عندما اتخذت اجراءات وقرارات الاصلاح كانت مفاجأة للنواب فوافقوا عليها فوراً ودون ابطاء ، وان زادوا اخرى تحتاج الى مشاريع وقوانين لا هم تقدموا بها ولا الحكومة اكتملت خطوتها في محاولة تفسر لإعاقة تطبيقها .
المعارضون للإصلاح الشامل اخفوا رؤوسهم في البداية بل والى الان خشية من الحراك الجماهيري الضاغط والمتسع ، وراحوا يخطبون وده .
ولكن البعض الذي لم يجهر بالوقوف ضد المطالب الجماهيرية يعمل سراً على تفتيته بلبس لبوس هذا الحراك وحرفه عن مساره السلمي وشعاراته المشروعة ، وهو اسلوب لتخريب التظاهرات جربوه سابقاً ، والان يستعيدونه من ترسانة القمع وركوب الموجة . وهذا تحد لتصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي اعتبر ذلك افساداً لحق التظاهر ، وان اطلاق النار خط احمر ولكن اذا كانت الاجهزة الامنية في المركز تمتثل بنسبة معينة ، فإنها في محافظات اخرى كالبصرة وبابل لا ترد على توجيهات الحكومة ولا على قرارات رئيسها وتنفذ مخططاتها لفض الاعتصامات وضرب التظاهرات بالقوة ، بل ان محافظة واسط قولت العبادي ما لم يقله مما اضطره الى تكذيب ما افادت به بشأن التظاهرات ، والذي يثير الشكوك ان المنفذ الاول لسياسات الدولة صمت عنها ولم يحرك ساكنا ويتخذاجراءا بحقها، على الاقل من باب الهيبة .
لقد التقط المعادون للإصلاح انفاسهم بسبب بطء رئيس الحكومة في ادامة الزخم والمفاجأة ، فهو بدأ يتلكأ في الاعلان عن الحزم الاخرى من الاصلاحات التي تشل قدرة الفاسدين على تجميع قواهم واتحادهم في مواجهتها ، كما ان هذه الاصلاحات كانت للتقشف وليس للإصلاح وللتغيير والغاء محاصصة النظام البغيض الذي يشكل مقتلاً لكل تقدم في مختلف المجالات .
ان المتضررين من فقدان مناصبهم وبعض الكتل التي فقدت حصصها في السلطة وبالتالي الموارد التي كانت تتأتى من هذه المناصب تعمل بمختلف الاساليب على ايقاف الاصلاح الشامل والجذري ، فهي لم تقدم اي مشروع قانوني لتجاوز المعرقلات ، والقوانين الاساسية مازالت حبيسة الادراج والمناقشات العقيمة … كما ان بعضها يفكر علنا في كيفية حماية المنتسبين الى احزابهم والتي تؤشر اليهم اصابع الاتهام الفساد .
المراوحة والتراجع ستشكل مقتلاً للإصلاح ومن ثم للتغيير الذي ينشده الحراك الجماهيري وانتصاراً للمعرقلين الذين لم تتم محاسبتهم على انتهاكاتهم للقانون حين يطلقون النار ويفضون حق الاعتصام بالقوة ويمنعون قطاعات شعبنا من المشاركة في التظاهرات ويهددون ويتوعدون ..
الايام المقبلة ستكون حاسمة فأما ان يستجيب العبادي الى صوت الجماهير ، صوت تصحيح مسار العملية السياسية او ينكفئ وهنا سيجرد نهائياً من اي تأييد ويصبح جزءاً مما يطلب استبداله لأنه شاخ واصبح باليا لا يساير طموحات شعبنا وحاجات البلاد للالتحاق بركب التقدم والتطور وبناء دولة المؤسسات والقانون وطرد الفاسدين منها .
المسألة ليست هينة ولابد للحراك ان يطور نفسه وينتبه الى مخططات اعدائه الذين يحاولون تشويه صورته وضربه من الداخل والتشنيع عليه وتوريطه في شعارات ومطالب لم يحن اوانها او انه يتعذر تطبيقها ، وبالتالي جره الى صدام وتجريده من سلاحه المجرب سلمية التظاهر وواقعية المطالب .
العبادي امام فرصة تاريخية لينتقل من رقم في اعداد رؤساء الوزارات الذين حكموا البلاد الى حالة نوعية ضيقة الى قائد وطني يشار اليه ، ويترك بصمته في الحاضر والمستقبل ، وذلك بالانتقال من اجراءات التقشف الى اجراءات التغيير بضرب الرؤوس الكبيرة الفاسدة لكي تمهد الطرق لإصلاح الخراب الذي نحن فيه ، والانتقال من رئيس مجلس وزراء ضعيف تتلاعب به بعض النخب والكتل السياسية الى رئيس قوي يحظى بمباركة الاغلبية الساحقة من شعبنا .