18 ديسمبر، 2024 11:54 م

فخامة الرئيس، “عرب وين والبعثات الدبلوماسية وين”

فخامة الرئيس، “عرب وين والبعثات الدبلوماسية وين”

اطلق رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، دعوة لعدم تحويل السفارات الى “مقار للأحزاب والتجمعات السياسية والدينية والمذهبية”، كما شدد على ضرورة تمثيل هذه البعثات للعراق وتوطيد علاقاته مع الدول المتواجدة فيها، وتأمين الخدمات والحماية للعراقيين المتواجدين في تلك البلدان، أو ليس هذا ما تفعله السفارات بالعادة؟، وهل على رئيس البلد ان يذكر السفراء بعملهم الاعتيادي؟، ام ان دعوته وتحذيره تعتبر اعترافا مضمونا بأن السفارات قد تحولت بالفعل الى مقرات تمثل أحزاب ومذاهب وقوميات وتيارات سياسية على حسب انتماءات العاملين فيها.
خلال السنوات الماضية دأبت الحكومات المتوالية، على اعتماد المحاصصة الحزبية والسياسية في التعينات بالسلك الدبلوماسي، فمواقع السفراء والقناصل ورؤساء البعثات، اصبح يشغلها اقارب المسؤولين والصف الثاني من قيادات الاحزاب السياسية، وبعض حملة الشهادات العليا والاكاديميين المقربين من صانعي القرار كمكافأة نهاية خدمة، وكل هؤلاء بعيدين كل البعد عن المهنية الذي يتطلبها شاغلوا هكذا مراكز،  فماذا كنت تنتظر أن تتحول البعثات يا فخامة الرئيس؟.
اختيار الدبلوماسي يجب ان يخضع  لشروط ومعاير مهنية دقيقة، او على اقل تقدير ينتقى هؤلاء من الموظفين المتدرجين داخل الوزارة، من ذوي الخبرة في العمل الدبلوماسي، لنضمن المهنية في اداء واجباتهم، والاستقلالية عن التأثيرات الحزبية والدينية والقومية.  
وما يدعونا للتساؤل، لماذا يطلق الرئيس هكذا تصريح في هذا التوقيت؟، هل هي صحوة متأخرة باتجاه التغيير والشروع بإطلاق ثورة من الإصلاحات الشاملة، وهل حسم الرئيس امره وسيبدأ بخوض معركة شرسة ضد الاحزاب والكتل الطائفية والسياسية ومراكز القوى، وهل سنشهد عملية تغيير شاملة تطال كبار موظفي الخارجية الغير مؤهلين لشغل مناصبهم، أم أن هذا التصريح لم يكن سوى محاولة سيئة الاخراج، لركوب موجة التغيير، والقفز الى وسط صورة الاصلاح السياسي الضبابية.
تحذيرات الرئيس جاءت خلال لقاءه بالسفيرين حازم اليوسفي وحسين العامري والذين نقلا كسفراء الى الفلبين واستراليا، فالأول قيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي ينتمي له معصوم،  ونائب في برلمان اقليم كردستان، تم تعينه ضمن حصة الكرد والاتحاد الوطني بشكل خاص، فهي محاصصة قومية حزبية، والاخر طبيب بيطري يحمل درجة الدكتوراه في علم المناعة والتي لا نعلم مدى علاقتها بالعمل الدبلوماسي، حيث تم ترشيحه من التيار الصدري، والذي هو الأخر وجها من أوجه المحاصصة.
 فليشرح لنا سيادته كيف لن تتحول البعثات الدبلوماسية الى مقرات للأحزاب، وممثلي الاحزاب يتحكمون بها وبتوجيهات من قيادتهم السياسية، وها هو معصوم يجدد الثقة بسفيريه القادمين من قلب المحاصصة، أذن فالأحلام شيء والواقع المقيت شيئا اخر، وهنا ينطبق المثل الشعبي على العلاقة بين الدبلوماسية وتحذير الرئيس فنقول:  “عرب وين وطنبورة وين”.