22 ديسمبر، 2024 7:34 م

نحن أكثر شعوب العالم ميلا الي العواطف ولا يمكن ان تذكر العرب الا وتذكر الاغاني الوطنية والحماسية التي تغني بها كبار المطربين. أتذكر ابيات نزار قباني وهو يقول: إذا خسرنا الحرب لا غرابه لأننا ندخلها.. بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابه بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه لأننا ندخلها.. بمنطق الطبلة والربابه السر في مأساتنا صراخنا أضخم من أصواتنا وسيفنا أطول من قاماتنا ولذلك فنحن نردد دوما شعارات أبعد ما تكون عن الواقع ونظل نعيش في عالم افتراضي غريب لا نشعر فيه بالالفة ورغم ذلك نتباهي بما هو ليس كائن. اي شيء نحوله الي اغنية او خطبة حماسية او مقالة شديدة البأس وكان حياتنا كلها كلمات وموسيقى ومشاعر فياضة ملتهبة. وعندما يفوز بطل رياضي ألمانيو مثلا ببطولة ما لا نسمع الإعلام الأوروبي يردد ان هذا البطل فخر للاوروبيبن او رمز للأمة الألمانية وأنه بطل الحرب والسلام وانه رمز الرجولة وحب الوطن بل لهم نهج مختلف جعل من إحراز البطوله هدفا وعقيدة بعيدا عن الكلمات الرنانة المغلفة بكثير من النفاق. لاشك ان التباهي بالرموز في شتى المجالات امر محمود ومطلوب ولابد منه في أحيان كثيرة فهو يعطي المثل والقدوة للأجيال القادمة ويعزز من قيم الولاء والانتماء للوطن ويؤكد علي قيمة العمل والنجاح ولكن كيف هي الطريقة المثلي لتحقيق ذلك. البطل الأوروبي يعيش حياة احتراف قاسية ويتم توفير كافة الخدمات التي تحقق له التفوق ولا يلتفت وراءه الي إنجازات قديمة فكل ما ذهب ماض لا ينظر إليه فالمهم القادم والذي يعد له بحرفية مطلقة. الابطال في أوروبا يتم معاملتهم كونهم وسيلة لحصد البطولات ومن ثم تشرف عليهم هيئات ومنظمات علي دراية كاملة بكيفية التعامل مع الابطال فتقوم بتأهيلهم نفسيا ورياضيا وتتولى كافة أعمالهم حتى يتفرغ البطل للرياضة فقط. منظومة متكاملة من أطباء علم النفس والاجتماع والأطباء الرياضيين وعملاء التسويق وغيرهم من أصحاب التخصصات المختلفه التي تخدم البطل. تحقيق البطوله ليس بالامر السهل وان كانت هناك بعض الدول تحصل علي بعض البطولات من وقت لآخر فهذه ليست القاعدة إلا إذا كانت من خلال تخطيط طويل الأمد أما أصحاب الصدف فهم يعلمون ان الحظ والصدف لا يتكرران. فخر العرب العبارة التي تتردد دوما دون ان نعي ما ورائها لذلك يراها البعض مستفزة في حين يري البعض الاخر انه لا غضاضة في إطلاق الألقاب علي أبناء الوطن العربي الذين يمثلون بلادنا العربية في كافة التخصصات. ولكن المضحك ان نسبة كبيرة من هؤلاء الذين أطلقنا عليهم الألقاب لا يتحدثون العربية أو لنقل يتحدثون فرانكو اراب ولا تربطهم بالعالم العربي سوى جذور بعيدة تعود إلى ربما الأجداد. وانا شخصيا لست ضد التفاخر بكل جميل وجيد وخاصة الأبطال في كل مجال وكم كتبت عن ضرورة التواصل مع كل المغتربين ولي مقالات موثقة في هذا الشأن. ما يضايقني التباهي المبالغ فيه وتكرار النغمة دون فعل أي شيء آخر. فهل مثلا فكرنا أن ننتح للعالم فخر عرب جديد! هل درسنا كيف وصل فخر العرب إلى ما هو عليه من مجد وشهرة أو علم وفكر! هل نكتفي بدعوة هؤلاء وهؤلاء مرة أو أكثر للاستفادة من خبراتهم ام ماذا يمكن أن نفعله! نادوا عليهم كيفما شئتم وأطلقوا عليهم أعظم الألقاب ولكن انظروا من حولكم من المستفيد الأكبر منهم؟ بالطبع الدول التي احتضنتهم ووفرت لهم المناخ المناسب للابتكار والإبداع وتركت لنا التباهي باصولهم العربية. العالم يفكر بطريقة مختلفة ونحن مازلنا نعيش في فكر القرون الأولى ولولا يقظة الدولة المصرية بخصوص موضوع المغتربين لكان الوضع أسوأ بكثير. أعجبتني فكرة استضافة علماء مصر بالخارج واراها نواة لخطوات أكثر عمقا اتمنى ان تتم. واسجل تقديري للقيادة الرشيدة التي اهتمت بهذا الموضوع مما يؤكد حرص الدولة على الدخول في كافة المجالات لتصحيح المسار. حفظ الله مصر شعوبنا العربية.