23 ديسمبر، 2024 5:45 ص

فتنة التقسيم وإرادة المرجعية

فتنة التقسيم وإرادة المرجعية

ما إن صوّت مجلس الكونجرس الأميركي، على مشروع يتعامل مع الكورد والسنة على أساس دولتين منفصلتين، حتى كشّر الطائفيون عن أنيابهم لإفتراس العراق وتقطيعه إرباً إربا، حلم كان يراودهم كثيرا منذ ما تمكن شيعة العراق، على إستحصال حقوقهم الشرعية التي سلبها صدام ورفاقه من البعثيين المجرمين طيلة عقود .
هذه الطائفة التي أعطت ما أعطت من الشهداء والمفقودين والمقابر الجماعية ووو إلى أن يعجز اللسان ، لم تناد في يوم ما بالإنفصال رغم بشاعة النظام ودمويته، فاختارت العراق على حقها الشرعي بإقامة دولة شيعية ممتدة من سامراء المقدسة إلى البصرة أم الخير، علماء الطائفة وساستها دافعوا عن جميع العراقيين بمختلف طوائفهم وقومياتهم، وذلك عندما أطلق مرجع الطائفة الإمام محسن الحكيم فتواه الشهيرة بتحريم الدم الكوردي، عندما أرادت الحكومة آنذاك قتالهم، والحكيم لم يك يشترك معهم بأية مشتركات، لا الإنتماء الطائفي أو القومي، وإنما كانوا عراقيين يجمعهم وإياه تراب هذا الوطن .
سقط نظام البعث وجميع العراقيين تتفس الصعداء، ببناء عراق واحد يجمع الشمال بالجنوب والشرق بالغرب، ليرسم الشعب لوحة تشكيلية كانت أصباغها من الدماء التي سالت في سبيل الحرية، لكن سعت الأنفس المريضة التي إمتلئت قلوبها بقيح الحقد والكراهية، من جهات داخلية وأخرى خارجية كان لها اليد الطولى بتقسيم الشرق الأوسط في عام 1915، لتفتت شعوب المنطقة، خافية خلف معاهدة ” سايكس بيكو ” ، بروكوتولات سرية لتقسيم المقسم وتجزئته على أسس طائفية وقومية، إرضاءاً للصهيونية العالمية ومؤسساتها السرية .
لم تشأ القوى الظلامية، أن يتعايش الشعب بمختلف تلوناته، فسعت إلى ضرب الروح التي تجمعهم، فاشتعلت حمى الإرهاب لتضرب وتقتل وتكفر وتفجر وتذبح المسلمين أولا قبل غيرهم، مستغلة فتوى علماء السوء وشيوخ الفتنه، ذات النهج الوهابي التيمي مستغلين الحرم المكي دون رادع يردعهم، ويلحقهم قرار سياسي طرح بايدن نائب الرئيس الأميركي في 2006، لأقسمة العراق لثلاث دويلات طائفية، ليبدأ تطبيق البروتوكولات السرية .
لعبة سياسية قذرة بدأت بالعراق وستنتهي به، ستشمل كافة دول الشرق الأوسط وسيعاني منها جميع الشعوب، بما فيها السعودية التي تحلم بالفارس الخيالي، الذي سيحميها من هذا المخطط المرام تحقيقه شائت أم أبت، فللقدر لعنة وكما تدين تدان، فحكم الملكية لم يكتب له البقاء للأبد، والتاريخ قد حفل بهذه العبر، وما الدولة الاموية والعباسية والعثمانية ووو إلا شواهد تاريخية، عسى أن تعتبر منها، ولكن صم بكم عمي وقلوب لا تبصر ولا تفقه حديثا .
ليتجدد المسعى مرة أخرى ويبدأ تطبيق مشروع بايدن، فقبل أسبوع وأكثر، طرحت لجنة أميركية تختص بالتسليح مشروع قرار يتعامل مع الكورد والسنة كدولتين مستقلتين، حتى أنتفض المرجع الشيعي وزعيم الطائفة الإمام السيستاني، رافضا هذا المشروع وكأنه قد شد العزم على إطلاق فتوى ثورية أخرى كالتي أطاحت بداعش، فتوى ستلبيها مئات الملايين من أبناء هذه الطائفة لتطيح بأميركا والذين يتبنون حلم الإنقسام، وهذا ما أسفر عن شطب البند التآمري، وقد ألجمت الفتنة وأطفت وقد كشفت زيف كثيرين، بعدما كانوا يصنعون ألف وجه ووجه من أجل المصالح الضيقة، الذين تاجروا بدماء السنة حين رفضوا إشراك الحشد الشعبي بقتال الإرهابيين الدواعش، بينما نسائهم تقتل وتغتصب،وتسبى .
 المرجعية العليا هي صمام الأمان للعراق وللعراقيين، فسفينتها صمدت ولا زالت تصمد أمام أمواج البحر الفتنوية الهائجة، إمتلكت الإرادة وكانت من العراق وإليه، والتي تضطرب في كل عاصفة، مما يجعلنا كعراقيين أن نتمسك بها، فهي الحبل الذي يجب أن نعتصم به .