لابد من الاعتراف وبكل صراحة؛ إن فتوى الجهاد الكفائي, التي أصدرها نائب الإمام الحجة “عج” لم تتم دراستها أكاديمياً وعلمياً بشكل دقيق, ولم تبحث من قبل المثقفين والكتاب بالمستوى المطلوب, إنما استغلت المؤتمرات التي تعقد لأغراض سياسية, وتعامل معها بالبحث والمناقشة من باب العلمية المجردة من الإبعاد العقائدية والاستشراف المستقبلي.
بكلمة أدق؛ أن الغرب كانوا أكثر فراسة في تحليلهم ودراستهم لها, من اهتمام العراقيين خاصة فيها, إي أن الغرب عرفوا ممن يوكل الكتف, بينما نحن بقينا نهتم بالظهور الإعلامي, ومن الجوانب المهمة التي لم تسلط الاضواء عليها, إن فتوى جعلت الجميع يستشعر بأنها بوابة لأدراك, كوننا نعيش إرهاصات الظهور الشريف, واخذ علماء المختصين بهذا المجال يهيئون الأذهان لتقبل أطروحة العلامات.
ما يحدث من اختلاف الرمحين في الشام, إنما هو دلالة واضحة على ذلك, حيث لم تذكر المصادر التاريخية؛ حدوث اختلاف بين رمحي الشام, كما يحدث الآن؛ وإن فتوى الجهاد في العراق, وما لحقها من استنهاض لدرء الخطر الخارجي عن العقيدة والوطن, هيئ المؤمنين لقبول مثل هكذا فتاوى, ستصدر في قام الأيام, عندما تشتد الفتن وتكثر الملاحم قبيل الظهور في المنطقة.
كما فندت الفتوى فكرة, إن جيش اليماني يأتي من اليمن, كيف؟؟ وإن العراقيين باتوا على هبة الاستعداد العقائدي والتعبوي, لتلبية نداء المرجعية العليا في إي وقت كان, وخير الدليل كواكب الشهداء الذين بذلوا ارواحهم, وعليه لا نبقى نعول دائماً على فكرة, أن المنقذ للعراقيين سيأتيهم من الخارج, كأن تكون إيران هي الداعمة اليوم, وغداً سيكون اليمنيون جيش الإنقاذ للوطن والمقدسات.
أنما العراقيون هم أهل لها بتاريخهم, وولاءهم العقائدي, وإتباعهم للمرجعية النائبة في عصر الغيبة الكبرى, والحشد الشعبي خير دليل على ذلك, وأكثر ما يؤلم؛ فرغم المواقف المشرفة للقيادات العراقية من اتباع المرجعية الدينية, والمتمسكين بنهجها القويم, وما أثبت بالوقائع الميدانية ضد العصابات الإرهابية, من بروز دور النخبة القيادية والقيادات الوسطية الشابة, نجد هناك زيف متأصل في الأفكار والتصورات موروثة بالمجتمع.
فأن من يمتلك العقيدة الدينية, والرؤيا السياسية والخبرة العسكرية, سيساهم قطعاً بتعبئة الأمة للدفاع عن حقوقها على الميادين كافة, وسيفند فكرة أهدى الرايات الممهدة للظهور الشريف, ستأتي قادمة من بلاد اليمن, ليس استصغاراً أو تحقيراً باليمنيين, ولكن الهدى هو “منهج المرجعية العليا الراشدة”, ومن يلتزم بتوجيهاتها, ويتمكن من جمع إتباعها المؤمنين لندائها, والدفاع عن العقيدة والوطن عندما تستلزم الحاجة لذلك.
لذا فالحديث في أروقة الجامعات ومراكز البحوث والدراسات, إذا لم يأخذ بنظر الاعتبار الإبعاد العقائدية للفتوى, والاستشراف المستقبلي للإحداث, أكثر مما يهتم بالجوانب الثانوية لها, فأنه سيبتعد عن الدراسة الموضوعية لأهمية الفتوى المقدسة, ولم يلبي طموحات الأمة التي تنتظر من النخبة الأكاديمية, بأنها البوصلة الحقيقية لتوضيح القراءات المطلوبة لأبناء المجتمع.