلابات الاخرى في المنطقة يمكن القول إن الضباط الذين يحملون رتب متوسطة كانوا المجموعة الاكثر نشاطا في العمل على تنفيذ الانقلابات لأنهم  الأكثر عددا والأكثر طموحا ولا يملكون الامتيازات الممنوحة لجنرالات الجيش..  وحتما ان جنرالات الشرطة  سيكونون متفرجين  ونادرا مانجد جنرالات في الشرطة  لهم طموح  لتنفيذ انقلاب عسكري الا في العراق. . فمحاولة الانقلاب الاولى التي  وقعت  خلال الحكم الملكي للعراق وتحديدا خلال تولي توفيق السويدي رئاسة الوزراء  عام 1950  ويقول السويدي في مذكراته  ” انه اثناء قيامه بالمشاورات لتشكيل الوزارة تردد اسم صالح جبر لتولي وزارة الداخلية ولما علم مدير الشرطة العام علي الحجازي بذلك صار يحاول بشتى الوسائل للحيلولة دون مجيئه للداخلية ويظهر ان صالح جبر على علم بمحاولات الحجازي تلك فأسرها في نفسه لحين توفر الفرصة المناسبة.  فلما جاءت تلك الفرصة بتشكيل الوزارة واستحواذه على منصب وزير الداخلية وهو المركز الذي يؤهله لان يكون الرئيس المباشر لمدير الشرطة العام علي الحجازي عرض على مجلس الوزراء فصل مدير الشرطة العام من الخدمة ويظهر ان اقتراحه لم يلقَ تجاوبا من زملائه الوزراء بسبب نفوذ الحجازي وصلته بالبلاط الملكي فاكتفي  بنقله الى متصرفية محافظة السليمانية . 
ولما وصل خبر النقل الى اسماع مدير الشرطة العام وكان يقضي ليلته في ملهى ” سليكت”  انتقل فورا الى دار احد أصدقائه واخذ يحتسي المزيد من الشراب وهو في حالة تاثير شديد ومما زاد من  تاثيره وهيجانه تحريض بعض الاشخاص الذين كانوا متواجدين في دار صديقه في ذلك الوقت وايهامه بان سلامة المملكة مقترنة بوجوده على رأس الشرطة العراقية. وعند حلول منتصف الليل أتجه نحو الهاتف وطلب رئيس الوزراء توفيق السويدي الذي كان يغط في نوم عميق في داره وقال له ” اذا لم يخرج صالح جبر من الوزارة غدا فانني ساقوم بتنفيذ  انقلاب”.. ثم توجه مباشرة الى معسكر الشرطة السيارة في الصالحية واخذ يصدر اوامره لجميع قوات الشرطة وتهيأتها للحركة اما رئيس الوزراء فقد اتصل بمقر اقامة الوصي الأمير عبد الأله  في قصر الرحاب وطلب تبليغه بما يجري ثم اتصل بوزير الداخلية ووزير الدفاع لوضع الجيش في بغداد بالانذار. أما الامير عبد الاله فقد بعث بمرافقة العقيد عبيد عبد الله المضايفي الى مقر مدير الشرطة العام في محاولة لثنيه عن عزمه وفي الساعة الثالثة من فجر يوم 12 شباط 1950 عاد مرافق الوصي الى القصر مصطحبا معه مدير الشرطة العام اللواء علي خالد الحجازي فاصدر الوصي امره باحتجازه في احدى غرف الحرس الملكي وعندما طلب الحجازي مواجهة الوصي امتنع الوصي عبد الأله  وامر باتخاذ الاجراءات القانونية ضده .وقد تم تقديمه فيما بعد الى محكمة الجزاء الكبرى التي اصدرت حكما بسجنه لمدة ثلاث سنوات وبعد تسعة أشهر قضاها الحجازي في السجن استحصل نوري السعيد الذي اصبح رئيسا للوزراء ارادة ملكية باعفائه مما تبقى من مدة محكوميته. وقد قيل في حينها ان نوري السعيد سعى لاعفاء الحجازي نكاية بغريمه صالح جبر… 
والمحاولة الثانية وقعت خلال تولي احمد حسن البكر حكم العراق حيث  حاول – مدير الامن العام  ناظم كزار ومجموعة من عناصرالامن من غير العسكر – تنفيذ عملية اغتيال جماعي للقيادة العراقية  من بينهم صدام حسين داخل مطار بغداد  تمهيدا لاستيلائهم على السلطة .. الا ان المحاولة باءت بالفشل  وانتهت بمقتل مدير الامن العام ومجموعته  .. ويعتبر البعض أن الأنظمة العسكرية لعبت دورا كبيرا في تحديث الشرق الأوسط ولكنها في نهاية المطاف تفسخت مع الزمن وتحول كبار الضباط الى طبقة ارستقراطية وغطسوا في الفساد. وبعد حلول القرن الحادي والعشرين لم يعد الجنرالات المؤسسة الوحيدة المنظمة والمتعلمة في المجتمع. لقد تطورت المؤسسات المدنية وظهرت التكنولوجيات المعلوماتية الجديدة ونما الطموح كثيرا بين الشباب وكل ذلك أدى وبشكل تدريجي لفقدان العسكر لقدرتهم على الإمساك بالحكم وبالمجتمع. ولكن ” الربيع العربي” الذي عقدت عليه الآمال الكبيرة في تنفيذ التغيرات الاجتماعية لم يتمكن من ضمان الانتقال من الحكم  العسكري الى الادارة المدنية وتسبب انتشار الفوضى وضعف الإرادة لدى رجال السياسة  بمنح العسكر الفرصة من جديد‪© 2016 Microsoft‬ الشروط الخصوصية وملفات تعريف الارتباط المطوِّرون العربية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب