قال مكتب رئيس مجلس الوزراء( الأحد الماضي ) إن الدكتور حيدر العبادي افتتح المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد لمرور المواطنين , لافتا إلى أن العديد من مركبات المواطنين توافدت على الدخول للمنطقة وكان العبادي باستقبال السيارات الأولى لدى دخولها ، وأكد العبادي أن افتتاح المنطقة الخضراء جاء كجزء من التزاماتنا تجاه المواطنين , مبينا (إننا ماضون بإجراءاتنا الإصلاحية ولن نتراجع عنها من اجل مصلحة مواطنينا وبلدنا ) ، كما كشفت اللجنة الأمنية بمحافظة بغداد عن فتح الجسر المعلق أمام المواطنين باتجاه مطار المثنى ومطار بغداد الدولي تنفيذا لوعود الحكومة لفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين ، وقال عضو اللجنة سعد ألمطلبي إن فتح الجسر المعلق سيكون للعبور فقط ومن دون التجوال داخل المنطقة الخضراء ، عازيا سبب ذلك إلى الحصانة الأمنية الكبيرة التي تتطلبها المنطقة لما تحويه من مسؤولين وسفارات أجنبية ، وفي صباح اليوم التالي للافتتاح اتضح إن المرور والعبور يخضع لشروط ، أبرزها أن تحمل المركبة مالا يزيد عن أربعة أشخاص وان يكون صاحبها يحمل جواز المرور ( الباج ) وان يتم التقيد بشروط القوات الأمنية من حيث عدم التوقف والاستدارة واستخدام المنبه (الهورن ) والإشارات وغيرها من الشروط .
ويشكل الجسر المعلق حضورا في الذاكرة البغدادية ، فهو رمزا وطنيا ومحط اعتزاز لان بنائه ، اذ مر بأحداث عديدة مما يعني انه يسجل للعراقيين جميعا أينما يسكنون دون مزايدات من السياسيين الذين تعاقبوا على الحكم في البلاد ، كما يعد الجسر المعلق من أهم الجسور في العاصمة بغداد لأنه يختصر الطرق للانتقال من الكرخ إلى الرصافة أو العكس , وقد تم إكمال تشييده عام 1964 حيث افتتح الجسر وتم استخدامه بشكل حيوي وعبر حركة انسيابية ، وخلال حرب الخليج الثانية ، أصيب الجسر بأضرار جسيمة نتيجة للقصف الأمريكي المتعمد في شباط عام 1991 ،, وكان من المتوقع أن يموت هذا الجسر ولا يعود للخدمة قط بسبب التعقيدات التقنية في تصميمه باعتباره جسر ( معلق ) وغير تقليدي ويخضع إلى معادلات بخصوص التوازن والتحمل وهي من الأسرار التي تحتفظ بها الشركة المنفذة فحسب ، إلا أن الخبرات العراقية أعادت ترميمه وإعادته كجسر معلق ( بعد أن اقترح البعض تحويله إلى جسر اعتيادي من خلال بناء الدعامات الارتكازية غير المعلقة ), وقد رافقت إعادة افتتاحه احتفالات كبرى لأهالي بغداد حيث حوله الفنانون وطلبة الفنون الجميلة إلى لوحة فنية رائعة من خلال تزيين مساحاته كافة .
ورغم وقوع الجسر بالقرب من مدخل القصر الجمهوري للنظام البائد إلا انه كان مفتوحا للجميع ( بحذر ) ولا يتم غلقه إلا عند مرور المواكب والوفود , حيث كان القيد المفروض هو عدم التوقف قرب مدخل القصر لأي سبب كان ، و بعد غزو بغداد في الحرب على العراق في نيسان 2003 ، تم تصنيف المنطقة التي يقع فيها الجسر المعلق على إنها غير آمنة لذا تم إغلاقه بحجة الصيانة , وقد تمت إعادة فتح الجسر رسميّا في 25 تشرين الأول 2003 ، إلاّ أن تفجيرا في بغداد حصل يوم 13 تشرين الثاني من العام نفسه تسبّب بإغلاقه مرة أخرى حتى منتصف عام 2004 , وبعدها تم إغلاق الجسر نهائيا أمام حركة المواطنين ، باعتباره يؤدي إلى المنطقة المحصنة (الخضراء) ، حيث مقر الرئاسات والدوائر المهمة والسفارتين الأمريكية والبريطانية , ومنذ 2004 ولحد اليوم يتم استخدام الجسر من قبل العاملين والساكنين في المنطقة الخضراء دون غيرهم من المواطنين رغم الانسحاب الأمريكي من العراق سنة 2011 ، وإغلاق هذا الجسر تسبب بازدحامات مرورية كبيرة , كما اضطر الراغبون في الانتقال من الكرخ إلى الكرادة أو المناطق الأخرى المرتبطة بها بقطع عشرات الكيلو مترات وقضاء الساعات في الازدحامات لكي ينعم ساكنو المنطقة الخضراء بهذا الجسر دون غيرهم من السكان .
لقد فرح سكان بغداد عندما نفذت أوامر رئيس مجلس الوزراء بإعادة افتتاح الجسر المعلق وفتح المنطقة الخضراء لعموم المواطنين , ولكن الشروط الموضوعة شكلت خيبة أمل للراغبين باستخدام الجسر المعلق لان الحصول على ( الباج ) محصورا بالعاملين في المنطقة الخضراء , فقد كان العديد من سكان بغداد يعولون على افتتاح الجسر المعلق لما له من فوائد في تخفيف الازدحام وإزالة عقدة المنطقة الخضراء التي صنعها المحتلون وانتقلت عدواها لحد اليوم , واعتبر البعض بان إعادة فتح الجسر المعلق يمثل إعادة حقا للعراقيين لأنه ملكا لهم جميعا فقد بني وتمت إعماره من أموالهم ولا يمكن جعله لفئة دون الآخرين , لأن ذلك يعد تجاوزا على الملكيات العامة وتضييقا على الحريات بموجب الدستور ، كما إن افتتاحه يعطي إشارات ايجابية بان الاصلاحات في طريقها للتطبيق وان السيد العبادي يمتلك خطة للتطبيق ، ورغم إن الفرح بفتح المنطقة الخضراء والجسر المعلق لم تكتمل إلا إن الآمال بفتحه قد تبددت ، فحسب معلومات وردت قبل قليل فقد تم إغلاق المنطقة الخضراء بما فيها الجسر المعلق مرة أخرى لأسباب غير معلنة ولكنها معروفة للجميع فهي تتراوح بين ممانعة الأمريكان و ضغوطات السياسيين، وفي كل الأحوال فان إعادة فتح الجسر المعلق تحت آية شروط سوف لا يعطي الأمان لأنه سيعيد ذكريات المرور من تلك المنطقة في أيام النظام البائد ، عندما كان الناس يمرون ( وأيدهم على قلوبهم ) وهم يمتلئون رعبا وخوف فعطل السيارة لأي سبب ( مثلا ) يوقع سائقها بمطب كبير ،