اختار مجلس النواب ثمانية أعضاء للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وأرجأ اختيار التاسع لوقت آخر ليكون ممثلاً للأقليات ،وقد أثار التوافق عدم رضا الكتل السياسية بما فيها الائتلافات التي جرى الاختيار منها ،فما أن أنهى المجلس ذلك حتى دخل في فوضى واعتراضات أدت إلى تأجيل جلسته وعقدت مؤتمرات صحفية أطلقت فيها اتهامات عديدة ، المفارقة إن جميع الكتل أبدت تحفظات وتبرمت من المبادئ التي تم بموجبها الاختيار ،وكل مكون وحزب يريد أن يتمثل في المفوضية ،واعتبر ما جرى دبر بليل وهو أحق من غيره ،ولكن ايا منها لم يبين لنا كيف يمكن تمثيل جميع المحافظات في تسع مقاعد ،ولا هذا الكم الكبير من الأحزاب في عدد محدد من المفوضين كما لم يقولوا لنا من اتفق مع من ،ومن تآمر على من ، ومن اختار من وأهمل الأسماء التي حددتها لجنة الخبراء .
الواقع إن تعيين أعضاء المفوضية العليا للانتخابات تم على أساس المحاصصة وبأسوأ أشكالها وأنواعها بلا جدال ،ولكن الذين اعترضوا لم يكونوا أحسن من زملائهم ، فهم يعترضون من منطلق وموقع المحاصصة أيضا وليس من باب الدعوة لاعتماد الكفاءة والخبرة والمهنية وإنما لأنهم لم يمثلوا بحزبيتهم الضيقة وولاءاتهم العشائرية والمناطقية . الغضب والشجار والاتهامات والتخويف والتهديد كانت سمة المشهد النيابي ،والفاقع فيه أيضا انه همش وأقصى المرأة وحرمتها من أن تكون في هيئة مستقلة مثلما حدث مع المفوضية لحقوق الإنسان وقبلها الحكومة في خرق فاضح للدستور وضرب عرض الحائط قرار المحكمة الاتحادية ،ولدغت المرأة من ذات الكتل مرة أخرى ،ولم ينظر لها على أساس المساواتية لأنهن مشتتات ولا يتحدن في الدفاع عن حقوقهن ومع ذلك ، سيقبلن بما رسم لهن ويطعن كتلهن ما لم يتخذن قرارات حاسمة .
بعض المعترضين لم يكونوا جديين في موقفهم ،أرعدوا وعلا صوتهم وصراخهم لإفلاسهم من المقاعد التسعة ،واستباقا للحصول على حصة من نواب المفوضين الذين لا يقلون عن الاصلاء أهمية وتأثيرا .
لقد فشل مجلس النواب في اختيار مفوضية مستقلة بحق وحقيق ولكل العراقيين لإجراء انتخابات عادلة ونزيهة ،ومن الآن اتهمت الكتل النافذة بأنها تبيت للتزوير حسب ما جاء على لسان احد النواب .
الفشل أعمق حين نقرأه من زاوية أخرى فمجلس النواب لم يكن يوم أمس الأول ممثلاً لكل العراقيين على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم ومشاربهم وانه أهلا لبناء دولتهم العابرة للمحاصصة البغيضة وعلى مبادئ المواطنة والمشروع الوطني .