دائما عشاق الكرة المستديرة في العالم بأسره يهتفون ويرقصُون فرحاً بفوز منتخباتهم الكروية ، وهذا أمرٌ طبيعي يعبرُ عن انتماء الجماهير لأوطانهم وعن حجم الأواصر العاطفية التي تربطهم بانجازات منتخباتهم في جميع المجالات الرياضية وليس كرة القدم فحسب . ولكن مبارة منتخبي العراق والمملكة العربية السعودية بكرة القدم على ملعب ( جذع النخلة ) في البصرة أخذت منحى آخر وارتقتْ الى مستويات أكبر من كونها مباراة ودية وأكبر من نتيجتها القابلة لفوز أحد الفريقين أو التعادل . وبالرغم من أنها تخضعُ لمنطق المباريات الاّ أن الصورَ أجملُ بكثير من هذا العرف التقليدي . ولم تكن نتيجتها الأمر المهم للجماهير العراقية ولللاعبين وللمسؤولين ، فكلا المنتخبين وفق معادلة الانتماء العربي الحقيقي منتخبٌ واحدٌ ، وهذا هو الذي كان يحرّكُ مشاعر الجماهير الذين امتلأت بهم مدرجات الملعب وحتى الجالسين أمام شاشات التلفاز . كما أن هذه المباراة حملتْ في تفاصيلها ومضامينها الكثير من الأحاسيس الرائعة التي استولتْ على ملايين القلوب وهم يشاهدون بعد غياب طويل عودة أشقائهم السعوديين لحضن العراق المفعم بالحبّ والودّ والترحيب الأخوي الصادق . وهي بنفس الوقت دعوةٌ جديّة لفتح الأبواب المغلقة لبقية المجالات الأخرى للأشقاء من المملكة ومن الدول العربية الأخرى . فالعراق – رغمَ ما حصل – بلدٌ عربيٌ يملكُ عمقاً جغرافياً وتاريخياً وحضارياً ضمن خارطة الوطن العربي الواحد لا يمكنُ للأمة العربية أن تستغني عنه ، وأن تتركهُ صيداً سهلاً للدول الاقليمية الأخرى . وانّ طموح الجماهير العراقية أكبرُ بكثير من مباراة بكرة القدم . ومن هنا لابدّ أن نسجلَ شكرنا وتقديرنا للأشقاء السعوديين على زيارتهم لبلدهم الثاني وتلبيتهم للنداء الأخوي ، وأن نسجل تقديرنا للمسؤولين على الرياضة العراقية على هذه المبادرة الثمينة التي هيأت الفرصة لالتحام المشاعر الأخوية بأروع ما يكون .