23 ديسمبر، 2024 12:45 م

فرارة محاربة الفساد

فرارة محاربة الفساد

في 31/7/2015 إنطلقت تظاهرات 2015 للمطالبة بتحسين واقع الخدمات و مكافحة الفساد.
في 7/8/2015 طالبت المرجعية الدينية رئيس الوزراء أن يضرب بيد من حديد لمن يعبث بأموال الشعب. و على إثر ذلك صرح رئيس الوزراء بأنه ملتزم بتوجيهات المرجعية و تعهد بالإعلان عن خطة شاملة للإصلاح والعمل على تنفيذها و دعا القوى السياسية الى التعاون معه في تنفيذ برنامج الاصلاح.
في 11/8/2015 صادق مجلس النواب على حزمة الإصلاحات التي قدمها له رئيس الوزراء. كما صادق مجلس النواب في نفس اليوم على حزمة إصلاحات برلمانية قال إنها مكملة لحزمة إصلاحات رئيس الوزراء و التي من ضمنها مطالبة مجلس القضاء الأعلى بتقديم ورقة إصلاح قضائي بما يضمن تأكيد استقلال القضاء وعدم تأثره بالضغوط السياسية (و هذا إعتراف ضمني من قبل مجلس النواب بأن القضاء يخضع للضغوط السياسية و ليس مستقلا ً).
في 14/8/2015 أشارت المرجعية الدينية بأن إصلاح الجهاز القضائي يشكل ركنا ً مهما ً في الإصلاح، ولا يمكن أن يتم الإصلاح الحقيقي من دونه و كذلك أشارت بأن الفساد إستشرى حتى في القضاء. و بعد ساعات من هذا الطلب، في نفس اليوم، طلب رئيس الوزراء من القضاء إتخاذ إجراءات جذرية لمجاراة الاصلاحات (و هذا إعتراف من قبل المرجعية الدينية و رئيس الوزراء بعدم نزاهة القضاء).
في 2/11/2015 صوّت مجلس النواب على دعم حزمة إصلاحات رئيس الوزراء على أن تكون وفق الدستور، أي بما يسمى الفصل بين السلطات و إستقلال القضاء و ذلك بعد الضجة التي أثارها الفاسدون بأن قيام رئيس الوزراء بمتابعة محاسبة الفاسدين هو تدخل بالقضاء و أن هذا يخالف الدستور بالفصل بين السلطات و إستقلال القضاء.
في 6/11/2015 دعت المرجعية الدينية على ضرورة أن تسير الاصلاحات بمسارات لا تخرج بها عن الاطر الدستورية و القانونية، كما دعت المرجعية الدينية التأكيد على أنه لا ينبغي أن يتخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلة من قبل السلطة التشريعية (مجلس النواب) او غيرها للالتفاف على الخطوات الاصلاحية او التسويف و المماطلة للقيام بها استغلالاً لتراجع الضغط الشعبي في هذا الوقت. و في نفس هذا اليوم، بعد دعوة المرجعية هذه، سارع رئيس مجلس النواب الإعلان بأن دعوة المرجعية الدينية هذه تعد دعما ً لورقة الاصلاحات البرلمانية وضرورة عدم تعارضها مع الدستور العراقي الذي كان السيد السيستاني من أول المصرِّين على كتابته والتصويت عليه عام ٢٠٠٥. و الحقيقة فإن هذا الإعلان لرئيس مجلس النواب يخص الجزء الأول من دعوة المرجعية الدينية (ضرورة أن تسير الاصلاحات بمسارات لا تخرج بها عن الاطر الدستورية والقانونية)، أما الجزء الثاني من دعوة المرجعية الدينية (التأكيد على انه لا ينبغي ان يتخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلة من قبل السلطة التشريعية (مجلس النواب) او غيرها للالتفاف على الخطوات الاصلاحية او التسويف والمماطلة للقيام بها استغلالاً لتراجع الضغط الشعبي في هذا الوقت) فإن رئيس مجلس النواب أعطاه الإذن الطرشة لأن فيه دعوة لمحاربة الفاسدين بينما الجزء الأول فيه حماية للفاسدين.
في 30/5/2017، أي بعد سنتين من تلك الأحداث أعلنت المحكمة الإتحادية العليا بأن قرار مجلس النواب بالمصادقة على حزمة إصلاحات رئيس الوزراء لا يعني تفويض صلاحيات مجلس النواب إلى رئيس الوزراء بل هو الموافقة على ما يكون منها متطابقا ً مع الدستور. أي على رئيس الوزراء الإنصياع لما يسمى الفصل بين السلطات و إستقلال القضاء أي على رئيس الوزراء أن لا يتدخل بعمل القضاء و يطلب محاسبة الفاسدين، و بكلمة أخرى يجب ترك محاسبة الفاسدين بيد القضاء الذي طالبت المرجعية الدينية و مجلس النواب و رئيس الوزراء لإصلاحه، و ذلك لكي يبقى الفاسدون يصولون و يجولون في طول و عرض البلاد.
في 7/11/2017 أعلن رئيس الوزراء بدء الحرب على الفساد بقوله أن المعركة المقبلة ستكون ضد الفاسدين. و في 15/12/2017 دعت المرجعية الدينية إلى مكافحة الفساد المالي والاداري بكل حزم وقوة من خلال تفعيل الاطر القانونية وبخطط عملية وواقعية بعيداً عن الاجراءات الشكلية والاستعراضية. و في نفس اليوم تعهد رئيس الوزراء للمرجعية الدينية مضي الحكومة بمحاربة الفساد والتصدي له.
فيا ترى هل سيستطيع رئيس الوزراء هذه المرة تجاوز قرار المحكمة الإتحادية العليا في 30/5/2017. أم هو فرارة لسيناريو محاربة الفساد السابق.
خالد ابراهيم