23 ديسمبر، 2024 2:01 م

فتنة بشار وحمد …ومشروع إعادة الاستعمار

فتنة بشار وحمد …ومشروع إعادة الاستعمار

(عملت الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة على ترسيخ تصور بأن ثمة بناء جديد سيجري إنشاؤه في الشرق الأوسط في ظل النظام العالمي الجديد,ولد هذا الطرح زخما من التوقعات والسيناريوهات المتعلقة بأن ثمة دولتين من دول الشرق الأوسط ستصبحان دولا محورية في النظام الجديد هما تركيا وإسرائيل…احمد داود اوغلو وزير خارجية تركيا الحالي..”كتاب العمق الاستراتيجي “موقع تركيا في الساحة الدولية”: ترجمة بشير نافع ومحمد جابر وطالب عبد الجليل, مركز الجزيرة القطرية للدراسات)
الأوتار التي تلعب عليها الإرادة الامبريالية الدولية في منطقة الشرق الأوسط هي”ترسيخ مبادئ الديمقراطية في المنطقة” ,ومسألة حقوق الإنسان,وبناء  مجتمعات ودول عصرية متحضرة قابلة للتطور والازدهار والتواصل ومع إرادة المجتمع الدولي الجديدة,
والغريب في الأمر إن تلك الأوتار حساسة جدا,وتسببت بمشاكل وأزمات وتوترات إيديولوجية وثقافية وسياسية بين العديد من ألإطراف والجماعات وقيادات الحركات العربية المعارضة للأنظمة الاستبدادية قبل وبعد انهيار بعضها,حول آلية قبول أو رفض التعامل مع المساعدة الدولية المقدمة لهم للتخلص من هذه الأنظمة الشمولية الدموية الفاسدة
,وللتاريخ نقول إن الشعب العراقي على سبيل المثال لم يكن بإمكانه ان يرفض أية مساعدة  للتخلص من الطاغية المقبور صدام(الذي لم يترك نظامه أي موبقة أو مفسدة أو فكرة شيطانية سادية تصلح لزيادة المعاناة وتعذيب البشر لم يستخدمها) حتى وان كانت مقدمة من أقذر شياطين الأرض,وهكذا لبقية الشعوب العربية أو غيرها………………
ولكن في حال سوريا فألامر مختلف ,هذا الشعب لم يعرف في تاريخه الحديث, أية صورة من صور ألاحداث السياسية الدموية المتكررة في بعض الدول المجاورة لها أو حتى البعيدة عنها,بل حتى الانقلاب الذي جاء بحافظ الأسد (بعد التخلص من رفيقه  صلاح جديد  ورئيس الجمهورية نور الدين الاتاسي 1970-171)إلى السلطة سمي بالحركة التصحيحية,
ولم تشهد سوريا مشاهد وجرائم إبادة(عدا أحداث حمص وحماة ثمانينيات القرن الماضي وأسبابها معروفة) أو تصفيات جسدية كثيرة استخدمت ضد المعارضين(كان المعروف إن اغلبهم يزج في السجن).
 فعلت الحملات الإعلامية الطائفية فعلتها في تحويل تطلعات الشعب السوري, نحو الانتقال الطبيعي إلى النظام الديمقراطية, أسوة ببقية دول الربيع العربي,إلى جحيم ودمار هائل, بل وخراب البلاد بأكملها,ولكن السؤال المهم هو هل كان بإمكان الرئيس السوري وحلفائه التقليديين تجنب هذه الكارثة أم لا؟
الحقيقة ومن وجهة نظرنا ونظر بعض المهتمين بالشأن العربي ,نقول نعم يمكن امتصاص غضب الجماهير بعدة خطوات وقرارات ووسائل وطرق حضارية وعقلانية في نفس الوقت(ولكن ليس عن طريق الغارات الجوية والقصف بالمدافع وتقطيع أوصال الشباب المتظاهر كما يفعل المجرمون أو الإرهابيين),إلا انه كان يرد النظام على الأحداث بقسوة  مفرطة تفسر على أنها رد فعل طائفي متعمد,
(الغارة الجوية أو الصاروخ الذي يسقط على الأحياء السنية ويقتل عمدا أو بدونه الناس الأبرياء تفسر على انها هجمات طائفية مقصودة),الخ.
الفتنة التي أوقعت الطائفة العلوية(والشيعة عموما) في حرج كبير ومأزق خطير,كان سببه تعنت الرئيس بشار الأسد في عدم تقديم مشاريع حكومية إصلاحية حقيقية(منها تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة),وكذلك تمسكه بكرسي الحكم حتى مع كل هذا الدمار الذي لحق ببلاد الشام,
كان الأجدر به ان يعرف هو وغيره إن الاحتجاجات الجماهيرية,والمد الشعبي المتزايد الرافض لنظرية التوريث في الحكم ,
لايمكن ان توقفه آلة الحرب والموت ,
الشعوب دائما اقوى من الحكام أو الطغاة…..
لقد تسببت فتنة النظام السوري بأزمة عربية خطيرة,الذي فتح من قبل نار الإرهاب على الشعب العراقي بعد عام 2003,هو نفسه يعود اليوم ليفتح أبواب جهنم على شعبه وطائفته والمنطقة برمتها,
(ولانعرف ماذا نقول عن زين العابدين بن علي  رئيس تونس المخلوع أو عن حسني مبارك الرئيس المصري الذي لم نجد في محاكمته أية شواهد عن الجرائم السياسية أو عن المقابر الجماعية!),
تحتاج إلى تدخل عربي وإقليمي مسؤول,
(وخصوصا من الدول المسماة بدول الهلال الشيعي..وحسنا فعلت جماعة من العلويين التي اجتمعت مؤخرا في مصر لتقول نحن مع تطلعات الشعب في التحول الديمقراطي لسوريا)
يتحرك بلا تردد لايقاف نزيف الدم ,والقتال الدموي المستمر منذ سنتين ,للبحث جديا في مشروع انتقال السلطة إلى حكومة مؤقتة ,تمثل جميع أطياف الشعب السوري(بما فيهم المحسوبين على النظام السوري) ,
بشرط ان يتضمن المشروع فقرة رحيل الرئيس بشار عن السلطة,تجنبا للانهيار العربي الشامل الذي تعمل عليه بعض الدول بقوة
(فالأزمة ستمتد إلى دول شمال أفريقيا بما فيها مصر)………
أما بخصوص فتنة حمد –قطر قائد لواء مشروع تخريب وتفتيت وتقسيم الأمة والدول العربية,فهذه المسألة تحتاج إلى مواضيع ومقالات وندوات ومواجهات سياسية وثقافية وحتى……لمعرفة أسباب هذا الانصهار التام في المشروع الدولي الإقليمي
(الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي ودولهما الإقليمية في الشرق الأوسط تركيا وإسرائيل),
ولكن اكتفي بالقول إن مشروع إعطاء مقعد الجمهورية العربية السورية في الجامعة العربية إلى المعارضة السورية المسلحة ,المخالف لميثاق الجامعة ,سوف يكون بداية الانهيار العربي,
فالرجل يبدوا انه  يعمل مع حلفائه على تفكيك وتدمير هذه المؤسسة العربية الشكلية ,من خلال فتنة هذا المقعد, ومحاصرة بعض الدول القابلة للتقسيم والتفتيت,بغية إعادة صياغة مشروع استعماري جديد,يعيد سيطرة القوى الكبرى على مقدرات وثروات ومصائر تلك الشعوب,
وفقا لنظرية الامبريالية الرأسمالية لتبادل المصالح الحرة,التي ترسمها الشركات والمؤسسات الامبريالية المعروفة (وفي مقدمتها صندوق النقد الدول والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية المتناغمة والمتوافقة مع نظرية الأنظمة الديمقراطية المتحررة من سيطرة الدولة على التجارة والاقتصاد الوطني),ولهذا تحدثنا من فترة وفي عدة مناسبات إلى إقامة مجلس تعاون عربي يحتضن دول الربيع العربي,ويخرجها من دائرة الصراعات الإقليمية……….