23 ديسمبر، 2024 2:45 ص

فرضية الانا على مصالح الشعب

فرضية الانا على مصالح الشعب

إن هذه الفرضية تتمثل بحب النفس أو الأنانية؛ اي تبعثر في الشخصية التي تتميز بالغرور والتكبر والشعور بالأهمية الذاتية، والعناد في التمسك في الخطأ او القرار، ومحاولة الكسب ولو على حساب المجتمع. (وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن نركسوس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء).

تلعب الجينات دورا مؤثرا في السلوك البشري، كما وضح “ريتشارد داوكنز” في كتابه (الجينة الانانية)، حيث يعاني البعض من تلك الموروثات، والبعض الآخر عن طريق الاكتساب لأسباب متعددة.

الفكر الأناني المتبجح بالتكبر والتفرد السلطوي، يعتبر المسؤول الأول عما يحدث في البلدان من كوارث، نتيجة صنع العقل السياسي المريض، وهو الذي نسف كنوز القيم الإنسانية، وتبديلها بقيم المال والنرجسية والطمع، والشاهد واضح على ضحالة الرؤوس التي تدفع بعالمنا ناحية الانهيار المحتوم، إذا ظل الحال على ما هو عليه، وإذا صمت المفكرون والمثقفون عن رجال المال، وداهنوا بعض الشخصيات المتنفذة لاسباب ذاتية، وتركوا عقولهم المصابة بالعطب القاهر، تلهو بمصائر الأمم كما تشاء، فإن القادم لا يسر أحد، كما حدث ويحدث في البلدان العربية والأفريقية وغيرها، من فقر وإرهاب وتخلف فكري وحضاري، واضطراب مجتمعي، وخضوع للرب السلطوي السياسي.

إن البيئة الاجتماعية المريضة فسحت المجال للجشع المادي بالتوسع والانفلات، فتلاقت مع الفكر الأناني لبعض قادة العالم من (ساسة، واقتصاديين، وعلماء، ونخبويين، وتربويين، وأكاديميين)، وحولتهم الى أدوات يحركها الجشع، فكل هؤلاء الذين تحكموا بمصير الأرض ومخلوقاتها، شجعوا الفكر الأناني السلطوي، بتقربهم منه ومداهنته، وترحيبهم واحتفائهم به، فصار الواقع المعيشي لاغلب الدول مثل كرة نار ملتهبة، تدور وتضطرب لخلق أزمات التخريب والتطرف والتبعثر الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن الثقافي، والسعي المقيت نحو اكتساب المال والسلطة والجاه.

حيث يمكن ان تتسع الانانية السياسية حتى على الصعيد الخارجي بين الدول بسبب مرؤسيها، فالدول أنانية في علاقتها مع بعضها البعض، لأنها تعمل على تحقيق مصالحها، وان كانت ضد وعلى حساب مصالح دول أخرى مجاورة وشقيقة، حيث يمكن تفسيره بالنفاق والكذب السياسي، وهو ما تقوم باتباعه بعض الدول العربية للأسف الشديد.

إن معتقد الرجل السياسي الأوحد او الحزب السياسي الأوحد يقود إلى تدمير شامل للمجتمع، وتشل مؤسسات الدولة أكثر مما هي عليه حاليا وتدفع إلى عدم الاستقرار.

وبالتالي؛ فرضية الانا وانعكساها السياسي قائم بوجود الأنظمة الركيكة، مما ينتج طبقة رأسمالية لها تأثير سلبي في إدارة الدولة بكافة تفاصيلها، عن طريق الأحزاب التقليدية التي تطمح بأخذ المنصب فقط، وتعتبره انجازا لها، كذلك تجذر الاستبداد السلطوي، وعدم الإيمان بروح الفريق ومنظومات العمل، الذي يعتبر سرا من أسرار التقدم والحضارة.

إن الإنجازات السياسية الفردية مهما عظمت، فلن تصنع امة أو حضارة، وإنما تصنع مجدا شخصيا لصاحبها المصاب بحب النفس والانانية وتعامله المستبد.

إن المجتمع بحاجة الى التدقيق في التأريخ؛ لمعرفة الشخصية المصابة بحب النفس والانانية السياسية، وكيفية وصولها إلى الحكم، وطرق التخلص منها.