23 نوفمبر، 2024 4:26 ص
Search
Close this search box.

فخ السفارة العراقية في الكويت

فخ السفارة العراقية في الكويت

كتبت هذه المقالة قبل شهر وكنت أنوي نشرها في وقتها، ألاّ أنني ترددت لأسباب شخصية. ولكني عندما التقيت بصاحبي (الذي وقع في الفخ) مؤخراً ، أخبرني أن الأزمة التي مر بها في السفارة العراقية في الكويت لازالت (تاكل بيه) ، فقررت نشر المقالة بلا تردد هذه المرة…
أنهينا مناسك الحج أنا وصاحبي وقررنا العودة عن طريق الكويت ، ليذهب هو الى أهله في البصرة وأذهب أنا الى أهلي في الناصرية. في الكويت علمنا أن علينا مراجعة مايسمى (منافذ الحدود) قبل التوجه الى العراق، كلانا يحمل الجواز الأمريكي (أحنه من اهل رفحة) ، وكلانا يحمل الجواز العراقي. في منافذ الحدود أخبرنا أن علينا الحصول على فيزا لدخول العراق، فأخبرنا الرجل الكويتي ( أننا عراقيون ونحمل الجواز العراقي)، قال ( العراكيين يبغون الفيزا حتى لو عندكم جوازات عراكية). أستغربنا من الأمر، لكن عراقيون آخرون كانو يراجعون للأمر نفسه أخبرونا بحقيقة ماقاله الرجل!…
ذهبنا في اليوم نفسه الى السفارة، قدمنا جوازاتنا الأمريكية والعراقية وانتظرنا…وبقينا ننتظر…واستمرينا في الأنتظار…
تقول لوحة الأعلانات، ان مدة الحصول على فيزا الى بلدنا العراق قد تطول ثمان وأربعين ساعة؟!…ليش (بالعراقي)؟…
لماذا على المواطن العراقي أن يحصل على فيزا لدخول بلده!…وهل هناك بلد في العالم يطلب فيزا على مواطنيه ليتمكنوا من دخول بلدهم الذي ولدوا فيه ونشأوا وعاش فيه آباءهم وأجدادهم؟
من أجل ذلك، قررت أنا أن أحتج على ذلك الأجراء المجحف بحقنا كعراقيين. فلاحظنا أنهم قد خصصوا صندوق قرب قاعة الأنتظار، كتبوا عليه ( صندوق المقترحات والشكاوى)، فأخبرت صاحبي وقد مللنا ساعات الأنتظار، أنني سأكتب شكوى ضد هذا الأجراء (السخيف)…فأفرغت مافي جعبتي من غيض، ومافي جعبة صاحبي أيضاً…وقلت (ان العقلية التي فرضت هذا الأجراء هي عقلية متخلفة بلا شك، وتساءلت: لماذا علي الحصول على فيزا لدخول بلدي الذي ولدت فيه وأحمل جنسيته؟ وقلت في آخر شكواي : أسأل الله أن يبدلكم بخير للناس منكم…) …بعد ذلك أعيى الصبر صاحبي، فذهب وسأل الموظف عن الجوازات والفيزا، ذهب الموظف الى الداخل وجلب جوازاتنا وقد فيزت!…أذا لماذا الأنتظار ساعات، ولماذا لايجلبوها للناس حال الأنتهاء منها…أم أنها غلاسة ( على قول عادل أمام)!…
قبل خروجنا، وقفنا عند صندوق الشكاوى ووضعنا الورقة…
خرجنا، وأخذنا تكسي…انتبه صاحبي انه فقد الورقة الخاصة بدائرة المنافذ، فرجعنا القهقرى الى السفارة مرة أخرى للبحث عن الورقة، وحيث أن الأمر لايتطلب كلانا، ذهب صاحبي لوحده الى داخل السفارة…لكنه لم يأت!…وطال أنتظاري…
بعد نصف ساعة بان صاحبي…فتساءلت؟ فقال والكدر يعلو محياه ( متكلي اسويت؟)…تساءلت؟ فأخبرني أن شكواي قد ولدت مشكلة كبيرة ( وأنهم حجزوا جوازه)، واقترح ان يعود الى السفارة لوحده وأن لاأدخل معه، لأن وجودي معه ( وأنا كاتب الشكوى ) سيثير حفيضتهم ويعقد الموضوع، ألححت في الذهاب معه، الاّ أنه أصر أن لاأدخل معه (الأمر الذي أسفنا عليه فيما بعد)…دخل صاحبي…وبقي في الداخل طويلاَ…بعد ساعة ونصف ظهر صاحبي مرة أخرى، فاستبشرت بظهوره، لكني مالبثت أن تكدرت عندما رأيته متكدراَ، وسألته…فقال لي ( نفس أسلوب استخبارات صدام…ماكو فرق)، ثم أخذ يخبرني بتفاصيل ماحدث (جوّه). ظهر ان الربع يراقبون كل شيء يحدث داخل السفارة ( وهو أمر جيد)، وأنهم رأونا ونخن نكتب الشكوى ونرميها في صندوق الشكاوى. ( تجمع علي موظفي السفارة…خمسة منهم – والحديث لصاحبي- ووقفوا على راسي وكانوا يتحدثون الي ويرمقوني بنظرات شرسة ذكرتني بأساليب أيام زمان، ثم أخبروني أن: سعادة السفير يريدك!)… هل يتطلب الأمر مقابلة سعادة السفير!…
مامعنى ( سعادة) على كل حال…
تملك الخوف صاحبي وظن أن الأمر خطير وأنه قد يتطور الى مالايحمد عقباه…حتى سكرتيرة السفير الحسناء، كانت تنظر أليه نظرات شرسة. في غرفة السفير، كان حماية السفير الضخم أو ربما كان سكرتيره يقف على رأس صاحبي ليزيد من هلعه…قال السفير لصاحبي: أنتم حملة الجوازات الأجنبية تعيشون في أزدواجية!…وتستقوون بجوازاتكم الأجنبية لمآربكم ( نعم نستقوي بالجواز الأجنبي بعد أن أدركنا أن جوازنا العراقي لايوفر لنا حصانة لا في بلدنا ولاخارجه). ثم قال السفير: لماذا تشتكون وتتكلمون علينا السوء! أجابه صاحبي: لماذا تضعون صندوق للشكاوى أذا كانت كل شكوى تعتبر جريمة في سفارتكم؟…
لم يصدق صاحبي أنهم سيطلقون سراحه في ذلك اليوم، ربما أطلقوا سراحه لأنه كان يحمل الجواز الأمريكي. ماذا لو لم يكن يحمل جواز أجنبي؟؟…
ظل صاحبي ..ولايزال…مغتاظا ومكلوماً من أرهاب ذلك اليوم. ولاتزال (الشغلة تاكل بنفسه) كما عبر مؤخراً عندما التقيته. هل يحدث هذا في بلدان العالم الأخرى؟…
لماذا احدنا مايصدك يحصله منصب زغير، أول شغلة يفكر بيهه هو أستعمال منصبه لأذلال أبناء وطنه وأرهابهم…هل الدافع هو الكراهية والحقد الذي تراكم في دواخلنا بسبب سنين طويلة من الحرمان والشعور بالنقص. أم هي الأمراض التي تراكمت هي الأخرى…تدفعنا الى أستعمال أقل قوة نحصل عليها للنيل من الناس وايذاءهم. أقول مرة أخرى: أسأل الله أن يبدلكم بخير للناس منكم …
وحذاري من فخ السفارة العراقية في الكويت…أياكم أن تكتبوا شكوى…

أحدث المقالات

أحدث المقالات