لم تحظ مشكلة البطالة باهتمام كبير من قبل الجهات المعنية، والدليل على ذلك تفاقم الأزمة يوما بعد آخر، في ظل غياب الحلول العلمية الناجعة الآنية والمستقبلية، والانكى من هذا غالبا ما تكون الحلول مجتزأة ولا تعبر عن برنامج وطني شامل لغرض التقليل من اثار المشكلة على فئة الشباب. والمعروف للجميع ان البطالة تعد من اهم المشاكل التي يعاني منها اقتصاد البلد، وهي مؤشر واضح لتراجع الاداء الاقتصادي للدولة نتيجة انسحابها من ميدان الانتاج، واعتمادها على الاقتصاد الاحادي الجانب الريعي ( النفط (، فضلا عن اهمالها القطاعات الاقتصادية (العمل) من التخصيصات المالية اللازمة لتطويرها وتوسيعها. وقد اكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق نصار الربيعي في تصريح له ان” نسبة البطالة في العراق تتجاوز 46 بالمئة من عدد سكانه وهو أمر خطير يتطلب دعما كبيرا من الدولة والقطاع الخاص خاصة وان أكثر من 300 الف شاب يدخل سوق العمل سنويا. وعن الاثار النفسية التي ترتب جراء البطالة يبين (علي عماد) انه لازال يشكل عبئا على عائلته حتى بعد تخرجه من كلية الادارة والاقتصاد قبل سنتين، ويقول: لقد قدمت اوراقي الرسمية الى عدد من الوزارات لغرض ألتعيين ولكن لحد الان لم تتصل بي اية وزارة. موضحا الى ان أمله قد تلاشى بالتعيين والحصول على فرصة عمل وذلك لعدم اقرار الموازنة التي تخلو من الدرجات الوظيفية بسبب التقشف وعجزها نتيجة لانخفاض اسعار النفط الدولية، ويضيف بقوله ، لا تخلو وزارة من ظاهرة المحاباة في تعيين الاقارب والمعارف، او من يدفع المال. ومشيرا الى ان البحث عن فرصة عمل صعبة جدا لان اغلب معامل القطاع الصناعي العام والخاص قد توقفت عن العمل. اما (ابو احمد) وهو في العقد الرابع من عمره ويتحرك بواسطة كرسي للمعاقين، يشكو من الفقر وضنك العيش بسبب فقدانه عمله نتيجة تعرضه لحادث دهس ادى الى اصابته في العمود الفقري وشلل اطرافه السفلى، حيث كان يعمل في القطاع الخاص وهو حاليا لا يتقاضى اي راتب تقاعدي، ولا يستطيع ايجاد عمل يلائم لحالته الصحية ، اذ يقول : معاناتي تشابه معاناة اغلب المعاقين ومن المفترض بان تقوم الحكومة مساعدة هذه الشريحة واقراضهم المال لغرض فتح مشاريع عمل
بسيطة يؤمنون منها مصدر معيشتهم وعائلاتهم وتخليصهم من البطالة. في حين تواصل (ام صفاء) البحث عن فرصة عمل مناسبة لكي تعيش من موردها المالي هي واطفالها الاربعة، بعد ان رفض زوجها قبول تعينها في احدى الوزارات الحكومية تبعا للتقاليد العشائرية المجحفة التي تمنع المرأة من الخروج من المنزل: وتقول بعد وفاة زوجي اثر حادث ارهابي تدهورت حالتنا المعيشية، فاضطررت للبحث عن عمل كي أعيل أبنائي واتدبر امور معيشتهم، لكني لم اجد اية فرصة عمل لغاية الان. فيما كانت معاناة الشاب (علي) الذي يبلغ عمره خمسة وعشرون عاما في البحث عن العمل تتكرر يوميا حيث يستيقظ صباحا ويذهب الى اماكن تجمع عمال البناء (المسطر) لكي يحصل على فرصة عمل، وقد يحالفه الحظ في يوم ولا يحالفه في يوم اخر ليعود مجربا حظه في اليوم التالي، ويضيف قائلا “في احسن الاحوال اجد عمل لثلاثة ايام خلال الاسبوع، عليه يتساءل الى متى أبقى دون عمل دائمي استطيع من خلاله ان اكون عائلة واشعر بإنسانيتي. الجدير بالذكر ان نسبة البطالة تتناسب طرديا مع نسب الفقر في البلد اذ تبلغ بحسب احصائيات حكومية حوالي 33 بالمئة، ومن اجل التقليل نسب الفقر على الحكومة ان تعمل الى وضع خطط وبرامج بعيدة الامد لانهاء البطالة وتشغيل الشباب العاطلين عن العمل، من الخرجين واصحاب المهن والحرفيين واعادة تأهيل القطاع الصناعي العام وتشجيع القطاع الصناعي الخاص، وكذلك العمل بالنهوض في القطاع الزراعي من خلال دعم الفلاحين وتزويدهم بمستلزمات الزراعة المختلفة.