سواء أقيل او استقال تشاك هيغل وزير دفاع اوباما ،فأن النتيجة واحدة ،هي الفشل الامريكي في العراق والمنطقة ،وهو فشل مزدوج سياسي وعسكري،لذا بات واضحا ان استيراتيجية اوباما الجديدة تنتظرها الكثير من الاخفاقات على الارض ،ابتداء من الملف السوري وانتهاءا بالملف العراقي مرورا بملفات اليمن والبحرين وليبيا واوكرانيا ،ويبقى الملف النووي الايراني هو بيضة القبان في الشرق الاوسط ،والتحدي الاكبر الذي يواجه الحكومات الامريكية المتعاقبة ،والذي واقصد البرنامج النووي العسكري الايراني هو نتجية لتداعيات هزت المنطقة واجرت فيها تحولات دراماتيكية وعسكرية وتدمير وخراب دول مهمة افقدت التوازن الاستيراتيجي في المنطقة عبر التاريخ كله ،وفي مقدمة هذه الدول العراق ،الذي كان يشكل عقبة كأداء وسكينة خاصرة في وجه الاطماع الايرانية الفارسية ،وهو ما اطلق عليه بشرف حارس البابة الشرقية ،ولولا السياسة الفاشلة والتحابي والخنوع والاستخذال الامريكي تجاه طموحات ايران النووية،واطلاق يدها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها ،لكانت الاوضاع في المنطقة تأخذ منحا اخر نحو التطور والاستقرار والنمو الاقتصادي والاجتماعي،فكان البرنامج النووي الايراني الذي يهدد المنطقة والعالم والسياسة الايرانية التوسعية في مشروعها الكوني الديني في المد الشيعي الصفوي سببا رئيسيا،في ادخال المنطقة كلها في عواصف وحروب اهلية طائفية وعرقية ومذهبية ،يرافقها الحلم الامريكي اقامة الشرق الاوسط الكبير فتلاقت المصالح الامريكية-الايرانية في تخادم واضح جعل من المنقطة على فوهة بركان من القتل والتهجير والاغتيال والتدميروالتخريب واشعال الحروب الطائفية ،ليس في العراق ،وانما امتد الى جواره كتركيا والسعودية واليمن والبحرين واماكن اخرى من العالم ،لذلك سنركز هنا على الفشل الامريكي في العراق نموذجا ،ونعزو السبب الرئيسي في الفشل الامريكي(نحن نقيم ونحلل الوضع الحالي لامريكا ونعلم انه فشلها الاساسي هو باحتلال العراق وغزوه وتدميره واخراجه من خانة التوازن الاسترياتيجي الدولي)، هو دعمها الامحدود لنوري المالكي رئيسا للوزراء لدورتين ،والتي ادخل البلاد كلها في حرب اهلية طائفية طاحنة مازالت نارها تتصاعد في العراق دون ان يستطيع احد على اطفائها ،واوصلت البلاد الى عمق الهاوية السحيقة من الخراب والدمار والقتل والتهجير والاعتقال والاغتيال وغيرها،لذلك كان الانتقاد الامريكي حادا لسياسة اوباما من قبل الكونغرس الامريكي واعضاء الحزب الجمهوري تحديدا وخسرومنها خسارته لمقاعد في الكونغرس وتسيد الحزب الجمهوري على الكونغرس،واليوم يتعرض المالكي(لاول مرة) لانتقادات ايرانية مباشرة من حكام طهران تلقي عليه اللوم بان مشعل الطائفية في العراق والمنطقة،وسبب خراب البلاد وما جاورها بحروب طائفية لايعلم احد كيف تنتهي ومتى ،وما تصريح رفسنجاني رئيس ما يسمى تشخيص مصلحة النظام لسياسة المالكي وتحميله تأجيج الطائفية والحرب الاهلية(صرح بان سبب تصاعد الحرب الطائفية في المنطقة هو قيام شيعة ايران والعراق بسبب صحابة رسول الله الخليفة ابي بكر وعمر وام المؤمنين عائشة رضي الله عنهم اجمعين) ،الا اعتراف بسوء النهج الايراني المتطرف ،ودعمها للمالكي وسياسته الاقصائية والطائفية التدميرية في العراق ومسؤوليته المباشرة عن ظهور الدولة الاسلامية والفصائل الاسلامية التي تدير المعارك في المحافظات المنتفضة ضد الميليشيات والحرس الثوري وفيلق القدس الايراني التي يقودها قاسم سليماني وهادي العامري، فما كان من اوباما اعلان استيراتجية (جديدة) في العراق،كان مفتتحها اقالة تشاك هيغل وزيردفاعه،وتقديم حزمة اصلاحات امريكية للعراق على حيدر العبادي رئيس الوزراء الجديدان ينفذها فورا، لتمكين ادارة اوباما بالعمل معه وتقديم الدعم العسكري والسياسي والاعلامي له وانجاح مهمته ،التي يتربص ويعمل لافشالها نوري المالكي وجهات ايرانية لها مصلحة في المالكي ،فأل عمل قام به حيدر العبادي في التغيير الامريكي هو الغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي كان يديره المالكي شخصيا والذي سموه بئر الخيانة والفساد ،ثم تلاها بجملة من الاصلاحات والتغييرات ومنها اقالة واحالة عشرات الضباط الكبار من مناصبهم الحساسة والمهمة وهم من اتباع المالكي في الجيسش والاجهزة الامنية ،وكان اخرها اقالة اخر تابع للمالكي وهو عدنان الاسدي الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية وهناك العشرات معه من منتسبي الوزاري يجري الحاقهم بالاسدي ،وهناك ايضا اجراءات سياسية مهمة اخرى اجراها بتوجيه واشراف السفير الامريكي في بغداد ،فيما يخص اعادة التوازن لعرب السنة واجراءات المصالحة الوطنية الحقيقية (وهي اكذوبة طبعا وذر الرماد في العيون)،والانفتاح على الدول العربية وتمت زيارات لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء لدول عربية وقدوم مسؤولين عرب واجانب كبادرة لهذا الانفتاح ،وطي الصفحة السوداء لحكم المالكي ،يقابل هذه الاصلاحات عمل دؤوب خسيس للمالكي لافشال مهمة امريكا والعبادي في الاصلاحات منها (مهاجمته لادارة اوباما بقسوة )،وانتقاده لاصلاحات العبادي في داخل المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية وتمرده على تنفيذها هو واتباعه وازلامه وعصاباته الاجرامية فيها ،لذلك نراه يزور المحافظات ويحشد طائفيا لادامة زخم الاقتتال الطائفي والعمل على افشال العبادي بالقاء اللوم عليه في ظهور وتنامي خطر ما يسميه الارهاب في العراق ،على الدولة الاسلامية ،اليوم نرى الاوضاع العراقية تسير نحو الاسوأفي ظل فشل امريكي يعالج الاسباب والنتائج معا ،لا ان يعالج النتائج ويترك الاسباب ،فالاسباب واضحة وضوح الشمس وهي عبث الميليشيات الاجرامية الطائفية واشعالها الحرب الاهلية في العراق ،مما ولد العنف الطائفي المقابل، وهو ظهورالدولة الاسلامية والفصائل الاسلامية الاخرى مثل جيش رجال الطريقة النقشبندية والجيش الاسلامي وجيش المجاهدين وعشرات اخرى من الفصائل المسلحة التي تقاتل الان الميليشيات والجيش في المحافظات التي قادت التظاهرات والاعتصامات السلمية دون نتيجة وتعمد الاهمال والتجاهل للمطالب من قبل نوري المالكي وحكومته الفاسدة ،اضافة الى ضرورة ايقاف التدخل والاحتلال الايراني الوقح في العراق ،والذي نعتقده السبب المباشر لما يجري من تدمير وتخريب وحرب طائفية في العراق ،ونرى ايضا ان اصلاحات العبادي الخجولة غير كافية ولاتذكر امام حجم التحولات والاصلاحات المطلوبة جماهيريا وشعبيا ،لايقاف الحرب الطائفية الاهلية التي اشعلها سلفه السيء نوري المالكي بدعم ايراني واضح في العراق ،ونؤكد ان الاستيراتيجية الامريكية الجديدة لايمكن لها النجاح بزعمها (انها تواجه ارهاب الدولة الاسلامية في العراق وسوريا ولا يمكن القضاء على الدولة الاسلامية الا بزوال نظام الاسد )وهي تريد ان تضرب عصفورين بحجر واحد،الا بالقضاءعلى الميليشيات الايرانية وايقافها عند حدها ومنع التدخل الايراني العسكري في العراق وسوريا معا ،والذي تساوم ايران حاليا عليه مع امريكا مقابل برنامجها النووي ،اذن اصبح مصير العراق وسوريا والمنطقة عموما يخضع الى صفقات ومساومات امريكية-ايرانية ،وهنا الفشل والتخبط الاستيراتيجي الامريكي ،الذي لم ولن تشفع له كل اصلاحات العبادي واوباما …………….