كلما تذكرت بعض الادباء الذين دخلوا أتون العمل السياسي في العراق , شعرت بحسرة وغصة في القلب على ماوصل اليه هؤلاء الادباء . حين أتذكر الامس القريب أراهم وهم يمتلئون بفتنة أنسانية باذخة وحياء أخلاقي ورفعة معرفية تنبئك من بعيد عن خيال متوقد وأبداع متواصل , كان في مخيلتهم الغافية على أعذاق النخيل وطن بحجم السماء , وكانوا يودون أن تتغير بوصلة التاريخ ليأخذ الوطن شكله الافتراضي , بعضهم هاجر نحو مدن بعيدة حالما بالعودة على جناح حمامة وهو يمني النفس بأن يجعل من بلده بعد التحرر من الدكتاورية فردوسا أخر , والبعض الاخر الذي بقي متمسكا بجذور الارض حيث الخوف والجوع يطحنان ماتبقى من وجود كان حالما رغم شحة الحلم في تلك الايام الباردة في كل شيئ ,كان الحلم لايتعدى بأن تتغير بعض الاشياء حتى لو كانت ضمن قائمة بعض الحريات الصغيرة مثل حرية السفر , أو أن تكون الحصة التموينية تكفي للشهر الواحد .بعد عام عام 2003 وماحصل من تغيير كبير رأينا الكثير من هؤلاء الادباء يصوبون وجوههم نحو العمل السياسي وهذا ليس عيبا , فرغم قسوة مفردة السياسة في العراق الا ان المعنى العام يبقى لهذه الكلمة بأنها جزء من عمل حياتي أجتماعي يهدف لخدمة الوطن . الا أن ماحصل أن الاديب حين دخل بورصة الساسة العراقية أضاع المشيتين كما يقول المثل عن الغراب , فقد شهدت شاعرا من الشعراء المبدعين وقد
تحول بين ليلة وضحاها من عصفور يغرد على دالية من العنب الى غراب لايجيد غير التصريحات الرنانة والتي تذكرنا ببيانات النظام السابق , أختفت من وجهه سيماء الطفولة الشعرية وبدى وكأنه وقد تحول لكائن أخر , بالطبع هذا مثال واحد وهناك الكثير من الادباء من مثل صاحبنا , فالاخر لاينزل للشارع الاوتكون الحماية قبله وهي تؤمنه من براثن الموت الواقفة على أعتاب الشوارع , يوزع الابتسامات الكاذبة على من يراه وهو يلعن في نفسه السياسة التي تجعل من الانسان جرذ مذعور ,ويترحم على أيام حسن عجمي والشابندر وأتحاد الادباء وهو يردد من بعدي فليأتي الطوفان . السياسة في العراق في كل العصور وجه واحد للموت , أما الثقافة والادب فهي رغم شظف مبدعيها تبقى فتنة مابعدها فتنة , ولكم أعزتي القراء أن تعرفوا الفرق بين السياسة والادب .