23 ديسمبر، 2024 1:17 ص

المالكي ، الصانع والحامي والمتستر والمسؤول عن امبراطوية الفساد ، ومبدد ثروة العراق ، والفاشل في اختيار طاقمه وقادته ، لم تطح به افعاله هذه ، بل اطاحت به مواقفه الوطنية المشرفة التي رفض بها التبعية لارادة السعودية وقطر وموقفه من الحرب على سوريا  ، وحرصه على وحدة العراق ووقوفه بوجه محاولات ساسة الكرد الاستيلاء على مناطق واسعة من محافظات ليس له فيها اي تأييد او قبول شعبي ! وذهابه ، غير مأسوف عليه ، لم يخرجنا من وحل الفساد والفشل لكنه نقلنا من مرحلة تسمى بالعناد الى مرحلة الرضوخ ، والذي يسميه البعض انبطاح ، وانا افضل الاولى لان الثانية قد تتضمن ايحاء جنسي !!، وهذا الرضوخ الذي ربما جاء بناءا على قاعدة ( الايد اللي ماتگدر تلاويهه بوسهه ) ليس كله سلبيا بالتاكيد ، فهو على الاقل خفف من حدة الاحتقان الطائفي وسيل الشتائم العارم الذي كان يواجه به المالكي ، واعتقد انه ساهم بتقليل كم الانفجارات التي تضرب العاصمة ،  وإن كان الشيعة يدفعون ثمن هذا الرضوخ اموالا يعتقدونها خالصة لهم فانه يجعل السنة يدفعون ثمنه اراض تقتطع من محافظاتهم لتضم لاقليم كردستان ، وليس ادل على ذلك من رفع العلم الكردي على سنجار بعد تطهيرها من داعش ، وغدا سيرفع العلم الكردي على تلعفر مثلما رفع على مناطق واسعة من سهل نينوى ،
وفي حسابات الربح والخسارة لمكونات الشعب العراقي لما ألت اليه الاوضاع اخيرا نجد ان الرابح الاكبر والوحيد هم الكرد ، فهم يسيرون بخطى واثقة نحو بناء دولتهم المستقلة وبالخارطة التي رسموها وبمساندة ودعم دولي ، اما الشيعة فقد ربحوا حرية اللطم والنواح واحكام السيطرة على مناطقهم وتولية افسد خلق الله قادة لهم ، لكن الطامة الكبرى والفجيعة هي تلك التي حلت بالعرب السنة ، فساستهم لايقلون لصوصية وعمالة عن قادة الشيعة ولايقلون تخبطا ولا انتهازية عنهم لكنهم ظللوا الشارع السني وقادوه الى الهاوية ، وبدل ان يصطفوا مع المالكي لمواجهة نزعة التوسع الكردية على حساب مناطق سنية صرفة ، جعلوا من كل السنة اعداء للمالكي ووسموه بالطائفية ، رغم ان الرجل لم يكن طائفيا ، وجعلوا السني البسيط يتحدث عن مفردات كالتهميش والاقصاء والحرائر والتوازن رغم الجدل الكبير حول صحتها ، فكانت النتيجة ان عرضوا محافظاتهم الى احتلال داعش فخسروا كل ماكانوا يطالبون به واضافوا عليه خسائر اخرى لم تكن بالحسبان كان اكثرها قساوة التهجير  ، ولم نسمع سياسي سني واحد يتناول السياسة الكردية بانتقاد واحد رغم ان هؤلاء الساسة يؤكدون على مفردة ( المحافظات الست المنتفضة ) وهم يقصدون كركوك كواحدة من هذه المحافظات مع انها اصبحت ملكا خالصا للكرد ، وديالى لاتختلف كثيرا عن ذلك ، واجزاء كبيرة من صلاح الدين ، ناهيك عن نينوى ، وسوف يصحو المواطن السني غدا ليجد انه لم يسلم على ارضه الا في الانبار ومدينة الموصل فقط من كل نينوى وتكريت وبيجي من كل صلاح الدين ، فيما ينشغل قادته الاشاوس بالاجتماع في اربيل لاقامة اقليم السنة في المريخ !