23 ديسمبر، 2024 5:17 م

(ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)
يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه “انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة”.
تفاخرت العرب على مدى الدهر بالقيم والاعراف النبيلة ومااكثرها حتى أصبحت الكثير منها مقترنةً بأسماء رددتها الأجيال وبالغة في احيان كثيره في وصف فرسانها لأنهم استحقوا التكريم للأثر الذي تركوه في صفحات التاريخ التي لانبالغ اذا قلنا رددها العدو قبل الصديق.وكما تحتوي صحف التاريخ البيضاء على سردٍ لكل مايفخر به ويستحق التمجيد حوت كذلك على صحف سوداء كانت صبغتها هي سيرت أصحابها ، ويطفوا على السطح وخصوصاً في الآونه الاخيره الكثيرون ممن نطلق عليهم فرسان الفساد والذين لا يتميزون بالمهارات الخارقه التي شاهدناها في كثير من الأفلام التي اشتهر بالدقه والمهنييه في تنفيذ عمليات النصب والاحتيال بل كان نهجهم على شي مختلف حيث يبدون لك كالحمل الوديع الذي أرخى جناحيه لينقذ البشرية وينفذ المشاريع الانسانيه التي عززها فترة وجودهم في مختلف البلدان المتحضره علاوةً على ذلك شهاداتهم الجامعيه وفي مختلف الاختصاصات، ولأنعلم حقيقة الامر هل ان الأحزاب السياسيه الحاكمه هي التي استقطبتهم بقوة التأثير الايديولجي والستراتيجيه العريقه ام هم أنفسهم من جذب تلك الأحزاب بقوة التأثير نفسه ليرسموا مستقبل مشلول لبلد تعددت فيه الامكانيات وسبل النجاح ومن الجدير بالذكر اقتران الكثير من تلك الأحزاب بالدِين الاسلامي الذي من أولويات وجوده هو لخدمة البشرية والانسانيه حتى أوصلونا الى مواجهة النقد اللاذع في كثير من الأحيان كوننا مسلمون وننتمي من قريب لهذا الدين.

        استنفر هذا النفر من الفرسان وبكل الاتجاهات وكلٌ حسب موقعه وصلاحياته والأمثلة كثيره فمنهم من كان عمله في محل لبيع الهواتف وبالمناسبة هذه مهنة ليست معيبه لمن يطلب قوته وبشرف، ليتحول الى الرجل الثاني في حكومه منتخبه فهذه نقلة نوعيه تحتاج الى جهد كبير للوصول الى نقطة بلوغ الهدف ولكنها أدلت بنتائج أفرزها الواقع قد نستغرق سنوات لنتمكن من اكتشاف علاج لتصليح هذا الخلل، وآخر تمثل بالرجل المناسب للتمثيل الخارجي لما يمتلكه من اُسلوب في التنظير المنقطع النظير لرسم السياسه الخارجيه،وآخر يمتهن مهنة الأحجار الكريمه وبيع المسبحات في احدى دول الجوار ليكون بعد ذلك الامر الناهي وصاحب القرار الاول ولسنواتٍ ثمانٍ عجاف ويذهب مخلفاً وراءه تركةً ينخر بها الفساد، واخريين هم اخوة ساهموا في بيع البلد على شكل اجزاء وبثمن بخسٍ للمتطرفين وممن قرعوا طبول الحرب واشتعلت نارها لتلتهم من كان يسعى لكسب لقمة العيش، وآخر طالما نادى بالإقليم لنصرت قوميته واشتهر بالخيانه والعماله ويكفيه انه في واحدة من مؤمراته كانت على بني جلدته مع النظام السابق كان هدفها التفرد في مسك زمام الأمور وغيرهم، والعلة الكبيرة في أولئك الذين امسكوا بالمفاصل الخدميه التي هي في تماس مباشر مع المواطن واحتياجاته لتوفير العيش الرغيد ولكن سرعان ماتحول الى عيشٍ سقيم بحيث اصبح في عناء وشقاء يومي لكثرة الأزمات مما انعكس ذلك وكان تأثيره مباشراً على الوضع الاجتماعي حيث نفخ ذلك السم في تلك الافات الصغيرة لتعث في الارض الفساد ويتحول المجتمع الى مجتمعاً يتسم بالسلبية لتكون بالنتيجة اجيالاً تمتلك المهاره العاليه في سلوك الطرق الملتويه لتحقيق أهدافها فالرشوة مثلا هي واحده من تلك الإفرازات التي تفشت في كل مفاصل الدولة حتى وصلت الى تجاوز الخطوط الحمراء وبدأت تنخر في اجزاء مهمه وأهمها القانون والتعليم، فالقانون على سبيل المثال بات مخترقاً وأصبح يطوع ويتناسب طردياً مع طول الذراع في كفتي ميزان العداله ليغييب القصاص ويسكنه ذلك البئر المظلم حيث يتعذر على العداله الوصول اليه، وقطاع التعليم الذي من شأنه إعداد اجيال لكي يكونوا قادة للمستقبل حيث نجد ان الواقع الدراسي متدني الى أسوأ المستويات كون ان ممثليه وقادته لايحملون ابسط مقومات النزاهة ولا حتى المستوى العلمي الذي طالما تغنت به الأجيال السابقة.

       وخلاصة القول هو البحث والتقصي عن الكيفيه التي نستطيع بها كبح جماح أولئك الذين اعتلوا سدة الحكم ليرسموا بحوافر جيادهم ستراتيجية الفساد ويتمكنوا من وئد تلك الأماني والطموحات لبناء وطن يتمتع الفرد فيه بحرية العيش وبمستوى خدمي يليق بتلك الإيرادات الطبيعية التي غييبت في أرصدت الكثيريين منهم مقابل خدمة عمالتهم وولائهم لأسياد الذين هم في الأساس من أعداء الانسانيه وهدفهم تقسيط ذلك الارث الحضاري الذي كان مناراً في يوم من الأيام.