لايختلف إثنان أن مايجري في الساحة العراقية منذ نهاية عام 2003 والى يومنا هذا فتن, تتطلب من المفكرين, والادباء, والحكماء, الى ان يكتبوا عن هذا الواقع المرير, والبرلمان العراقي أعجبُ فتنة تمر على العراق والعراقيين , ففي كل مجالات الحياة يكون هناك صراعات بين أطراف معارضة والاخرى مؤيده , ومن خلال هذه الصِراعات ينتج برلماناً يتمكن الاغلبية فيه تكوين حكومة , سواءاً كانت توافقية من جميع الاطراف , أو حكومة أغلبية تكون الحصة الكبرى للحزب والطائفة والمكون الاكثر تمثيلاً في البرلمات , والببقية المعارضه تذهب للبرلمان تراقب وتنتقد عمل هذه الحكومة الذي يخالف القانون وأعراف هذه الدولة , إلا أن البرلمان العراقي كان مختلف في رئاسته وهيئاته ولجانه ومكانه وكل تفاصيله , وبطيعة الحال كما اسلفنا ان الخلاف يكون بين الاطراف على أساس جلب المصالح للبلد , ودرء خطر المفاسد عن هذا البلد نفسه , ولكن مايجري في البرلمان العراقي لا يستطيع أي عاقل في الكون أن يُطلق على ما نشاهده ونسمعه بأنها تصرفات برلمان يمثل دولة كبيرة عظيمة في ثرواتها وحضارتها ورجالها على مر السنين التي مضت , وكل ماجرى في هذا البرلمان منذ تأسيسه, سار بمسار الخطأ, فقد أُسس بطريقة تناقض الاعراف
الدولية التي تحترم نفسها وشعوبها , فكان تأسيسه على الطائفية المقيته , وعندها وقف الشعب العراقي حائراً كيف يتخلص من هذا الوضع , وشارك كبار المراجع الدينة(السنية والشيعية ) كلاهما على حدٍ سواء في تأسيس وترسيخ فتنة هذا البرلمان, وتأسس البرلمان , ومنذ تأسيسه كانت جلساتهم عبارة عن مصالح يتقاسمونها , كما أدلت بذلك أحدى النائبات بقولها ( كُلنا تقاسمنا الكيكة) , ومع هذا لم ينتج لنا البرلمان قضاءاً عادلاً يُوقف المتاجوزين من البرلمانيين وغيرهم , بل جعلوه قضاءاً يوافق مصالحهم وسرقاتهم وفسادهم , وكل هذه المصائب أثارت غضب الشعب العراقي الذي من المفترض أن يكون هو مصدر هذا البرلمان , لان نوابه ممثلين عن هولاء الناس, إلا أنه لن يستطيع الناس الذين رفعوا هولاء البرلمانيين الى قبة البرلمان , أن يحاسبوهم أو حتى أن يصلوا اليهم , فقد حصنوا أنفسهم بالمصفحات والحمايات والصبات ومايسمى بالعامية العراقية ( الطسات ) -وهي كتل توضع في شوارع المسؤلين لتقليل سرعة السير- , وما يهمنا من هذا المقال , هو الخلاف الذي حصل واشعل فتنة لن تنطفأ إلا بزوال جميع هولاء البرلمانيين! , وكانت هذه الفتنة سببها تعارض المصالح الشخصية والحزبية الضيقة , ولكن العجيب في هذا الفتنة الاخيرة والمضحكة , تختلف عن كل الفتن , والسبب هو أن المدعي, والمدعى عليه , ورئيس جلستهم , هم من مكون واحد ومن نفس التكتل الذي دخلوا فيه الى قبة البرلمان , وهذا من اعجب الفتن التي لم تحدث في أي برلمان تأسس على وجه الارض إلا في العراق .!!!