أختلفت عناوين وتفاصيل حرب مستمرة على العراق منذ عقود، وجابه الفرد العراق وبنية الدولة شراسة دون توقف، وتنوع على شكل عسكرية وإقتصادية وتغيير أنظمة وغزو وإرهاب، وأستنزف مواطن يصارع ووطن يتلوى من طعنات الداخل والخارج.إستهلكت الحروب موارد العراق البشرية والمادية، وأثرت على القيم والسياسة، وتحمل ويلات لا شبيه لها من القرن المنصرم الى اليوم. إستطاع العراقيون بكل ألم تجاوز الحروب، وسعوا لبناء نظام سياسي ديموقراطي؛ يتداولون السلطة بسلمية؛ سعياً منهم للوصول الى نظام مثالي وفريد في المنطقة، وخاضع للتطور والتقويم، وترسيخ ثقافة التعددية والرأي الآخر وحرية الإعلام وتنضيج المسارات السياسية؛ بالتخلص من النظرة العدائية للآخر، ونفي إعتقاد السلطة مكسب ولو كانت على حساب الجماهير.من المفاجئات التي لم يتوقعها الشارع العراقي؛ أنه وجد نفسه في تناقضات سياسية متقاطعة، وإنحراف مسارات الشعارات والوعود؛ الى إستئثار بالسلطة وخطاب منحدر الى قاع تجريد المنافس ونكران التضحية ورفاقة الدرب وأمل المحرومين، وبأدوات إعلامية قذرة لا تعرف لمصلحة الوطن بوصلة، ومثلما تقلب الساسة مع القوائم الإنتخابية والأحزاب حسب مصالحهم؛ تبعهم إعلام يناقض نفسه بأن كان بالأمس مادحاً للجهة الفلانية، واليوم عاد لتسقيطها حسب مصالحه، وساد الأعم الأغلب بحديث لا يحلو إلاّ بتصوير العراق خراب ولا صالح فيه.إنصب الإعلام بتناقل حديث ساسة عن الإصلاحات، وتشوهت الحقائق لأسباب في غاية نفوس، ومن تحدث عن تسقيط شخص ما؛ راح الى البعيد لنسف العمل السياسي والأدوات التشريعية والقانونية، ولو تم تغيير الوزراء دون خطة؛ سيفتح الباب للمزايدة والوكالة والمقايضات والصراعات السياسية، ويضيف عبأً جديداً على ركام الوكالات التي إعاقت العمل المؤسسي؛ لأنه لم يخضع لشرعية البرلمان؛ بقدر الولاءات. إن أول خطوات الإصلاح هي بالتخلص من مواقع غير شرعية ما تزال بالوكالة، وسبب شلل المؤسسة شريطة أن لا تخضع للإستثناءات، ويجب البحث عن بدلاء مختصين وفق معايير تضعها لجان مختصة، وبإشراف مجلس النواب، وتفعيل وتشريع قوانين تكبل الإصلاحات وتعقد حياة المواطن، وتقف حائل أمام نمو الإقتصاد، وفي نهاية الإصلاحات جلب بدلاء للوزراء وفق معايير لا يستثنى منها أحد وإخضاعها لشرعية تصويت البرلمان.الأهم إيجاد مختصين لإختيار الوزراء والوكلاء والمدراء العامين، وليس بأهمية الجهة الجهة التي تختارهم؛ إذا كان الأطراف مؤمنة بالإصلاح والخروج من المحاصصة.ثمة تقارب كبير بين مواقف الحكيم والصدر؛ حيث قدم الأول إستقالة وزارءه، والثاني قال مِنْ في الحكومة لا يمثلني، وأعطى الضوء الأخضر لتغيرهم؛ فيما يؤمن الطرفان بحكومة تكنوقراط وكفاءة ونزاهة، وفقاً لمطالب الجماهير والمرجعية، وطلب الحكيم دعم الإصلاحات بشرط توفر خارطة طريق ومشروع إصلاحي متكامل وإجراءات واضحة، وتُتابع خطواته في جدول زمني، بينما كان للصدر رؤية بتشكيل لجنة مختصة وجدول زمني أمده 45 يوم، ويبدو أن التقارب واضحاً بين الموقفين وكلاهما أعطى الضوء الأخضر، وتنتظر الأيام محك مواقف الكتل الآخرى، وأنها الفرصة آخرى للعبادي؛ بأن يدفع عجلة إصلاح اوقفتها تركات يَعرفها، ولم يُصارح الشعب بها.