بعد مضي أكثر من عشر سنوات على سقوط صدام و أكثر من عشر قرون على صمت المرجعية التقليدية لإنشغالها على طول الخط بنفسها و بجمع الأموال في بنوك اليهود من أجل ذويها و أبنائها لتجعلها ملكاً خاصاً بأسماء أبنائهم و أصهارهم؛ بعد كل تلك السنين العجاف ينبري ممثل المرجعية التقليدية الشيخ الكربلائي ليدلي بفتاوى هوائية بدائية لا تغني و لا تسمن من جوع بعيداً عن الحكمة و الواقع و التكليف الشرعي و مبادئ الأسلام و آلأمر بآلمعروف و النهي عن المنكر!
حيث صرّح على الهواء في صلاة الجمعة التقليدية الأخيرة و الخالية كآلعادة من كل فكر و ثقافة و علم؛ مكرّراً كآلببغاء كلاماً عاماً لا يؤشر للحقيقة و للعناوين المطلوبة التي ينتظرها الشارع العراقي ليبدء بآلخطوة الأولى الصحيحة قائلاً:
إنتخبوا الأفضل؛
إنتخبوا لأجل التغيير؛
إنتخبوا القائمة الأفضل ؛
إنتخبوا الصالح من المرشحين؛
لكن السؤآل؛ من هي القائمة الرشيدة و المرشح الأفضل!
ألا يوجد رجل رشيد أو قائمة رشيدة!؟
فآلعراقي لا يعرف أبجديات الفكر و السياسية و الحق و المعرفة!
فكيف يمكنه من إدارة برلمان يمثل الأمة .. أ لا يكفي فساد و نهب أكثر من دورتي في هذا المجال؟
و غيرها من هذه الجمل المبهمة السطحية التي لا تغني و لا تسمن من جوع و كأنه يريد التهرب كما كل مرّة من حمل المسؤولية الحقيقة العملية كما سيده الذي يمثله بإتجاه التغير الحقيقي لصالح الفقراء؛ لأنها – اي المرجعية أساساً – لا تؤمن بطبقة الفقراء و لا اليتامى الذين وصل عددهم في العراق لأكثر من 5 ملايين يتيم يعيشون تحت خط الفقر, أما أبناء مرجعيتنا و بناتها و أصهارها فينعمون بآلملايين في أوربا و العواصم الأخرى و يعيشون الرفاه كأبناء الملوك و لا يعرفون حتى معنى الفقر!؟
أي دين هذا!؟
أية مرجعية ظالمة هذه التي تدعي ولاية علي بن أبي طالب الذي كان يعيش و أبنائه كأبسط فقراءالأمة !؟
أية إنتخابات عادلة ستجرى نهاية الشهر تحت إشرافها توجيهاتها!؟
و الأحزاب و الكيانات الظالمة أنفسهم يتقدمون و يستعدون لتدمير العراق!؟
و كذا الشخصيات المجرمة من أبناء الحرام أنفسهم باقون!؟
و الرواتب و الحقوق و ا لأمتيازات نفسها لم تتغير .. بل تغيرت لصالح جيوب الحاكمين الفاسدين!؟
ما فائدة إنتخابات شكلية, و قد حدّد الولي الأعلى (أبو ناجي) الحصص في المؤسسات الثلاثة الرئيسة بآلأضافة إلى الفرعية كآلقضاء و الأقاليم و كذا معدلات الرواتب الظالمة!؟
فآلسنة لهم البرلمان بلا منازع, و كأنه حقّ إلهي مُشرع لهم من السماء!
و رئاسة الجمهورية حقّ مسلم للأكراد و كأنها أصبحت طابو بإسمهم!؟
و رئاسة الوزراء للطائفة الشيعية, بغض النظر عن إنتمائه الحزبي أو السياسي!؟
و مقابل كل هذا فالقوانين الفاسدة خصوصاً بشأن الرواتب و المخصصات و التقاعد ثابتة !؟
فما معنى الأنتخابات في وضع كهذا!؟
و أين سيكون التغيير يا أيها الكربلائي الجاهل!؟
في الأسماء و الأشكال و العناوين!؟
ماذا يمكننا أن نتوقع مع هذا الوضع الفاسد الذي يتحمل مسؤوليته بآلدرجة الأولى المتصدي بإسم الدين و الأمة في النجف قبل غيرها من المدن و المحافظات, لكون الأمة العراقية على جهلها لا تؤمن سوى بآلمرجعية!؟
لذلك؛ لا تغيير حقيقي مع وجود رؤوساء و مرجعيات دنيوية تسرق بآلعلن و بآلقانن حقوق الناس و تودّعها في بنوك اليهود بكل قباحة و صفاقة و تعتبر ذلك حقاً و ملكاً شخصياً لها!؟
ختاماً إنّ رأي في الوضع العراقي و كما كان من قبل هو :
في ظل هكذا اوضاع مقلوبة ومضطربة و فاسدة؛ لا يمكن الوثوق بأيّ مرشح أو مرجعية مهما كانت عباراته ووعوده براقة في الظاهر بسبب إنفصالهم عن ولاية أهل البيت عملياً و كما بيّنا في موضوعنا السابق(1).
وحتى لو فرضنا جدلاً فوز نزيهٌ بينهم لم يشترك سابقاً بسرقة الفقراء و الأيتام عبر الرواتب و المخصصات التي تمتع بها؛ فانه لا يستطيع ان يعمل و يُغيّر شيئا وسط هذا البحر المتلاطم من الفساد و المفسدين الذين اعتبروا النيابة في البرلمان مفتاح لخزائن (علي بابا) العراقية التائهة دون حارس او رقيب(2) بجانب قوانين مجحفة في مسألة الرواتب و المخصصات التي لم نشهد لها مثيلاً في أية دولة ظالمة في العالم .. لذلك سيتلون المخلص – إن وجد بسبب تلك القوانين – بعد فترة من الزمن مجبرا ان يكون مثلهم و يسير في ركبهم غصبا عنه, بعد ما يأكل المال الحرام فتتغير نفسيته و نفسيه المحيطين به بسبب لقمة الحرام!
أعتقد بأن البديل الامثل مع هذا الوضع الفاسد تماماً؛ هو اعلان حالة الطواريء في البلاد وحلّ البرلمان والتحول الى نظام رئاسي قوي و مركزي يشرف عليه الفقهاء الذين يمثلون عملياً مدرسة الولاية المرتبطة بآلدولة الأسلامية المباركة, الى ان تستتب الامور و بعدها يمكن عمل انتخابات تشريعية و لكن بشروط جديدة .. مثلا ان يتقاضى النائب راتبه الشهري السابق من وظيفته السابقة دون زيادات و لا حمايات و لا امتيازات و لا حج و لا عمرة و لا ايفادات و لا قرطاسية و لا جرائد و لا بايسكلات و لا ملابس و لا و لا و لا خدمة جهادية ..
عندها سيظهر الغث من السمين و سنعرف من هو الشريف الراغب فعلا في خدمة الشعب والوطن ومن هو إبن الحرام ألذي يريد سرقة قوت اليتامى و الفقراء!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مقالنا السابق: الموقف العمليّ لسماحة الشيخ اليعقوبي من الصدر الأول!
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=167213
(2) سألوا رئيس الأئتلاف العراقي؛ كيف يجوز لك أستلام كل هذه الرواتب و المخصصات العالية و هي قوت الفقراء و اليتامي والمعلوليين و السجناء السياسيين, خصوصاً و أنت لم تحضر حتى جلسة واحدة في مجلس النواب!
أجاب و بمنطق بعثيّ صداميّ مقرف: إنها أموال مجهولة المالك!
و قس على هذا المجرم باقي الأعضاء و الممثلين!؟