19 ديسمبر، 2024 10:23 م

فساد النفوس يعطل النصوص ولايلغيها ” حزب الدعوة ألآسلامية مثالا “

فساد النفوس يعطل النصوص ولايلغيها ” حزب الدعوة ألآسلامية مثالا “

لم يكن حزب الدعوة ألآسلامية  أستثناءا في تاريخ الاحزاب الرسالية التي تصدت لآصلاح المجتمع طبقا للنهج ألآسلامي الذي قاده رسول الله “ص” حتى أتمام النعمة وأكمال الدين , فكان موعد رحيله للرفيق ألآعلى أختبارا لمن كان حوله ممن شملتهم تسمية الصحبة , ولم يحقق بعضهم مضمونها , والرصد الفكري لمسيرة ذلك البعض لايخفى عليه رصد الهنات ووقوع التخرصات التي كانت تختزن ثغرات النفوس وعدم نضج بعض العقول ممن دخلت في الحدث الرسالي ولم تستوعبه , فبان ضعفهم وظهر أرتباك منطقهم عندما قال أحدهم عند أنتقال النبي ألآكرم “ص” الى الرفيق ألآعلى مخيرا بين الحياة المديدة في الدنيا , والحياة الخالدة في نعيم الرحمن وفي المقام المحمود الذي وعده الله تعالى به , فكان أختياره المقام المحمود لا لنفسه وأنما لصالح أمته حيث يكون شفيعا لآصحاب الذنوب , وما يؤيد مانقوله ونذهب اليه هو أنه عندما سمع ذات مرة من أخيه جبرائيل الروح ألآمين أن لجهنم سبعة أبواب , وأن أصحاب الكبائر من أمة محمد “ص” هم في الدرك ألآسفل من النار ؟ أغشي على الرسول الكريم الذي بعثه الله رحمة للعالمين وقال له “وأنك لعلى خلق عظيم ” فخلق النبي الكريم تجعله لايهدأ له بال حتى يطمأن على مصير أمته كلها وحتى أصحاب الكبائر منهم , ومن هنا عرفت ألآمة ألآسلامية بألآمة المرحومة ببركة النبي “ص” وأوصيائه الكرام المطهرين من الرجس والذين شاء الله أن يجعل مودتهم من قبل ألآمة والناس أجمع هي ألآجر الذي يوفى لله ولرسوله ألآمين , وسنجد أن هذا ألآجر وتلك المودة لم توفى بل فعل البعض ماهو ضد الوفاء وعكسه هي الخيانة للحبيب المصطفى وقتل الحسين سبط رسول الله “ص” وحيدا في كربلاء هو الشاهد على خيانة البعض , حتى قال المفسرون أن السماء بكت دما في حالتين هما قتل النبي يحيى عليه السلام وقتل الحسين عليه السلام وهو سبط من ألآسباط المطهرة , والذي قال عند وفاة النبي “ص” من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ” ومن يعمل الفكر ويتأمل بهذه المقولة بعيدا عن ألآراجيف الطائفية , يجد في ذلك القول تناقضا غير مقبول , فلم يكن أحدا يعبد محمدا في حياته ولم يعرف لذلك تفسير سوى لجاجة تسل الرأي , ولذلك أنتهزت الفئة التي كانت تناصب رسول الله وأهل بيته العداء وهم سلالة بني عبد الدار المتمثلة بأبي سفيان وولده معاوية الذي كان عمر بن الخطاب يضربه بالدرة لكسر كبريائه كما كان يقول , ولكن عثمان بن عفان أعطاه ولاية الشام فتحولت الى ملك عضوض لبني أمية , ومن هنا أصبح فساد النفوس معطلا للنصوص كما فعل معاوية ولكن ذلك لم يلغي النصوص لآن الله سبحانه وتعالى قرر بعدله ولطفه ورحمته حماية النص القرأني ” أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون ” وحماية النص القرأني الكريم هو حماية للشريعة ألآسلامية من التحريف رغم كل ماواجهته من التحديات من فساد النفوس الذي تمثل في بني أمية وبني العباس الذين أسقطوا الدولة ألآسلامية التي تعطلت فيها النصوص الى المغول , بينما كان زلل الرأي الذي حكم السيف على رقاب الشورى  قد سلم أمارة المسلمين لمن فتحوا الطريق أمام فساد النفوس , وعن ذلك ألآلتباس في الرأي يحدثنا تلميذ رسول الله “ص” علي بن أبي طالب عليهما السلام حيث يقول عن حقبة زلل الرأي وخطأ المشورة حيث يقول : لله در فلان سبق الفتنة وأقام السنة ذهب نقي الثوب قليل العيب , وتركهم في معضلة لايهتدي فيها الضال ولايستهدي فيها المهتدي , ومعنى ذلك بدون مواربة , أن كلا من الخليفتين أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لم يأخذا من بيت المال وكانا مخلصين لله ورسوله ولكنهما لم يكونا بنفس المستوى من حيث صواب الرأي , ومقولة ” من كان يعبد محمدا فأن محمدا قدمات هي التي فتحت لبني أمية نفي القدسية عن رسول الله “ص” فهو بشر كباقي الناس وقد مات ولم يعد له حضور في نفوس المسلمين , وهذا الفهم الذي يخالف نصوص القرأن ” ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ” وحكاية النص القرأني الكريم عن المقام المحمود لرسول الله في اليوم ألآخر , وعن جعله مقرونا “ص” بالساعة وعلاماتها ” فيم أنت من ذكراها ” ومفهوم الموت العدم لرسول الله “ص” هو الذي تلقفته الوهابية منطلقة من صاحب الفتوى الحموية لتأسس لجهالة جديدة أنتجت ألآرهاب التكفيري الذي يجعل من سوء فهمهم للنص القرأني مقرونا بالسيف هي المعادلة النهائية لنشر الرعب بأسم ألآسلام , وقد جاءت كلمة ” أن الرجل ليهجر والمقصود بالرجل رسول الله “ص” التي قالها من كان كثير ألآعتراض بدون علم على رسول الله كما في حالة الصلاة على أحد المنافقين نتيجة رجاء من ولده المؤمن , والحادثة ألآخرى في حادثة حاطب بن أبي بلتعه الذي راسل كفار مكة سرا ولما أنكشف أمره وأعترف لرسول الله وطلب العفو فقبل رسول الله “ص” عذره وتوبته , بينما طلب عمر بن الخطاب أن يقطع رأسه ؟ وثالث الحوادث المهمة حادثة دفع الصدقة لمن يريد النجوى مع رسول الله ” قدموا بين يدي نجواكم صدقة ” ولم يلتزم بهذا ألآمر غير علي بن أبي طالب لآن الله أمتحن قلبه للآيمان منذ أقدامه على أن يكون أول المؤمنين بنبوة محمد “ص” وعمر العشر سنوات في فهم ألآصطفاء وألآجتباء القرأني أمر مسبوق بأقل من ذلك ففي المهد كان عيسى عليه السلام يكلم الناس , ويحيى كان صبيا وأتاه الله الحكم ” وأتيناه الحكم صبيا ” ويوسف النبي “ع” كان منذ طفولته برعاية اللطف ألآلهي الذي خلصه من مكر أخوته وأنجاه من غيابة الجب , ثم كان موسى عليه السلام في عناية الله منذ ولادته وأنجاه من أنتقام فرعون وبطشه , ونبينا محمد “ص” كان يقول قبل بعثته لقد كان حجر يسلم علي كلما مررت به ولازلت أعرف مكانه , هذه هي فيوضات الله على الذرية الصالحة ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم – 34- أل عمران –

والنفوس البشرية غير المعصومة  معرضة للفساد  , وفساد النفوس كما عرفنا في أي مرحلة تاريخية يعمل على تعطيل بعض النصوص ولكنها لاتلغيها , لآن النفوس يتوفاها الله بالموت ” أنك ميت وأنهم ميتون ..” ولكن عالم ألآخرة والشهادة هو من يميز بين الخالدين في النعيم والخالدين في الجحيم , والنعيم في الدنيا هو وجود المعصوم ” يومئذ تسئلون عن النعيم ” وعندما سأل ألآمام الصادق “ع” أحد علماء المذاهب في عصره عن النعيم قال : هو الطعام والشراب في الدنيا , فقال له الصادق “ع” أذن سيطول وقوفك أمام الله أذاسألك عن كل طعام وشراب في الدنيا ؟ فقال ذلك العالم فماهو النعيم يأأبن رسول الله ؟ قال “ع” هو ولايتنا نحن عترة النبي ففيها الخلاص من الشبهات , والسير بطريق النجاة ولذلك قيل للآمام الحسين “ع” أنه سفينة النجاة بعد أن أدلهمت الخطوب وكثر طوفان الفساد .

وحزب الدعوة ألآسلامية الذي أسسه عبد من عباد الله المخلصين وفقيه من فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام ذلك هو  الشهيد محمد باقر الصدر مؤسس نظرية التفسير الذاتي في المعرفة البشرية التي كان يقودها أرسطو صاحب نظرية التفسير الموضوعي , ومحمد باقر الصدر هو صاحب الثلاثية الفكرية ” فلسفتنا , أقتصادنا , والبنك الاربوي في ألآسلام ” وبذلك يكون مؤسس حزب الدعوة ألآسلامية لم يؤسس حزبا تنظيميا سياسيا وأنما أهدى العالم أطروحة فكرية علمية فلسفية مصرفية أقتصادية , وفقهية , وهذا مما لم يعطه أي من ألآحزاب القديمة والحديثة .

وحزب الدعوة ألآسلامية كان مؤسسه يريده أن يكون داخلا في مفهوم حزب الله القرأني , وأمين عام حزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله هو من تشرف بلبس العمامة من قبل السيد الشهيد المرجع  محمد باقرالصدر الذي قال له : أني أتوسم فيك قيادة تمهد لظهور المهدي المنتظر “عج ” وكان عمر السيد حسن نصر الله لايزيد على “16” عاما , وعلى ذكر عدد السنين فأن السيد محمد باقر الصدر كتب ” غاية الفكر في علم أصول الفقه ” وكتب فدك في التاريخ وعمره “16” سنة , وكتاب فدك في التاريخ رأيته في واجهة كتب مكتبة برلين في ألمانيا عندما زرتها في الثمانينات , بينما أخبرني من أثق به أن مؤلفات الشهيد محمد باقر الصدر غير موجودة في بعض المكتبات الحوزوية ؟

وبعد تفرغ السيد الشهيد كمرجع فقهي للحوزة تدريسا وللمرجعية أشرافا وطلب من قيادة حزب الدعوة ألآستمرار بالعمل , وذلك بسبب معرفة بعض المشبوهين من أتباع ألآحزاب الوضعية الفاسدة بتنظيم حزب الدعوة عام ” 1960 ” وكان لايزال في المرحلة السرية من العمل التنظيمي , وقد قام ذلك الشخص وهو المدعو ” حسين الصافي ” وكان بعثيا قام بالوشاية عند السيد المرجع محسن الحكيم رحمه الله فكشف أسماء السيد مهدي الحكيم والسيد محمد باقر الحكيم , وقال للسيد المرجع محسن الحكيم أن محمد باقر الصدر هو رئيس حزب الدعوة وهو خطر على الحوزة , ولكن السيد محسن الحكيم نهر ذلك الواشي وقال له أنت لست أكثر خلاصا على الحوزة من محمد باقر الصدر ؟ لكن السيد محسن الحكيم طلب من ولديه التوقف عن التنظيم , وقال للسيد الصدر أن أعدائك سوف لن يتركوا لك مجالا ونحن نريدك أملا للحوزة , فعمل السيد محمد باقر الصدر بثاقب رؤيته وتشخيص المصلحة , فرأي التوقف عن التنظيم الحزبي والتفرغ للحوزة والمرجعية وهو رأي صائب , ولكن البعض فسروه خطأ والبعض ألآخر لم يستوعبوه , وهذا هو شأن أصحاب الرأي والفكر الصائب المسدد بهدي السماء دائما يصطدمون بضعاف العقول وفاسدي النفوس .

وبعد تخلي القائد السيد محمد باقر الصدر عن المسؤولية المباشرة لقيادة حزب الدعوة ألآسلامية , دبت الخلافات , وحدثت بلبلة بين رجال الصف ألآول , ولآن المرحلة كانت سرية لم يكن الدعاة في مرحلة بداية ألآنتشار يعرفون مايدور داخل القيادة , وكحالة بشرية غير معصومة تساقطت بعض الشخصيات المحسوبة على القيادة , ومن تلك ألآسماء هو الشيخ علي الكوراني الذي أشتهر بالقول عندم نجحت الثورة ألآسلامية في أيران بقوله أذا أشرقت الشمس لاحاجة للشمعة , ويقصد بالشمعة هو حزب الدعوة وبالشمس هي الجمهورية ألآسلامية في أيران التي نقدر جهادها في خضم بحر من الفساد العالمي , ولكن مقاربة الشيخ الكوراني الذي نقدر مثابرته على البحث والدراسة ولكنه لم يوفق في مقاربته لما فيها من مغالطة , فالشمس لانستغني عنها , والشمعة نحتاجها في بعض ألآوقات على قاعدة وكل في فلك يسبحون ” فالليل موجود عندما توجد الشمس في الطرف ألآخر من الكرة ألآرضية , والشمعة تزداد حاجتها في الليل , ثم أن حزب الله المجاهد في لبنان والذي عجزت الحكومات الصهيونية وجيشها عن مواجهته هو من المبررات الضرورية عقلا لبقاء حزب الدعوة ألآسلامية وعدم التفريط به بأستعجال أصدار ألآحكام غير الناجزة على صعيد المبدأ والوسيلة .

ومن العقبات التي واجهت حزب الدعوة سرا على مستوى القيادة هو الخلاف بين المرحوم الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي صاحب البحوث التي أغنت المكتبة العربية وألآسلامية في كل من القطيف وألآحساء وكل من جامعة الملك عبد العزيز أل سعود في السعودية والجامعة ألآسلامية في لندن , والخلاف بين المرحوم المجاهد المهندي محمد هادي السبيتي الذي تميز بعقل حركي سياسي قيادي من الطراز ألآول , وكان عراب الفصل بذلك الخلاف هو العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري مؤسس كلية أصول الدين في بغداد وصاحب كتاب ” مائة صحابي مختلق ” وقد رجح كفة المهندس محمد هادي السبيتي على كفة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي مما أعتبر من قبل البعض ترجيحا للآفندية على المعممين وهو رأي لايستند الى مفهوم شرعي ولا الى فكر منفتح , وهذا ما أخبرني به المرحوم السيد مرتضى العسكري وكان نادما على ماذهب اليه , لآنه أصطدم بالمجاهد القيادي المهندس محمد هادي السبيتي في أول أيام الهجرة حيث أخبرني المرحوم محمد هادي السبيتي وكان عام 1980 يعمل مهندسا أستشاريا في ألآردن وعند لقائه بي في دمشق عام 1980 طلب مني معرفة لماذا خرجت من أيران ؟ فقلت له أنت من خرجت من أيران قبلي فعليك بيان الجواب ثم أجيبك ؟ فشرح لي كيف تعرض للتهجم أثناء نقاشه مع السيد العسكري الذي كان يحلل الوضع السياسي في أيران , وكيف رد محمد هادي السبيتي على ذلك التحليل وبين ثغراته مما لم يعجب أحد الحاضرين وهو الشيخ محمد مهدي ألآصفي المعروف بتدينه وخلقه وأخلاصه في خدمة ألآسلام والذي عمل مدة من الزمن ناطقا بأسم حزب الدعوة ألآسلامية , وعلى أثر ذلك التهجم كما أخبرني المرحوم محمد هادي السبيتي ترك أيران وأستقر في ألآردن وعندما عاتبته ولمته على وجوده في ألآردن الذي كان في تلك الفترة متعاونا مع نظام صدام حسين , وكان صدام حسين يعطي راتبا شهريا لكل بعثي أردني أعترف بذلك أحد أبناء البعثيين في ألآردن عندما عاتبه شاب عراقي بعد سقوط صدام حسين وقال له لماذا كنتم تقفون مع صدام وهو يقتل العراقيين ويدمر بلادهم وبلاد العرب , فقال له الشاب ألآردني ضع نفسك في مكاني لقد كان أبي يحصل من صدام على ألف دولار شهريا وكنت أنا أحصل على خمسمائة دولار شهريا ؟ فكيف لانقف معه وعندما سقط صدام خسرنا ألفا وخمسمائة دولار شهريا فمن يعوضنا ذلك ؟ وهذا هو البلاء الذي عم الشعوب العربية ركضا وراء المادة وتخليا عن القيم والمبادئ .

ومن العوامل التي أثرت سلبا على تنظيم حزب الدعوة في مراحل مبكرة من عمله هو أسناد المسؤوليات التنظيمية لعناصر لم تكن مؤهلة على المستويات النفسية والفكرية , فبعضها أصبح مسؤولا لمحافظة كاملة وبعضهم أصبح مسؤولا لقطاع مهم وحساس وهو لم يصل لحدود الكفاءة المبرئة للذمة , وحتى القيادة لم تسلم من ذلك التهافت غير المحسوبة نتائجه بدقة , فمجر السن والمعاصرة للحدث جعلت من البعض من المؤسسين ولم يتورع بعضهم من عديمي الكفاءة واللياقة من البقاء متسربلا بجلباب التأسيس وهو ليس مؤسسا وحريصا على أدعاء القيادة وهو لايملك مؤهلاتها , ولقد كشفت ألآحداث لاحقا كيف أن بعض مسؤولي حزب الدعوة في تلك المرحلة من الستينات والسبعينات ظهروا لاحقا بأنهم لايقدروا على أدارة أسرهم , وبعضهم فشل فشلا ذريعا مهنيا وأداريا وأجتماعيا , وبعضهم فشل سياسيا مما يعني أن أعطائه مسؤولية تنظيمية كبيرة كان خطأ , وهذا ألآمر يستوجب أعادة النظر في مسألة تشكيل ألآحزاب حتى لاتتحول الظاهرة الحزبية الى هدف يسعى اليه ضعاف النفوس ومرضى العقول .

ومثلما تحولت السقيفة الى أقصاء الكفاءات الرسالية المشهود لها نصا من قبل الله ” أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” وهو نص جلي وصريح لمن يعرف العربية وبيانها , وتحولت الى ألآعراض عن الصحابة المشهود لهم من قبل رسول الله ” ص” مثل : سلمان منا أهل البيت ” وألآقصاء وألآعراض كان بحجة أنهم ليسوا من قريش ؟ وبذلك رد ألآمام علي “ع” قائلا : تمسكوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة ؟

على أن الذين مارسوا ألآقصاء وألآبعاد كانوا من المخلصين ومن الذين لم يسرقوا من بيت المال مثل الخليفة أبو بكر , والخليفة عمر بن الخطاب , ولكنهم وقعوا في شبهة الحكم وعدم صواب الرأي , فعطلوا بعض النصوص مثل وراثة ألآنبياء فكانت فدك ضحية عدم صواب الرأي , وكان ” بلغ ما أنزل اليك من ربك .. ” ضحية عدم أعطاء التأويل لآهله وهم الراسخون في العلم , ولا أحد ممن شارك في السقيفة كان من الراسخين في العلم وهذه حقيقة يعرفها العلماء الربانيون ولايعرفها أصحاب التعليقات الذين لم تكتمل لديهم معرفة موثوق بها تجعلهم يظهرون للعلن بأراء وحوارات مستوعبة لمايدور الحديث عنه , ولذلك نراهم لايعرفون ألآ السباب والشتائم وألآتهامات وتلك بضاعة المفلسين , ويظل العتب على أصحاب المدونات الذين يسمحون بنشر مايحط من مطبوعتهم ومدونتهم وما ينتقص من خبرتهم في التحريرومصداقيتهم في سوء فهم حرية الرأي , أن حزب الدعوة ألآسلامية تعرض الى فساد النفوس بشكل غير مسبوق , وربما يقترب من ذلك حزب ألآخوان المسلمين ” مرحلة الحكم في مصر , ولكن حزب الدعوة ألآسلامية وصل الى الحكم منهكا ولم يكن يحتوي على قائمة رجال بمضمون المحتوى الرسالي , ثم أن طريقة وصوله للحكم لم تكن بجهوده الخاصة , وأنما كان مستثمرا لجهود غيره ” وهو ألآحتلال ألآمريكي ” الذي كان ذكيا في توريط غيره في سلبيات الحكم رغم كونه ليس بعيدا عن أنعكاس السلبيات ولو على مراحل قادمة , لقد كان المحسوبون على حزب الدعوة شكلا وليس مضمونا يعيشون حالة من أنعدام التوازن الفكري والروحي , فبعضهم كان منشقا على الخط الرسالي للحزب بأيحاءات ليست نابعة من داخل الحزب مثل هاشم الموسوي وخضير الخزاعي وعبد الكريم العنزي  , وبعضهم كان يائسا محبطا بسبب بقائه  في مكاتب مهجورة شعبيا مثل نوري المالكي وعلي ألآديب وحليم الزهيري وحسن شبر  , وبعضهم كان متخليا عن فكرة المراهنة على حزب الدعوة كخيار مستقبلي مثل أبراهيم عبد الكريم ألآشيقر ” الجعفري ” ولذلك رأيناه يسارع الى تشكيل تيار ألآصلاح مما أثبت عجزة عن الوصول الى الرأي الصائب , فكان فساد رأيه مثالا على من لم يكن فاسدا في المال كحال الحقبة التاريخية ألآولى من حياة المسلمين حيث ظهر ضعف الرأي وفساده عند من كان نظيف اليد .

وهكذا رأينا كيف يعمل فساد النفوس على تعطيل النصوص دون ألغائها .

لكن ألآمر في حزب الدعوة ألآسلامية يختلف عما وقع في الصدر ألآول للاسلام وأن أستعنا بشرح أبعاده لآلقاء الضوء على قضية حساسة ومعقدة من تاريخ المسلمين , فالحزب كل حزب ينمو بسرعة ويموت بسرعة , وحزب الدعوة ألآسلامية نتيجة ما أرتكب بأسمه في مرحلة ” 2003 – 2014 ” نتيجة دخوله أرتجاليا في حكم هو في حقيقته خليط هجين من أرادات غير وطنية تمارس تجربة المحاور على طريقة ” مصلحتنا أولا ” ولذلك تركت العراق عاريا من الحماية ألآمنية , وخاويا من الروح الوطنية ومهشما أقتصاديا , فكان الذي حدث في 10|6|2014 هو صدمة مصحوبة بالرعب والفراغ المخيف , لذلك حمل حزب الدعوة ألآسلامية أخطاء من كانوا محسوبين عليه ظاهريا وهم مابين منشق عاق للحزب , ومابين منتمي مملوء بالخيبة واليأس , ومابين مستفيد على ظهر الحزب , ومع هذا الخليط غير المتجانس الذين جمعتهم شهوة السلطة وأغراءاتها دب أفراد يبحثون عن مصالحهم الشخصية ونزعاتهم الفردية , فكان منهم الوزير والنائب والضابط المتسلق المغير لولاءاته , والمدير العام المنهوم بالكرسي والضعيف ألآرادة والمعدوم الخبرة .

أن فساد المحسوبين على حزب الدعوة ألآسلامية هو مرض معدي أنتقل اليهم من محيطهم ومن بيئة لم يكونوا محصنين تجاه فيروساتها , لآنهم لم يكونوا يستنشقون هواء الحزب ولا يأكلون من مائدته الفكرية التي هي مائدة ألآسلام , وأنما كانوا يعيشون الغربة الروحية قبل أن يدخلوا العراق , فعندما فتحت لهم سرادق السلطة برعاية أمريكية لم يرفضوها كما رفض ألآمام علي بن موسى الرضا “ع” ولاية العهد من قبل المأمون العباسي , لآنها كانت كمينا عباسيا لآمتصاص نقمة أتباع مدرسة أهل البيت “ع” التي ظلت تؤرقهم وتفسد عليهم أحلامهم , والكمين ألآمريكي لم يكن لحزب الدعوة ألآسلامية فقط وأنما كان لكل ألآحزاب والتجمعات ذات الصبغة ألآسلامية ومعها العلمانية لآنه كان يسعى لخسارة الجميع وكل من يشكل خطرا ولو بنسبة ضئيلة على أمن أسرائيل .

ويتذكر الدكتور الجعفري جيدا ماقلته له في لقاءنا ألآول بعد السقوط وفي بيت أحد أصداءنا في الكرادة وكان عدنان ألآسدي مرافقا للجعفري ولذلك لم يحضر مادار بيننا من حديث حيث قلت للجعفري أن العراق أصبح محتلا , وأهل ألآحتلال سوف لن يعطوا فرصة للحكومات التي سوف تشكل وكان مجلس الحكم لم يشكل بعد , وقلت للجعفري ستكون الحكومات عبارة عن حرق أوراق لذلك أرى أن لاندخل القيادات في الحكومات التي سوف يشكلها ألآمريكيون , بل علينا أن ندخل في الحكومات أصحاب الشهادات الكفوئين حتى وأن كانوا غير معروفين وهؤلاء سوف تحرق أوراقهم , فيرجع الطبيب منهم الى طبابته والمهندس الى ورشة عمله , وألاستاذ الى مدرسته أو جامعته , ونجعل القادة يعيشون مع القواعد الشعبية ميدانيا , فشعبنا ترك وحرم من نعمة الثقافة والتوجيه الصحيح , وقلت للجعفري أن القيادات أذا دخلت الحكم في تلك المرحلة ” 2003 ” ستحرق أوراقها فنخسرها في الدولة وفي المجتمع وهي خسارة مضاعفة , وسكت الجعفري , وأفترقنا ولم نلتقي , وعندما دخلت الميدان مع القواعد الشعبية محاضرا في الجامعات والمساجد والمستشفيات والمدارس ومضايف العشائر والمجالس الثقافية في بغداد كمجلس الربيعي والشعرباف , وكاتبا في المجلات والصحف اليومية , وأستغرق هذا ألآمر كل وقتي وأذا بي أكتشف أن الجعفري والمالكي وغيرهم يسعون للحصول على الكراسي والمناصب وتركوا ألآمة في فقرها وعوزها ومحنتها مع ألآرهاب المتصاعد بدعم خليجي منذ أيام مايسمى بالحملة ألآيمانية التي ولدت ميتة من المبادئ والقيم ألآ ماتروجه الوهابية من تكفير وكسب ألآتباع بألآغراءات المادية ولآن الشعب العراقي كان محاصرا أقتصاديا لذلك كان مبلغ المائة دولار تعني كثيرا للشباب العاطل أو لطلاب الجامعات .

وكان المخطط ألآمريكي يراقب المشهد العراقي الذي وضعه على نارمستعجلة  فما ينضج من الطبخ هو حصته قبل غيره وهذا ماحدث .

أن الذين أخذوا مناصبا بالمحاصصة بأسم الدعوة ألآسلامية كانوا من ألآمثلة الثلاثة التي ذكرناها وهم جميعا لم يعطوا للدعوة ألآسلامية بمقدار ما أخذوا منها , ولكن ما أخذوه هو حطام دنيا فانية ورثتهم عاجلا سمعة سيئة وحملتهم وزرا سيكون ثقيلا حسابه يوم الحساب الذي لامرد له , أن لجاجة الرأي وأستخفاف المسؤولية هي التي جعلت مناصب الدولة مفتوحة أمام شهية الطامعين والمتزلفين والمنافقين وكلهم يعانون من فساد النفوس , ومسؤولية ذلك لايعفى منها كل من أستلم منصابا طمعا بألآمتيازات , فما يعاني منه الشعب العراقي من نقص الخدمات وأنعدام التأمينات وضياع الحقوق والحريات يضاف لهم المهجرون والنازحون ومحنتهم في معاناة تطول أيامها , كل ذلك هو بسبب طلاب السلطة وأدعياء حب الظهور ممن لم ينضجوا سياسيا ولا أجتماعيا حتى كان حالهم كحال البيضة التي أختلط صفارها ببياضها فلم تعد تنتج جنينا ولاتصلح للآكل طعاما , وهذا حال الفاسدين الذين أستسهلوا ألآنتساب للدعوة ألآسلامية ظاهرا وأخفوا شياطينهم وأباليسهم ففضحتهم رائحة الخيانة التي دوت في جنبات الموصل الحدباء فأنتقلت سريعا لتعم أجواء العراق ومناخاته المكبوتة بالحسرة وألآلم الذي يستجمع تاريخ ألآعتداء على حرمة النصوص رغم قداستها , ولكن أصحاب ألآعتداءات من ذوي النفوس المريضة في الحقب المتقدمة من تاريخ ألآسلام وألآيمان الموحد بالحنفية ألآولى والواقعة في حقبة زماننا وتجسدت فيمن أساء للدعوة ألآسلامية فكرا , وأساء للشعب العراقي في أمنه وأقتصاده ومستقبله , كل أولئك ممن عطلوا النصوص عبثا بنزواتهم نسوا أنهم لن يستطيعوا ألغاء النصوص , وهذا مايجعل التجدد عبر ألآجيال معبرا وجسرا لتحقق ألآمال عبر منظومة الكون المسبح لمن جاءته السماوات وألآرض طائعة وتلك سنة الله

أحدث المقالات

أحدث المقالات