23 ديسمبر، 2024 1:17 ص

فتوى الجهاد الكفائي بين قراءتين

فتوى الجهاد الكفائي بين قراءتين

لابد من الاعتراف وبكل صراحة؛ إن فتوى الجهاد الكفائي, التي أصدرها نائب الإمام الحجة “عج” لم تتم دراستها أكاديمياً وعلمياً بشكل دقيق, ولم تبحث من قبل المثقفين والكتاب بالمستوى المطلوب.
 إنما استغلت إعلامياً لإغراض سياسية, وتعامل معها بالبحث والمناقشة من باب العلمية المجردة من الإبعاد العقائدية والاستشراف المستقبلي, وبكلمة أدق؛ أن الغرب كانوا أكثر فراسة في تحليلهم ودراستهم لها, من اهتمام العرب والعراقيين خاصة فيها, إي أن الغرب عرفوا ممن يوكل الكتف, بينما نحن بقينا نهتم بمأكل الترفية والظهور الإعلامي.

   ومن الجوانب المهمة التي لم تدرس هي؛ إن فتوى الجهاد الكفائي جعلت الجميع يستشعر بأنها بوابة لأدراك كوننا نعيش بوادر وإرهاصات الظهور الشريف, واخذ علماء الدين والمختصين بهذا الجانب يهيئون الأذهان لتقبل أطروحة علامات الظهور المقدس, وما يحدث من اختلاف الرمحين في الشام, إنما هو دلالة واضحة على ذلك, حيث لم تذكر المصادر التاريخية حدوث اختلاف بين الرمحين بالشام, كما يحدث الآن؛ وان فتوى الجهاد في العراق, وما لحقها من استنهاض واستعدادات جماهيرية, وصولات قتالية لدرء الخطر الخارجي عن العقيدة والوطن, هيئة المؤمنين لقبول مثل هكذا فتاوى ستصدر في قام الأيام, عندما تشتد الفتن وتكثر الملاحم قبيل الظهور في المنطقة.

   كما فندت الفتوى الجهاد في أذهان العامة فكرة, إن جيش اليماني يأتي من اليمن فلا أريد النقاش فيه, بقدر القول أن فتوى الجهاد هيئة النفوس, وجعلت المؤمنين على هبة الاستعداد العقائدي والتعبوي لتلبية نداء المرجعية العليا في إي وقت كان, لتقديم الغالي والنفيس وخير الدليل شهداء الحشد الشعبي الذين بذلوا أنفسهم, وعليه لا نبقى نعول دائماً على فكرة, أن المنقذ للعراقيين سيأتيهم من الخارج, كأن تكون إيران هي الداعمة بالاستشارة والتسليح, وغداً سيكون اليمنيون جيش الإنقاذ للوطن والمقدسات, أنما العراقيون هم أهل لها بتاريخهم, وولاءهم العقائدي, وإتباعهم للمرجعية العليا النائبة في عصر الغيبة الكبرى, والحشد الشعبي خير دليل على ذلك.

   والأكثر ما يؤلم؛ فرغم المواقف البطولية المشرفة للقيادات العراقية من جند المرجعية, والمتمسكين بنهجها القويم, وما أثبت بالوقائع الميدانية ضد العصابات الإرهابية, من بروز دور النخبة القيادية أو القيادات الوسطية “التي تمتلك العقيدة الدينية والرؤيا السياسية والخبرة العسكرية” والتي ستساهم في تعبئة الأمة للدفاع عن حقوقها على الأصعدة والميادين كافة, ألا إن الفتوى الجهاد كشفت زيف الأفكار موروثة في المجتمع, بأن أهدى الرايات الممهدة للظهور الشريف ستأتي قادمة من ارض اليمن, ليس استصغاراً أو تحقيراً بهم, ولكن الهدى هو “منهج المرجعية العليا الراشدة”, ومن يلزم بتوجيهاتها, ويتمكن من جمع إتباعها المؤمنين لندائها, والدفاع عن العقيدة والوطن عندما تستلزم الحاجة لذلك.

لذا فالحديث في أروقة الجامعات ومراكز البحوث والدراسات, إذا لم يأخذ بنظر الاعتبار الإبعاد العقائدية للفتوى والاستشراف المستقبلي للإحداث, أكثر مما يهتم بالجوانب الثانوية لها, فأنه سيبتعد عن الدراسة الموضوعية لأهمية الفتوى المقدسة, ولم يلبي طموحات الأمة التي تنتظر إلى النخبة الأكاديمية, بأنها البوصلة الحقيقية لتوضيح القراءات المطلوبة لأبناء المجتمع.