8 أبريل، 2024 5:10 ص
Search
Close this search box.

فشل الشيوعيين في الحضور السياسي والبرلماني !

Facebook
Twitter
LinkedIn

نشير اولاً الى أنّ الحزب الشيوعي العراقي يختلف عن الأحزاب الشيوعية العربية الأخرى لأسبابٍ عدّة بالرغم من ذات الأيديولوجية وتباين الساحات السياسية , وطبيعة انظمة الحكم في الدول العربية وموقفها من الأحزاب .

هنالك العديد من الإجابات حول فشل الشيوعيين حتى في توسيع قاعدتهم الجماهيرية , وتختلف الرؤى والآراء حول ذلك بحسب الزاوية الثقافية والفكرية التي ينظر عبرها البعض المتنوّع , ولابدّ من التسجيل أنّ السنوات القليلة الأولى من العهد الجمهوري في زمن الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم , هي ذروة ما بلغه الحزب الشيوعي العراقي من نشاطٍ سياسي وميليشي مسلّح < تنظيم المقاومة الشعبية > ودعم الرئيس قاسم والحصول على مناصب ومراكز عسكرية وأمنية آنذاك , وكانت اوسع قاعدة جماهيرية لهم في مدينة الصدر الحالية من العمال والفلاحين وحتى الرعاع , وبالرغم من وقف قاسم لتحالفه معهم وشبه الأنقلاب عليهم جرّاء ممارساتٍ خاطئة ومسلحة واعتداءاتهم على القوى الوطنية الأخرى , لكنّ الشيوعيين لم ينبروا للدفاع عن الرئيس قاسم إبّان حركة 8 شباط 1963 التي اطاحت به ونفّذت حكم الإعدام به , وكان ذلك ملفتاً للنظر .!

وَ بعودٍ على بدءٍ , فلو سُئلَ العديد من المواطنين عن سبب فشل الشيوعيين في حضورهم السياسي , لكانت الإجابة التلقائية أنّ الشيوعية قد فشلت في الأتحاد السوفيتي السابق , فهل تنجح في العراق .! ولو جرى توجيه ذات السؤال الى أُناسٍ اكثر ثقافة وإلمام , لأجابوا بأنّ < الغلاسنوست والبروسترويكا – الإصلاح والبناء > اللتان طرحهما غورباتشوف قبل انقلابه على الشيوعية فقد فشلتا فشلاً ذريعاً , < وبمناسبة هذا الحديث , فقد سُئل غورباتشوف في مقابلةٍ متلفزة اجرتها معه CNN بعد انهيار الأتحاد السوفيتي السابق وتفككه , عن رأيه الدقيق في فشل الشيوعية التي حكمت التحاد السوفيتي لِ 70 عاماً , لكنّ الرفيق ميخائيل غورباتشوف زعمَ او إدّعى بأنّ الشيوعية لم تفشل ! لكنّ القائمين عليها او قياداتها هم الذين فشلوا في إنجاحها ! طوال هذه السبعين سنةٍ .! > .

إحدى الأسباب الستراتيجية لفشل الشيوعيين العراقيين في تقلّص قاعدتهم الجماهيرية الى الحدّ الأدنى وانكماشهم وانحسارهم في الزاوية الضيّقة , فأنّ اجيال ما قبل عام 2003 ” على الأقل ” فما فتئت محفورةٌ في ذاكرتها تلك الصورة المشينة التي قامت بها ميليشيا الحزب الشيوعي في عام 1959 في الموصل وكركوك من تعليق نساءٍ ” من التيار القومي ” وهنّ عاريات على اعمدة الكهرباء وسواهنّ كذلك من قتلٍ وشنقٍ وتعذيب من رجالات التنظيمات القومية , لكنّ ما جرى آنذاك قد كان مرفوضاً من القيادات الشيوعية اللاحقة والمتعاقبة بعد سنينٍ وسنينْ , لكنهم لم يستطيعوا محو وازالة تلك الصور الذهنية الدامية التي بثتها شاشات التلفزة بعد الإطاحة بقاسم , ولم تتمكن القيادات الشيوعية من إظهار وإبراز رفضهم لذلك على الصعيد الجماهيري والإعلامي وطوال هذه السنين الطوال .!

النقطة الأخرى التي قد لا تقلّ شأناً عن سابقتها , أنّ الفكر الماركسي – اللينيني الذي اصطبغ بسمة الإلحاد قد كان له وقعه وتأثيره الجماهيري المضاد للحزب الشيوعي سواءً في العراق او في عموم الوطن العربي , والذي يتناقض حتى مع الفطرة والغريزة العربية ! < فقد كان ملاحظاً أنّ المقاتلين الشيوعيين العرب في تنظيمات المقاومة الفلسطينية في فترة سبعينيات القرن الماضي , ففي حين اطلاقهم قذيفة RBG 7 على الجنود الأسرائيليين فقد كانوا وبالفطرة يهتفون ” الله اكبر ” > .!

وعلى الرغم من تقادم السنين وتغيّر الظروف والمعادلات الدولية والأقليمية , وبالرغم ايضاً من أنّ ” اقتصاد السوق ” او الأقتصاد الحر قد تفوّق وضرب كلّ المفاهيم الأشتراكية والشيوعية بما فيها الأيديولوجية , لكنّ قيادات الحزب الشيوعي العراقي قد اضاعت على نفسها فرصاً ذهبية جرّاء تذمّر شرائح وقطاعات واسعة من الناس من ممارسات احزاب الأسلام السياسي , وكان الظرف مناسباً للغاية لتلك القيادات ” منذ عام 2003 ” للتغلغل بين الأوساط الجماهيرية وكسبها بغية خلق صف وطني علماني منظّم , وفشل الشيوعيون ايضاً في استغلال واستثمار ” الإعلام الفضائي ” وعموم وسائل الإعلام التي اعقبت الأحتلال في العراق , بل لا يُرى لهم ايّ انشطةٍ ملموسة في السوشيال ميديا , بالرغم من سيطرتهم على اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين , ودورهم كذلك في التظاهرات التي حدثت منذ عام ملموسة في السوشيال ميديا , بالرغم من سيطرتهم على اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين , ودورهم او مساهمتهم كذلك في التظاهرات التي حدثت منذ عام 2011 , لكنه ليس هنالك من حضور سياسي فعلي للحزب الشيوعي على الساحة السياسية .

ومع الأحترام لرجالات الحزب وخصوصاً من طبقة الأنتلجنسيا , ومن الذين حافظوا على مبدئيتهم , لكنّ وجود او بقاء الحزب او عدمه لم يعد يغير شيئاً .! , ولربما هنالك ضرورة لتغيير قيادات الكادر المتقدم والوسط في هذا الحزب لبثّ روحٍ جديدة , ومع احتمالاتٍ ضئيلة وضعيفة لإستعادة دوره المفترض .!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب