23 ديسمبر، 2024 6:47 ص

الإعتصام والتظاهر والإحتجاج الذي تشهده بعض المحافظات العراقية ناتجاً عن ضغط متواصل ومتعسف من قبل بعض أجهزة السلطة المؤثرة لشريحة إجتماعية محددة يمكن إيجازها بتعرضهم الكبير إلى عنف طائفي موجه وممنهج أدى إلى أقصائهم وتهميشهم وإعتقال وسجن وإعدام الآلاف منهم وتعريضهم لتعذيب غير مسبوق وإرهابهم تهجيرهم ولقد فصل المعتصمون حقوقهم ومطاليبهم وهي بمجموعها ليست إعتراض على آليات الحكم بقدر كونها محاولة للدفاع عن مكون سلط عليه أنواع شتى من الإرهاب والعنت طيلة فترة الإحتلال الأمريكي وما تلاها منذ عام 2003م ولحد الآن بل إستمرت الممارسات التي قامت بها قوات لإحتلال الأمريكي بعد رحيلها من قبل قوات عراقية أستمرت بنفس النهج بل وأشد ولم تكن هناك أي بادرة لمراجعة ما حدث وما يحدث وإعادة التوازن الإجتماعي وإزالة الآثار المأساوية التي خلفها الإحتلال بل هناك مساعي وتوجهات لتثبيت مخلفات الإحتلال ومآسيه البغيضة وعلى رأسها تعميق الطائفية السياسية وتعزيز التمييز والإقصاء الطائفي في بعض أجهزة الدولة وعلى رأسها المؤسسات الآمنية التي تتحكم بمصير البلد كما تتحكم بمسير العملية السياسية وتدير شبكة جريمة و فساد هائلة . ولما لم يكن هناك أي بارقة آمل لتعديل الدولة لمسار السلطة ولا من السلطة لوقف البغي اليومي والتعسف والإرهاب والممارسات الطائفية على المواطنين من (السُنة) وكل ذلك مفصل في طلبات المعتصمين.
ولقد كان من أسباب قوة المعتصمين ومن أهم إنجازات الإعتصام أنها جمعت كل الأطراف تحت خيمتها وطالما كان المعتصمين في شتى ساحات الإعتصام (متوحدون)  فإنهم أقوياء بالقدر الذي لا يمكن إختراقه أو تهشيمهم أو إنهائهم؛ وبإجتماعهم و وحدتهم يحوزون على الشرعية القانونية المحلية والدولية والعربية والإسلامية وبوحدتهم هذه يمثلون كل (سنُة العراق) ويعبرون عنهم وعن معاناتهم (المشتركة ) ولا يعبرون عن رؤى سياسية أو فكرية لأحزاب أو هيئات أو جماعات يمكن الإختلاف بشإنها والتحاور فيها  .
و لقد تم الإتفاق بين كل ميادبن الإعتصامات على تجنيبها كل (المختلفات) والتركيز فقط على (المشتركات) وما توافق عليه القسم كبير من ناس من حقوق ومطاليب وهموم ولقد نجح المعتصمون في الإتفاق على (مشتركات) فعلاً وتوحدوا تحت مظلتها
ولكننا في شأن الفدرالية والإقليم نلمس بوضوح عدم إتفاق الشارع السُني عليها وهي موضع (خلاف) بين أهل السُنة لحد لآن وهذا يعني إدخال مسألة خلافية داخل ميادين الإعتصامات وهذا سيؤدي بالضرورة إلى نقل الصراع إلى داخل المخيمات وبالتالي نزع شرعية المعتصمين ونفي تمثيلهم لمكونهم وتفتت ساحات الإعتصام إن لم يكن إنهائها وتدميرها بل فتح نافذة صراع بين أهل السُنة أنفسهم مما يزيد من مأساتهم ويقضي على كل المنجزات التي حققتها ميادين الإعتصام لحد الآن ويعود بالسٌنة إلى التنازع والتحارب والإنقسام فيما بينهم .
كل هذا فضلاً عن حقيقة مهمة  يجب إن لا تغيب عن بال كل المعتصمين وكل أهل السُنة أن (مسألة الفدرالية) غير معنية بالإعتصامات والإعتراضات على تعسف وظلم (السلطة المركزية) بل هي شأن يحسم داخل المحافظات ومن خلال ( السلطات المحلية ) وذلك بموجب المادة (117) الفقرة :ثانيا : – يقر هذا الدستور، ((الاقاليم)) الجديدة التي تؤسس وفقا لاحكامه .
 ولقد وردت لفظة (إقليم) ثلاثة وثلاثون مرة في الدستور العراقي الحالي وصدر بموجبه  قانون ( الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم ) والذي حدد بموجبه تفاصيل تكوين الأقاليم وإجاز تكوين الإقليم من محافظة أو كثر بموجب المادة (1) من الفصل الأول من القانون ويحدد القانون بموجب الفصل الثاني (طرق تكوين الإقليم) وتنص المادة (2)  يتم تكوين أي إقليم عن طريق الاستفتاء ويقدم الطلب بإحدى الطرق التالية
أولا: طلب مقدم من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات المشكلة بموجب الدستور التي تروم تكوين الإقليم.
ثانيا: طلب مقدم من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.
ثالثا: في حالة طلب انضمام احدى المحافظات الى إقليم يقدم الطلب من ثلث أعضاء مجلس المحافظة مشفوعا بموافقة ثلث أعضاء المجلس التشريعي للأقاليم.
ويتحدث الفصل الثالث عن إجراءات تكوين الإقليم وفي المادة (3) من القانون
أ- يقدم طلب تكوين الإقليم إلى مجلس الوزراء موقعا من رؤساء أو الممثلين القانونيين لمجالس المحافظات أو المجالس التشريعية للأقاليم حسب الأحوال خلال مدة لا تتجاوز أسبوع.
ب- يكلف مجلس الوزراء المفوضية العليا للانتخابات خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من تقديم الطلب باتخاذ اجراءات الاستفتاء ضمن الإقليم المراد تكوينه خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة شهور.
وهكذا تمضي بقية المواد والفقرات من القانون المذكور في شرح اجراءات الروتينية المكملة لتكوين الإقليم وهي على عمومها يمكن القيام بها من خلال الحكومات المحلية وبرغبة أهالي الإقليم ولا يستوجب الإعتصامات بهذا القدر وبالإمكان في حال تحقق رغبة الناس وإتفاقهم القيام بها في أي وقت دون أخذ رأي الحكومة المركزية
لذا لابد من التمسك الشديد بوحدة المعتصمين بكل ميادين الإعتصام وتأجيل أي أمر يمكن أن يهدد وحدة المتظاهرين وإبعاده تماماً عن ساحاتهم فسر نجاحهم وحدتهم ولابد من إعتراف الجميع بوجود الكثير من (المختلفات) وذلك أمر طبيعي بل هو دليل نشاط وفعالية المجتمع إلا أن ميدانه ليس ساحات مواجهة الظالمين ؛ وكما أن الإختلاف والتنازع حرام في ساحات المعارك فهو بالضرورة محرم في ساحات الإعتصام بوصفها ميدان صراع سياسي سلمي للتعبير عن مظلومية طائفة والمطالبة بحقوقها وبالعدالة والتوازن في معاملة كل إفراد اشعب العراقي .
وتأكدوا أن هناك جهود ضخمة وأموال عظيمة ومؤامرات خبيثة وأطراف عديدة وجيوش ومليشيات وعصابات وقتلة ومجرمون وقنوات وفضائيات وصحف ومجلات ومواقع تستهدف نزع شرعيتكم وإفشال جهادكم السلمي بإستهداف وحدتكم ودق أسفين الفرقة بينكم أتركوا التنازع أو أجلوه الآن على الأقل وأمامكم أيام صعبة نهايتها النصر إن شاء الله و توكلوا على الله ورصوا صفكم وأشيعوا الحب بينكم وشدوا أيادكم وتمسكوا بسلميتكم  . وتيقنوا أن وحدتكم جزء مهم من وحدة العراق وسلامكم جزء من سلام العراق وبالحب ستنتصروا و السلام سلاحكم وسينتصر دم الحق على سيف الظلم. والكل العراق ينظر إليكم ويسمع خطابكم ويوزن كلماتكم فلا تخيبوا أهلكم ولا تخيبوا العراق فيكم لابديل لكم غير وحدتكم …
• يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ   •  وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ • (الأنفال 45 ـ 46)

[email protected]