الفساد بكل اشكاله المالي والاداري والسياسي وغيره لا يخلو منه اي بلد في العالم بتفاوت وبالمستوى المعقول الا الفساد في العراق فباعلى المستويات اللامعقولة والفاسد في بقية البلدان له من الذوق السليم بحيث يعمل الحد الادنى تجاه واجبه ويشعر ولو بالحد الادنى من المسؤولية الوطنية بحيث ربما لا تشعر بفساده .اما فاسدينا فيمتازون بقلة الذوق بحيث بالرغم من اغتنائهم الفاحش من خلال مراكزهم ونفوذهم لا يقومون بالحد الادنى مما يملي عليهم واجبهم تجاه المهمة الموكلة اليهم وان ادى ذلك الى معانات ماساوية لمواطنيهم الذين ائتمنوهم واوصلوهم لمراكزهم وكانهم عديمي الاحساس والشعور والغيرة الوطنية والانسانية والدينية.وبالاضافة فانهم لا يحترمون الوقت ومنهم من لا يعمل ولو ساعة في اليوم كعمل منتج.ناهيك عن عدم كفاءتهم وجهالتهم وغباء الكثيرين منهم. لذا فمصيبتنا مضاعفة وليس كباقي الدول.وفوق هذا وذاك فلا يوجد من يفكر بالتطوير الاداري والمتابعة والمحاسبة ومبدا الثواب والعقاب وعلى اعلى المستويات.ومما لا يطاق ان تراهم في اجتماعاتهم وهم يضحكون ويتمضحكون وكان الدنيا ربيع والجو بديع وقد ذهب ماء وجههم وشر البلية ما يضحك.فلا يحسون حتى بمن يقتات على المزابل في اغنى بلد في العالم.الغرباء من دول الكفار يحسون اكثر منهم بالنازحين والمهجرين والمهاجرين والارامل والايتام وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى .ناهيك عن الشهداء والجرحى. منذ سقوط نظام البعث انجرف الجميع الا ما ندر مع الفساد الموجود والمؤسس له من قبل نظام البعث والذي شجعه الامريكان ببداية خاطئة او بتعمد الى ان استفحل بنفس ممارسات النظام السابق .وبوجود الفساد الطاغي اصبحت المحاصصة التى شرعن لها الامريكان تعني التنافس بين الكتل والاحزاب على نهب المال العام والشاطر هو الذي يوفر اكبر كمية من المال لحزبه وكتلته ونفسه ليكون الاقوى على المدى البعيد.وكتلته وحزبه توفر له الحماية والدعاية والدفاع عنه وغسله وغسل امواله المنهوبة من قوت الشعب وهي مطمئنة بان الجميع على هذا الطريق من تكافل الفاسدين على مبدا ( شيلني واشيلك) بين الكتل والاحزاب والاشخاص .فيتفننون باساليب الاختلاس والنهب فلا يكتفون بالطرق المتعارف عليها من الرشوة و(الكومشن) بل بوتيرة متصاعدة وصولا للمشاريع الوهمية والشركات الوهمية و الوثائق والمستندات المزورة والكتب والتوجيهات والاوامر المزورة والمواد والمعدات والاجهزة المغشوشة والكميات الغير حقيقية وتغيير تواريخ انتهاء الصلاحية وحرق مستندات وادلة واعتقال واختطاف لاجل الابتزازوتجاوز على الاملاك والعقارات وتبديل الاوراق التحقيقية واطلاق سراح المسجونين والمجرمين وحتى تهريب الارهابيين لقاء اموال وتهريب النفط وسرقة المخازن ومشاجب السلاح وحتى الاسماء الوهمية لزيادة اعداد الاشخاص المعينين في الدوائر والجيش والشرطة وحتى الحشد الشعبي (كفضائيين) لتذهب رواتبهم لجيوب الفاسدين بدون رقيب او حسيب ناهيك عن البطالة المقنعة والتوظيف على مبدا المحسوبية والمنسوبية والرشوة وحتى المعاملات الروتينية لا تمشي الا بالرشوة او الاكرامية كما كانت في زمن حكم البعث.الغالبية العظمى من المسؤولين انغمسوا في الفساد بكل اشكاله الى حد انهم نسوا كل تاريخهم النضالي بحيث اصبحوا يهادنون البعث وثقافته وحلفائه من الارهاب والفساد للتغطية على فسادهم وسهولة تمريره في المجتمع بجعله عرف سائد فلطفوا وجه البعث ونظامه بادائهم السييء الغير متوقع.لا مجال لسرد تفاصيل كل ماتقدم وخاصة وان الفساد في العراق اصبح بوضوح الشمس لدرجة ان احد الفاسدين الذين ربما استيقظ ضميره واشجع من غيره وتحسب له بحيث اعترف على الملاء في احدى القنوات التلفزيونية وقال (الكل فاسد وانا منهم استلمت بضعة ملايين من
الدولارات كرشوة .)ولا بد ان نذكر بان العراق لم يكن ليصل لهذه الدرجة من الانحطاط القيمي لولا حكم البعث الذي خرب النفوس واحبط الشعب وروضه منذ اغتياله لثورة 14 تموز وقائدها الشهيد النزيه عبد الكريم قاسم التى تمر ذكراها المشؤومة هذه الايام .وبالمناسبة ان التحالف الذي اسقط حكم عبدالكريم قاسم هو الذي يحكم العراق الان.اي المتامرين على ثورة تموز كانوا البعثيين والقومجية ورجال الدين وشيوخ العشائر وكل المتخلفين وبالتحالف مع عملاء القوى الاقليمية والدولية الانكليزية والامريكية فنفوذ هؤلاء هو المسيطر على العراق الان.فالشعب العراقي الذي افسده حكم البعث لعقود لا بد ان يستعيد وعيه الجمعي واصالته المتاتية من عمق حظارته وبيئته الثورية ويكنس كل الادران من تاريخه المشرف ليبني نظامه المدني الديمقراطي المتحضر العادل الذي يستحقه بانتفاضة عارمة ان لم يتمكن حيدر العبادي من تنفيذ حملاته الاصلاحية وبرنامجه الوزاري الموعود مع حزمة البرلمان الاصلاحية .الظاهر ان رئيس مجلس الوزراء لا يتجرا تحدي شركائه في الحكم بالرغم من نيته الحقيقية للاصلاح الا بقيام مظاهرات مليونية لذا الامل في مرجعية السيد السيستاني لتتحمل مسؤوليتها باصدار فتوى لتحريك اتباعها المظلومين للاشتراك في المظاهرات المليونية بدلا من الزيارات المليونية وخاصة وان المرجعية تتحمل المسؤولية الرئيسية لوصول هؤلاء الى الحكم منذ انتخابات سنة 2005.لدينا 2500 منظمة مجتمع مدني الا يمكنهم حشد ولو عشرة انفار لكل منهم للمظاهرات ان لم يكن جلهم فاسدين او وهميين؟ السيد حيدر العبادي لم يتمكن من تطبيق حتى الحزم الاصلاحية التي اعلنها تطبيقا مرضيا بسبب عدم تعاون شركاءه ودعمهم له بنية حقيقية صافية بالرغم من انحناء الجميع امام العاصفة بداية ربما لعدم جراته وشجاعته الكافية بالرغم من طيبته ونيته الصافية وربما لاسباب اخرى نجهلها فاتبع الاسلوب الروتيني المؤسساتي للتنفيذ بالاعتماد على هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية والقضاء مع القوى الامنية وهذه كلها تصطدم بالواقع المرير كما يصطدم هو نفسه بسبب طغيان الفساد الذي يشمل كل الكتل والاحزاب فان بدا باحدهم خاصة من الحيتان فيكون الاعتراض الوجيه ماذا عن البقية على الاقل تشخيص كل الفاسدين الموجودين وتعريتهم قبل ان يقوم بمعاقبة احدهم وهذا لن يكون واقعيا وعمليا حيث يتعطل كل شيء ونحن في حالة حرب مع داعش .وحتى الحل التدريجي بالاعتماد على المؤسسات المختصة يصطدم ايضا بجبروت حيتان الفساد وقوتهم مع ضعف المؤسسات والمسؤولين المعنيين .لذا على العبادي العمل على تقليم اضافر حيتان الفساد مع توفير حماية كافية للحكام وللجان وهيئة النزاهة وللمفتشين والمدققين والمراقبين بداية.الحل الافظل للعبادي ان يجتمع مع رؤساء الكتل بالاشتراك مع ممثل مرجعية السيستاني وممثل تنسيقيات المتظاهرين ويطرح موقفه المحرج ويهدد بالاستقالة في حالة عدم اعطاءه التفويض الحقيقي الكافي المطلق وثم تحميله المسؤولية الكاملة ان اخفق فيقوم بتشكيل وزارة جديدة كما يرتئي من داخل اوخارج الكتل من الاشخاص النزيهين الكفوئين من داخل وخارج العراق مع تقليص عدد النواب الى حوالي المئة مع تشكيل لجنة نزاهة لكل وزارة من النواب النزيهين وبمشاركة خبراء نزيهين من غير النواب. بالاضافة الى لجنة النزاهة الرئيسية مع هيئة النزاهة وتطهير وتغعيل القضاءمع المتابعة والمراقبة والمحاسبة المتواصلة.بالاضافة الى تفعيل عمل المفتشين والمراقبين الماليين.وكذلك طرح موضوع الغاء مجالس المحافظات مع تعيين محافظين ونوابهم من عناصر نزيهة وكفوءة بدون الالتزام بمبدا التوافق والمحاصصة وذلك قبل توسيع صلاحيات المحافظات.وليتمكن حيدر العبادي من القيام بما يصبوا اليه من ترضية الشعب عليه تطبيق مبدا حصر السلاح بيد الدولة ولو تدريجيا مع متابعة تقليص الحمايات للجميع .والعمل على سن قانون( من اين لك هذا)وتطبيقه ولو تدريجيا
.ولا باس من بيع عقارات الدولة بوجود هذا القانون.بالاضافة الى كل ماتقدم على العبادي التركيز فورا على مايلي من الاولويات:
1.استرداد الاموال المنهوبة والمغسولة داخل وخارج العراق ومنذ زمن نظام البعث ولحد الان وفي حالة استرجاع ولو ربعها سيغطي العجز في عدة ميزانيات.
2.متابعة وتدقيق عملية بيع الدولار من قبل البنك المركزي وكشف مستندات الاستيراد المزورة .وتفعيل عملية الاستيراد القانونية عن طريق اجازات الاستيراد وفتح الاعتمادات ومتابعة نوعية وكمية وجودة البضاعة الداخلة للبلد.
3.الزام الوزارات والدوائر بالشراء من المنتوج المحلي وعدم اللجوء الى المنتوج الاجنبي لغرض (الكومشن)
4.مراجعة عقود جولات تراخيص النفط المجحفة بحق العراق والتي يشوبها الفساد والغباء ايضا.كيف يمكن الثقة العمياء بالشركات النفطية بعقد Cost Plus بحيث حتما سيضخمون مصاريفهم ليزداد ربحهم بالاضافة الى عدم تضمين العقد ظروف استثنائية متوقعة اوغير متوقعة من انخفاض اسعار النفط عالميا وغيرها.ويمكن الطعن بالعفود من خلال كشف وصولات صرف بقيم غير حقيقية والبناء عليها للشكوى لتعديل العقود .
5.احراج شركائك من حيتان الفساد وانت تعرفهم بنهبهم المفضوح والمكشوف طيلة سنين وخاصة وهم يعرفون جيدا بانك ملم بفسادهم ومدى نهبهم لاموال الشعب بان تطلب منهم دعم الميزانية ولو بقروض بدلا من استجداء الخارج اوعامة الشعب.والعمل على سن قانون استثنائي و موقت للعفو العام عن الفاسدين الذين يسترد منهم اموالهم الحرام .
6.متابعة ومعالجة كل ما يطرح في وسائل الاعلام من امور الفساد الفضيعة منها خاصة في قناة البغدادية والفيحاء وغيرها وان لنا ماخذ كثيرة على قناة البغدادية وغيرها التي يطغو على خطابها مبدا التسقيط للجميع من دون اعطاء حلول واقعية لصالح الشعب وخدمته بالاضافة الى عدم الادانة الكافية لنظام البعث باعتباره المؤسس للفساد وتخريب البلد والنفوس من افرازاته.وكثيرا ما تصطاد في الماء العكر لتدغدغ مشاعر الشارع والبسطاء خاصة والمتاجرة بماسات الشعب واستغلال الفساد الطاغي لكسب الناس.وعامة اداءها ايجابى ومفيد لفضح الفساد وللتوعية.
7.بالاضافة الى تخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث ومنتسبيهم الكبار تجميد رواتبهم لحين زوال الازمة المالية وعدم تخفيض رواتب الموظفين والمتقاعدين وذوي الاعانات.واسترجاع كل العقارات واملاك الدولة المستولى عليها من قبل المسؤولين والاحزاب والمنظمات.
واخيرا وليس اخرا على كل المسؤولين ان يزنوا تصرفاتهم غلى وضعنا الشاذ فيه سيادتنا وامننا هشا ويكونوا حازمين وصارمين وحذرين تجاه النفوذ الاجنبي فمثلا مهادنة السعودية وادخالها الى العراق من اوسع الابواب اي بسفارتها لها من السلبيات اكثر من الايجابيات بحيث تستقطب ذوي الاغراض السيئة
لتخريب البلد .وكذلك مع بقية دول الجوار تركيا ايران الاردن دول الخليج امريكا وغيرها الا بعد تقوية مقومات السيادة والامن وبيتنا الداخلي.وعدم الانجرار وراء مشاريع المصالحة الوطنية مع من يتعاطف مع البعث ونظامه الذي لا يدين جرائم البعث على طول الخط ويبرهن ذلك قلبا وقالبا ان اراد ان يكون مواطنا صالحا لم يمنعه احد من البداية.وهل يعقل ان نتصالح مع من دمر البلد منذ اغتيال ثورة تموز وزعيمها الشهيد عبد الكريم قاسم ولحد الان بطريقة مافيوية وبالتعاون مع الاجنبي للوصول الى الحكم ليس الا؟.ولم يثبت البعث يوما بانه حزب سياسي بل عصابة مجرمة وغدارة ختمت جرائمها بالتحالف مع داعش وادخاله الى العراق للصعود على اكتافه كما هو ديدن البعثيين دائما لكن داعش تغذى بهم قبل ان يتعشوا به.