19 ديسمبر، 2024 1:54 ص

فرانكس ورامسفيلد وتمثال الفرودس -1

فرانكس ورامسفيلد وتمثال الفرودس -1

عصر يوم التاسع من نيسان عام 2003 كنت احد شهود العيان على ماحصل. لم يكن بيني وبين منظر الدبابة الاميركية العملاقة التي توجهت الى  تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس غير بضعة امتار حيث كنت اخذ موقعي على سطح فندق فلسطين ميريديان كوني مراسلا لاحدى القنوات الفضائية انذاك. تقدمت الدبابة وقبل ان تقتلع التمثال الضخم صعد جندي اميركي الى اعلى سارية التمثال ولف وجه صدام بالعلم الاميركي. بعد اقل من خمس دقائق صعد جندي اميركي ايضا, لعله نفس الجندي او غيره لينزل العلم الاميركي ويلف وجه صدام بالعلم العراقي هذه المرة “كان لايزال ابو النجمات الثلاث وعبارة الله اكبر بخط يد الرئيس السابق”. المنظر كان لافتا للنظر في الحالتين. فليس ثمة دلالة رمزية او واقعية لرفع علم دولة الاحتلال على وجه رئيس سقط هو ونظامه وليس ثمة دلالة للف وجهه بالعلم العراقي الا اذا افترضنا “تكريمه” من قبل عدوه وهو امر مناقض للمنطق بالطبع. لا انا ولا غيري من عشرات المراسلين العرب والاجانب فهمنا هذه القصة التي بدت لا معنى لها. بعد دقائق اخرى “اجتثت” الدبابة العملاقة تمثال ساحة الفردوس من قاعدته الضخمة فتهاوى على الارض تشيعه مناظر من قدم من المواطنين العراقيين من المناطق القريبة في شارع السعدون. بعد سنوات على هذه الحادثة قرات كتاب قائد المنطقة العسكرية الوسطى المسؤول عن حرب العراق انذاك الجنرال تومي فرانكس وعنوانه “جندي اميركي” فوجدت ضالتي في قصة رفع وانزال العلم الاميركي من على وجه صدام في ساحة الفردوس. يقول فرانكس انه كان يتابع من على شاشة التلفاز مايجري امامه وهو في قاعدة “السيلية” في قطر ليس بعيدا “طبعا” عن قناة “الجزيرة”. راى منظر رفع العلم الاميركي يلف وجه صدام فاصدر اوامره فورا الى القادة الميدانيين في العراق لانزاله فورا واحضار علم عراقي مكانه, وقد حصل هذا كله بدقائق معدودات. كان فرانكس الذي اعترف بالمذكرات انه لم يكن سوى “نغل” تبنته عائلة واحسنت اليه يتلقى تعليماته من وزيره رامسفيلد اكثر وزراء بوش سفاهة بكل المقاييس والذي كان يتندر على كل شئ قبل ان يتجرع كؤوسا من السم فيما بعد الى الحد الذي تراجع فيه عن كبريائه الزائف حين اصدر مذكراته ليكشف انه كان ضد الحرب, بينما كان يقول بوب وودورد اكثر من ارخ للحرب من الكتاب الاميركيين قربا من ادارة بوش ان رامسفيلد كان من اكثر المحرضين عليها. قبل ايام جاء وزير الدفاع الاميركي الحالي ليون بانيتا لينزل بيده العلم الاميركي من على سارية اخر قاعدة عسكرية اميركية في العراق ويحتفل في بغداد بالنصر مثلما احتفل رئيسه اوباما بالنصر في احدى الولايات الاميركية ولم يكن يعوز الرجلين سوى ان يرددا ماسبق ان ردده القائد الضرورة حفظه الله ورعاه .. “يامحلى النصر بعون الله”.
للحديث صلة
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات