سبق وأن كتبت معبرا عن إستغرابي من نسبة الفائدة الكبيرة التي تنتهجها المصارف العراقية ، وبالذات (مصرف الرشيد) ، والذي غالبا ما يشح عن فتح باب السلف لشريحة المتقاعدين إلا نادرا ، رغم تفضّل المتقاعدين على المصرف بسبب الفوائد العالية التي يتقاضاها هذا المصرف ، والتي أقرب ماتكون إلى عملية نهب ممنهجة تجاه هذه الشريحة المسحوقة ، تعجبت كيف أن نسبة الفائدة 12% ، وبعد معاناة مع تطبيق فاشل للحصول على هذه السلفة ، تفاجأت بإستقطاع مبلغ يزيد عن 600 الف دينار من مبلغ السلفة ، لا أدري تحت أي عنوان ، هذا فيما يخص سلفة 15 مليون دينار ، والغريب أكثر ، ان مدة التسديد مضغوطة لمدة 3 سنوات فقط ، وأن مبلغ الإستقطاع الشهري سيكون بحدود 466 الف دينار ، أي لن يبقى من الراتب التقاعدي شيء يُذكر ! ، وقمت بحساب نسبة الفائدة الكلية ، فوجدتها تتجاوز 16% ! ، كان الأفضل اللجوء إلى المرابين ، والذين تعج بهم الأسواق المالية ، بسبب تصرفات مالية فاشلة ، أوجدت ارضية مثالية لنمو هذه الطفيليات ، يا فرحة لم تدم .
هذا ما يخص القطاع المصرفي فقط ، قطاع ربما يكون غير منظور ، والعيب فينا حقا ، لأن تقتنا بالحكومة قد تلاشت تماما منذ زمن بعيد ، لكننا لم نرتب على ذلك الآثار للأسف الشديد ، ونتوجس خيفة من كل مكسب إن كان هنالك مكسب يخص المواطن ، لأن ثمنه باهض عادة ، فماذا نترجى من “دولة” تتنازل عن (كركوك) بليلة ليس بها ضوء قمر ودون إستشارة أهلها أو أي عراقي بعد مداولات مشبوهة وسرّية ؟ ، هل هذه الشفافية التي يتحدثون عنها لعنة الله عليها ؟! ، بلد ذو سيادة مبكية وفي مهب الريح ، وتخنق مشروع خور عبد الله ، والربط السككي المريب ، والمشاريع المتوقفة الكثيرة ومنها مشروع ماء الرصافة ، جفاف مسكوت عنه ! ، غرامات مرورية باهضة والتي ربما تكلف المتقاعد راتبه الشهري ، في بلد لم يتعافى فيه (الترافك لايت) بعد !، واجور التعليم الخاص العالية جدا ، بعد أن خُنِق التعليم الحكومي ، ومهزلة إسترداد مكونات مصفى بيجي ، وأجور الإنترنيت الأعلى والأسوأ في العالم ، وترك البلد يستورد مشتقاته النفطية ودون أي دعم فحرموا إبن البلد من التنعّم بثروات بلاده ، وها قد إرتفع سعر برميل النفط متجاوزا 100 دولار للبرميل ، لكن المواطن يعرف جيدا ، أن هذا لا يصب في مصلحته ، بل على العكس ، فكل يوم نصحى على غلاء جديد ، أما الحديث عن أزمة الكهرباء ، فقد صار موضوعا ممجوجا لأنه صار مزمنا ، يأسنا من القضاء لأنه يحكم على السارق للمليارات بغرامة لا تتجاوز بضعة مئات آلاف من الدنانير ، وسجن 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ ، بينما يشهر سيفه البتّار بوجه الفقراء ! ، وهذا عكس مبدأ الإمام علي (ع) تماما ، ذلك الذين “يدّعون” الوصل به حين كان يقول (القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه ، والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له) ، هذا عدا التستّر على القتلة والسراق والمجرمين ، وغير ذلك كثير مما لا يُحصى ، دولة لا تدّخر وسعا في نهب المواطن وإستغلاله وسرقة ثرواته في أي فرصة ، وأحالت حياته إلى جحيم ، وها نحن ، أزاء 100 عملية (سرقة القرن) ، إنها سرقات لآلاف السنين مقدما !، إنا لله وإنا إليه راجعون !.