8 أبريل، 2024 5:33 ص
Search
Close this search box.

“فخ الدولار”.. السوداني وعقدة الاطار

Facebook
Twitter
LinkedIn
في واحدة من مشاهد كوميديا العملية السياسية استذكرت الفوضى التي رافقت اول جلسة برلمانية بعد الانتخابات المبكرة الاخيرة، وكيف تحولت قاعة مجلس النواب لحلبة سرك يتصارع داخلها كتلة تدعي بانها صاحبة الحق الشرعي باختيار رئيس البرلمان واخرى تريد العودة لقرار قضائي صيغت كلماته قبل اكثر من  اثني عشر عاما تحت مسمى الكتلة الاكبر، وبين هذا التحالف وتلك الجبهة انتهى المشهد بالاعتداء على رئيس السن محمود المشهداني في لحظة اختصرت قصة كاملة من الصراع على المناصب للتحكم برقاب العباد وليس لخدمتهم او اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.
نعم… بهذه الطريقة يفكر اصحاب السعادة من زعامات القوى السياسية وجنودهم المخلصين من نواب واعضاء وحتى جيوشهم الالكترونية، فاختيار الشخص الذي يحقق مصالح البلاد ويحافظ على حقوق المواطنين بالعيش الكريم ليست ضمن اولوياتهم او على الاقل ليست في مقدمة مشاريعهم، لانها ببساطة ومن دون تعقيد تتركز رغبتهم بايجاد شخصية “مسلوبة الارادة” لا تقوى على معارضتهم وترفع شعار “طاعة الحزب” لضمان البقاء على كرسي السلطة، ولعل المثال الاقرب لحالنا تجربة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وكيف تحول لمجرد “دمية” بيد التيار الصدري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وحتى لا تحسب ضمن عنوان “المبالغة” فان السيد ابو هيا اضاف لقائمة الكتل السياسية التي يخضع لها “لحاجة في نفسه” بعض الاطراف الكردية وفي مقدمتهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزانى وهناك العديد من الامثلة التي لا مجال لذكرها بالتفاصيل وسنحاول اختصارها بنقطة الاستمرار بارسال الاموال إلى اربيل من دون تحقيق شرط دفع واردات النفط والمنافذ الحدودية، ليدفع في النهاية الثمن بتخلي الجميع عنه وتسليمه لمنافسيه بعد فترة من الفشل الحكومي سيذكرها التاريخ السياسي لبلادنا بصفحة سوداء.
ونحن نعيش اليوم، في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والازمات التي تحيط بها ومحاولة “بعض” الاطراف صناعة مواقف محبطة واخبار مزيفة تساهم بتعثر خطوات الحكومة وتخلق مساحة من ” الشك” بتنفيذ تعهداتها، علينا الاستفادة مما ذكر اعلاه في الاخطاء التي ارتكبها الكاظمي، فتلك الاطراف لا تريد نجاح السوداني وحكومته بقدر تفكيرها بالسيطرة عليه والتاثير في قراراته حتى يعود “صاغرا” ويقدم فروض الطاعة، ولا نستثني من تلك التحركات جهات سياسية تدعي مقاطعتها للعملية السياسية، لكنها في الحقيقة غادرت مجلس النواب فقط، ومناصبها في السلطة التنفيذية ما زالت محفوظة وبنفس الامتيازات وفي الوقت ذاته تمارس اذرعها في مواقع التواصل الاجتماعي “حملة تحريض” كبيرة ضد الحكومة مستخدمة سياسة “الكذب والتضليل” فهي مرة تدعي بان السوداني وكابينته الوزارية خاضعة للسفيرة الامريكية، وفي جانب اخر تتحدث عن قرب اسقاط الحكومة بقرار امريكي لانها متعاونة مع طهران، وحينما تسألهم عن ممثليهم في الحكومة امثال الامين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي وبعض الوكلاء في الوزارات وعلى رأسهم وكيل وزارة الداخلية حسين العوادي، تضربهم عاصفة من الصمت او يبررون القصة برواية الوزير علي بن يقطين في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي كان ضمن وزراء الخلافة العباسية لكنه من محبي واتباع ال بيت النبي عليهم صلوات ربي وتسليمه، وهذه لوحدها كارثة حينما يشبه سارق اموال قانون الامن الغذائي وصندوق اعمار ذي قار بهذه الشخصية.
وحتى لا نبتعد كثيرا عن الازمات التي احتلت فيها قضية اسعار صرف الدولار المرتبة الاولى ولصقت بالسوداني “ظلما وزورا” لانها واحدة من مسلسل “الفشل” الذي كتب حلقاته الكاظمي وصفقت له بعض الاطراف السياسية وبمقدمتها التيار الصدري الذي تصدى في وقتها للدفاع عن القرار الحكومة الذي خرج للعلن نهاية العام 2020، وجميعنا نتذكر كيف بررت النائبة السابقة عن تحالف سائرون ماجدة التميمي اتخاذ القرار وانفردت بشرح ايجابياته “كما وصفتها”، على الاقتصاد العراقي والمواطن المسكين حتى ان نائب رئيس البرلمان عن التيار الصدري حسن الكعبي “رقص فرحا” لحظة اقرار قانون الموازنة بسعر صرف الدولار الجديد ولم يتمالك نفسه فاسرع لاحتضان رئيسه محمد الحلبوسي، لنفاجئ بعدها بحقيقة تتحدث عن توقيع الكاظمي وحكومته اتفاقية مع البنك الفيدرالي الامريكي تنص على اعتماد الية في البنك المركزي قد تؤدي لاحقا لرفع اسعار صرف الدولار، لكنها لم تطبق في حينها لاسباب لانزال نجهلها، ليختار البيت الابيض والبنك الفيدرالي تطبيقها في عهد السوداني الذي “تصدى” للمسؤولية وتحمل “وزر” حكومة الكاظمي باتخاذ اجراءات سريعة لتدارك ارتفاع اسعار عملة بلاد العم سام والسيطرة على السوق والتي تتطلب في واحدة منها التفاهم مع الادارة الامريكية لتخفيف اثار الدولار على الاقتصاد وجيوب العباد.
لكن.. الغريب في الامر تفرد العديد من الجهات السياسية التي ترفع شعار “المعارضة” رغم عدم امتلاكها مقاعد برلمانية او جماهير على الارض، بانتقاد توجه السوداني والقوى السياسية الداعمة في الاطار التنسيقي بضرورة التفاهم مع واشنطن ويعتبرونها “مثلبة” لا يمكن غفرانها ويطالبون الحكومة بالوقت نفسه ايجاد الحلول العاجلة لازمة الدولار، وهذه الجهات نفسها تعيب على النظام السابق عدم التعاون مع امريكا لحماية البلاد من حرب العام 2003، وتدعو للاقتداء بتجربة الدول الخليجية في التعاون مع الغرب وواشنطن بشكل خاص للنهوض بالاقتصاد والعمران، فهل هناك حالة “انفصام بالشخصية” اكثر من التي نعيشها.
الخلاصة:.. ان الاطار التنسيقي بجميع مكوناته مطالب بفسح المجال للسوداني في اتخاذ القرارات المناسبة وعدم اجباره على مواقف او تحركات يراد منها خدمة مصالح “ضيقة” والعمل على “فك” العقدة التي تحاول جهات سياسية وضعها في طريق السوداني باسمكم وتحميلكم مسؤولية التاخر في تنفيذ التعهدات، فانتم مطالبون بتغيير وجهتكم بالتفاوض ورفع ايديكم بتأييد الحوار مع واشنطن والابتعاد بشكل موقت عن الشعارات ضد “الثالوث المشؤوم” ليس طمعا بمناصب سيادية وانما لمصلحة الملايين من المساكين، وتجاهلوا المتصيدين الذي يحاولون تعويض خسارتهم بخلق الفوضى.. لان المواطن ومعيشته اغلى من الالتفات لبقايا فريق الكاظمي، وجيوش المنسحبين… اخيرا.. السؤال الذي لابد منه… هل سينجح السوداني بتجاوز “فخ” الدولار؟…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب