23 ديسمبر، 2024 9:51 م

فشل القطاع الخاص المحلي في اعمار البلاد

فشل القطاع الخاص المحلي في اعمار البلاد

يسمع المواطنون باستمرار تصريحات لبعض المسؤولين (في السلطات المحلية او المركزية)بأن الموازنة غير كافية لتنفيذ المشاريع رغم حجمها الكبير,وهناك مشكلة عصية على  الحل حتى بعد عقد تقريبا عنوانها توفير الخدمات,
وأي مشاريع تلك التي يتحدثون صعوبة انجازها,هي مشاريع في قياس بعض الدول المجاورة تافهة جدا(مشاريع تعبيد الطرق والارصفة, ومد شبكات مياه الصرف الصحي,او شبكات مياه الشرب,وانشاء ساحات خضراء, ومشاريع صغيرة كالمدارس والكراجات,الخ.),
والسبب يكمن في ان التحول الذي حصل بعد سقوط النظام البائد عام 2003, وبشروط الدول المانحة, او التي اطفت ديونها على العراق,وامبريالية صندوق النقد والبنك الدولي ,الذين فرضوا على النظام السياسي الجديد شروط خاصة,في ان يتحول اقتصاده الى الاقتصاد الحر,بغية التطور والنهوض السريع للدولة المنهكة بكوارث النظام السابق,لكنها نظرية الاستعمار الرأسمالي ,الذي تحولت شركاته العابرة للقارات والسيادات ,اخطبوط النظام العالمي الجديد,فعملية الانتقال العشوائي من الانظمة الاقتصادية الحكومية  الاشتراكية النهج الى القطاع الحر,لم تتخلله تحولات متدرجة,تهتم ببناء الاسس والقواعد الاقتصادية المتينة لوزارات الدولة,واكثر الامثلة العالمية الفاشلة,هي استخدام  على سبيل المثال شركات امنية خاصة لتأمين اعمال واشغال ومواقع الجيش الامريكي في العراق, من قبل شركة بلاك وتر المثيرة للجدل في الشارع الامريكي حاليا,وقد جمعت ثروات هائلة من وراء تلك العملية المخادعة,ماحصل في العراق هو ان بعض الكتل السياسية ,التي تخلصت من الرقابة القانونية والدستورية بتغييبها المواد المتعلقة بعملية الجمع بين الوظيفتين للمسؤولين(المنصب الحكومي وشركاته الخاصة),كأستغلال المنصب الحكومي في الاستحواذ والاستثأر بالمشاريع التجارية,او ضرورة مساءلة المسؤول في حالة الاثراء الغير مشروع على الاقل” تحت قانون من اين لك هذا”,
لكن الامور ساءت وتحول المسؤول المحلي  الى مستثمر سواء كان وزيرا او عضوا للبرلمان او محافظا او عضو لمجلس المحافظة او نائب لمحافظ,بحيث جرى عملية نقل مرض الفساد المالي والاداري من المركز الى المحافظات بمدنها واقضيتها ونواحيها,
مع بقاء ازمة اعمار المدن والمحافظات على حالها القديم,لان في كل سنة تحتاج الى تكرار نفس العملية الاستنزافية لثروات البلد في مشاريع اعادة تعبيد الارصفة والطرق والخدمات البلدية العامة الخ.
هذا الامر يجب ان يتوقف ,,لتنتهي عملية غسيل الاموال المستمرة,فهناك مشاريع البنية التحتية المتوسطة,وهذه لاتحتاج الى خبرات او شركات اجنبية,بل بالخبرات المحلية وبالالات والمعدات التقنية الحديثة,قادرين على انجاز العديد من المشاريع ,التي ستقضي على نسبة عالية من البطالة المتفشية في البلاد(وعلى الحكومة ان تستفسر عن حملات صدام في فتح الانهر الخاصة بسحب مياه الاهوار ,وكيف استطاع في الحصار الاقتصادي ان يستوعب ايدي عاملة فنية وهندسية كبيرة وزجها في تلك المشاريع الكبيرة),اما الاستمرار بترديد اسطوانة عجز الموازنة ,والموازنة التكميلية,فهذا يعني ان العراق سيحتاج مئة عام وقد يكون اكثر حتى يستطيع ان يصل الى جادة الاعمار الحقيقي,ماذا تعني ان شوارع فرعية لاتتجاوز عدة كيلومترات تحال الى شركة مقاولات,هل هذا معقول,اين مجلس الوزراء ,ومجلس المستشارين لرئيس الوزراء,من هذه الاخفاقات المستمرة,والاهدار العبثي لثروات البلد.
الدول النامية او المسماة بالناشئة بدأت اولا ببناء قدراتها الذاتية في الاقتصاد والاعمار  وتوفير الخدمات العامة,وهكذا لدول شرق اسيا (نمور اسيا),بل ان تجربة البعث مثلا في تطوير القطاع الصناعي الحكومي المحلي كانت ناجحة جدا,وهكذا يمكن للحكومة الاستفادة من تجارب تلك المراحل المهمة, التي سبقت الانتقال الى الاقتصاد الحر,
لندع الاموال الخاصة بالخدمات العامة تذهب الى الوزارات ومجالس المحافظات,وعليه سوف تحتاج تلك الدوائر الى الالاف من الايدي العاملة,لتغطية الحاجة المحلية,مالمشكلة ان تتكفل دوائر البلديات بعملية شراء معامل الاسفلت وماكيناتها لتشغيلها في خدمة المحافظات,اي ان نصف المقاولات المحلية او اكثر يجب ان تلغى,وتحول الى مهمات حكومية خدمية,حتى مسألة بناء المدارس والمستوصفات الصحية وبعض دوائر الدولة,يمكن اطلاق حملات تشكيل الشركات الحكومية التابعة للوزارات,والتي يعمل بعضها حاليا في مجال البناء والاعمار,للبدء بعملية السيطرة والتطوير الحكومي على المشاريع الخدمية الدائمة الصيانة,
فمسألة امتصاص زخم البطالة المنتشرة منذ عقود,يحتاج الى ثورة ادارية ستراتيجية متطورة,فالاقتصاد والبطالة تعد في الدول الديمقراطية المتقدمة ورقة انتخابية قوية ومؤثرة جدا.
نحن نلاحظ عجز وشلل تام في عمل الوزارات ومجالس المحافظات,فبالرغم من الموازنات المالية الكبيرة تبقى مسألة العجز في تنفيذ المشاريع البسيطة قائمة,وهذا امر غريب وغير مقبول اطلاقا,ويجب ان ينتبه اليه المواطن العراقي في الانتخابات القادمة,فصناعة او عملية خلق فرص العمل,هي تعد من الاولويات الضرورية في بقاء الحكومات المنتخبة او فشلها وسقوطها,ولهذا نحن ننادي بقطاع مختلط في ادارة الاقتصاد العراقي,على ان يسمح لدوائر الدولة الخدمية بالمساهمة المهمة والمباشرة في اعادة بناء الخدمات الوطنية العامة,لايمكن للمواطن ان ينتظر اقرار الموازنة واللغط الدائر حولها حتى يتم مد شبكة مجاري او تعبيد شوارع مدينته الصغيرة,وقد كانت تجربة كردستان من التجارب الداخلية الناجحة في الاقليم,حتى تجربة محافظة ميسان كانت هي ايضا من التجارب الواعدة,علينا ان نتخلص قليلا من الكسل العقلي ونفتح افاق وعينا العلمي والعملي ,لكي نحل ولو جزئيا من تراكم الازمات المتصاعدة,اما ان نبقى نمارس عملية الخداع بأن الشركات والمقاولين المحليين هم من اصحاب الخبرات والكفاءات المقبولة,فهذا وهم لاشيء في العراق مطابق للمواصفات العالمية ولا حتى الاقليمية,وكما طالبنا سابقا نحن بحاجة الى لجان عالية الكفاءة تقوم بعملية تقييم المشاريع المنفذة وتعد تقاريرها النهائية بعد استلام المشاريع,للحد من انتشار ظاهرة الرشوة في اغلب اللجان الحكومية المراقبة والمشرفة والمستلمة للمشاريع..