18 ديسمبر، 2024 8:53 م

فتوى دينية أم أعلان حرب

فتوى دينية أم أعلان حرب

أثارت فتوى (الجهاد الكفائي ) بالدفاع عن المراقد المقدسة التي أصدرها أعلى مراجع الشيعه الامامية ( علي السيستاني _ أيراني الاصل والجنسية _ مقيم في مدينة النجف ) مؤخرا ، ردود أفعال متباينه ، ففي الوقت الذي أنتقدها بعض مراجع ورجال الدين الشيعة العرب والمثقفين لرؤيتهم ان هذه الفتوى تصعيد للصراع العسكري الذي يجري حاليا في عدد من محافظات العراق الغربية والشمالية ، وتأزيم للموقف السياسي المتشرذم ، فقد سارع العديد من رجال الدين والسياسيين الذين برتبطون بالمشروع الايراني الى التقاط الصور والظهور على شاشات الفضائيات ، مرتدين البدلات العسكرية ، تعبيرا عن التأييد لهذه الفتوى ولحث الناس وتعبئة الشارع على التطوع للجهاد والوقوف مع للمالكي في مكافحة الارهاب . ورفضها سكان المحافظات الست المنتفضه ضد سياسات المالكي الطائفية ، وعدوا ذلك أنحيازا لسياسات المالكي القمعية الاقصائية ضد أبنائهم وأعلان صريح بالحرب على ابناء السنه وأشعال الفتنة الطائفية ، وطالبوا المرجعية بسحب هذه الفتوى .

وتبرز لدى المتابع للشأن العراقي عدد من الاسئلة حول هذه الفتوى ، فالسيد السيستاني كان الى فترة قريبة منتقدا لسياسات المالكي في أدارة السلطة ورافضا لتوليه ولاية ثالثة للفشل الامني والاداري لحكومته والفساد المستشري في مفاصلها وأزماته المستمرة مع شركائه السياسيين من المكونات الاخرى بل وحتى مع مكونات الائتلاف الشيعي ، كما أنه لم يصدر فتوى الجهاد سابقا حتى عندما تعرض مرقد الامام علي ، لقصف الطائرات الامريكية ، والجيش الامريكي يقتل عناصر جيش المهدي الشيعي في شوارع النجف وعدد من محافظات العراق الجنوبية عام 2004 ، بل رزم حقائبة وغادر الى لندن ، ولم يرجع الى النجف الا عندما بسط الجيش الامريكي نفوذه العسكري عليها ، كذلك أن توقيت أصدار الفتوى ، جاء بعد وصول الوفد العسكري والامني الايراني برئاسة قائد فيلق القدس الايراني سليماني الى العراق وأجتماعه مع رئيس الحكومة وعدد من السياسيين الشيعه ، وتصريحات الرئيس حسن روحاني بوقوف ايران الى جانب حكومة المالكي في الصراع ضد ما أسماه روحاني ( الارهاب ) .

أن أيران التي أستشعرت ولمست الخطر الكبير الذي سيلحقه ثوار العشائر بثورتهم الشعبية وانتصاراتهم المتلاحقة وأصرارهم على تغيير العملية السياسية القائمة في العراق والتي من خلالها أستطاعت ايران من بسط نفوذها وهيمنتها السياسية والامنية والعسكرية عليه وتأمين مصالحها الاقتصادية التي تضررت كثيرا نتيجة العقوبات الدولية ، كذلك الحيلولة دون تنفيذ مشروعها الستراتيجي بالتوسع والتمدد في المنطقة والتي جعلت من العراق ستارا ومنطلقا لتنفيذه . لذلك سعت للعمل للحد من هذه الثورة وايقاف زحف الثوار نحو بغداد بأتجاهين أو عاملين رئيسيين ، هما ، اولا . تأجيج وتعبئة الشارع الشيعي من خلال الفتوى التي أصدرها السيستاني بذريعة الدفاع عن المراقد المقدسة من الارهاب ، وثانيا . أطلاق العنان للميليشيات الطائفية التي أسستها ودربتها ومولتها طيلة السنوات العشر الماضية ، لعمليات القتل والاختطاف للمدنيين من ابناء السنه في بغداد والاستعراضات العسكرية

الاستفزازية لزعزعة الامن والاستقرار في العراق ولارهاب المؤيدين للثورة وأيصال رسائل بتمكن هذه الميليشيات من السكان المدنيين وأحداث المجازر فيهم في بغداد وديالى ومناطق شمال بابل . بالاضافة الى العامل السياسي بتوحيد خطاب مكونات الائتلاف الشيعي وتأييدهم للمالكي في تصديه لخطر ما يسمى الارهاب .

كان الاجدر بالسيد السيستاني لو كان فعلا يريد مصلحة العراق والعراقيين ، أن يلزم الائتلاف الشيعي وجميعهم مقلدين لمرجعيته أن يرشحوا بديلا للمالكي لتولي السلطة وتشكيل حكومة من جميع المكونات تنفذ بعض مطالب ابناء المحافظات الست الثائرة ، وبذلك يسحب البساط من تحت اقدام المعارضين للعملية السياسية ويحقن الدماء التي تسيل حاليا في مناطق الصراع بين الثوار وافراد الجيش وبسقط الاتهامات الموجهه له بعمله لصالح بلده أيران . وتبعية الحوزة لها .

أن الازمات والصراعات تكشف أوراق اللعبة السياسية لكل دولة ، وأزمة العراق الحالية كشفت بشكل واضح بأن الحوزة الدينية في النجف هي مؤسسة دينية وسياسية وأجتماعية أيرانية متقدمة في الأراضي العراقية ، وحسب المصطلح الاستخباري ( محطة ) ، وأن السيد السيستاني ، لم يعمل الا بأصله وأنتمائه القومي وما تقتضيه مصلحة بلده أيران ومشروعها الستراتيجي التوسعي .

*[email protected]