23 ديسمبر، 2024 1:50 ص

فرصة لتصحيح ما دمره التزوير

فرصة لتصحيح ما دمره التزوير

جاء التقرير الاممي بشأن الانتخابات التشريعية الماضية مؤكدا ماذهب اليه العراقيون بان تزويرا واسعا وخرقا فاضحا جرى فيها ،ولم تكن نزيهة باي شكل من الاشكال .

المؤسف ان اعلى مؤسسة في البلاد توسم اليوم بانها فاسدة ، وتسمى في الشارع ببرلمان التزوير ، ولا تحضى باحترامه وفقدت هيبتها لدى ابناء شعبنا ، واختلط فيها الصالح والطالح وضاعت الفروق بينهما ، كما امتد ذلك الى الحكومة التي تمخضت عنها وصار حالهما سيان ، فلا يمكن لمن تكون على هذا ان يكون افضل حالا ، وفشلا في تحسين العملية السياسية من عللها .

التقرير الاممي على الرغم من انه جاء متاخرا كالعادة في عمل هذه المنظمات للاختلاف في التقديرات والرؤى ولابقاء امر واقع يرتكز على ان وجود مؤسسة تشريعية مطعون في نزاهتها افضل مما تدخل البلاد في دوامة نزاعات ليس هناك مخرجا منها كما يتوهم الموظفون الامميون غير المعنيين ببناء تجربة على درجة كبيرة من النقاء والرصانة ..ولكن هذا التقرير المتأخر يشكل وثيقة ادانة لكل الطبقة السياسية الحاكمة ودلالة على ان العملية السياسية لا يمكن اصلاحها مع هكذا احزاب وقوى نافذة قائمة على الفساد والمحاصصة المقيته ولا يهمها بناء دولة المؤسسات والقانون.

لا احد يتوقع من هذه النخبة الحكمة اصلاحا حقيقا وبناء نظام لخدمة العراقيين الذين دفعوا ثمنا باهظا لاجله ، لقد وعدت الجهات المعنية ساعة اعلان التقرير برد ستحاول تبرير ما لا يبرر فيه وتهاجمه دون هوادة ، ولم تشير الى انها ستتعامل مع الحقائق الواردة فيه .

التقرير يدين العملية السياسية برمتها لذلك حاولت القوى المستفيدة التقليل من شأنه مثلما تفعل مع تقارير دولية سابقة تعالج مشاكل داخلية لانها واثقة ان المجتمع الدولي ليس في وارده اتخاذ اجراءات فعالة لتقويم المسار ما لم يتحرك العراقيون انفسهم لقلع الاشواك والعراقيل التي تعيق تطوير ديمقراطيتهم وما شابها من تشوهات تحتاج الى مبضع جراح ماهر .

من الواضح لو كانت المؤسسات العراقية جادة في بناء دولة القانون والمواطنة لتعاملت مع التقرير والحقائق الواردة فيه بداية من اعادة التحقيق في كل الاتهامات التي وجهت الى المزورين واوقفت عملهم وجمدته وفتحت كل الملفات ولكنها اغلقتها ،اننا نتذكر ما قيل في حينها عن بيع اصوات وشراء محطات انتخابية باكملها وتلاعب في بعض الاجهزة الالكترونية ومن ثم توجت بحرق السيريفرات وتهشيم الاجهزة والمعدات في المخازن لطمس الحقيقة واخفائها .. . مما جعل الفرز اليدوي غيرذي جدوى الى جانب التفسير المتعسف لقرار المحكمة الاتحادية وقصره على انتقاء بعض الصناديق .

للاسف القضاء لم يكن محايدا وحكمته الارادة السياسية بتمرير ما حصل بالاكراه او الخشية من التداعيات التي تمت اخافتهم منها ، فالقضاء الذي حل محل المفوضية المستقلة للانتخابات اضفى الشرعية على انتخابات مطعون فيها .

الشعور السائد بين الناس ان الحكومة ستعمل على لفلفة القضية ، والا ما معنى الغاء قرارات الحكومة السابقة واجراءاتها ضد اعضاء المفوضية وعدم نشر نتائج التحقيقات .

يشكل التقرير الاممي فرصة لمن يريد بناء دولة ديمقراطية سليمة ان تبدء باعادة تشكيل مفوضية جديدة بعيدة عن المحاصصة وتشريع قانون انتخابي عادل يضمن اوسع تمثيل للمواطنين واخيرا اجراء انتخابات في اسرع وقت وبذلك نوجه ضربة للفاسدين والمزورين .