23 ديسمبر، 2024 1:11 ص

فتاة عاشقة ( حكاية أغرب من الخيال – 1 )

فتاة عاشقة ( حكاية أغرب من الخيال – 1 )

وللكلمة سحرها ، منها تنطلق الأشعار فيشدوا بها الركبان والسمار ، وإليها يرحل العشاق .. وبها تنطلق كوامن أنفسهم ، وحولها تنتهي العبارات وتزدهر المعاني وتتألق السطور فتجود بكل ما هو جميل وأنيق .. فما بالكم لو كانت صادرة من صميم وجدان رجل أوقعه الحب المستحيل بشراكه دون رحمة ؟ إنها حكاية لاتغطيها مساحة قلمي رغم وسعها ، ولاتعبر عنها قراطيس الكون ! ربما تستطيع الدموع ترجمتها نظرا لصدقها في التعبير ، وقد ينبؤك القلب الخافق بأسرارها ؛ هناك العديد من الأصدقاء يسألني : ماسر هذه النبرة الحزينة التي تحيط بكتاباتك ، أما كان بالإمكان أن تهجر تلك النبرة الى غير رجعة وتستبدلها الى ما هو سار ومفرح ؟ وهؤلاء الأعزاء لايعلمون – وهم محقون – بأن الحزن صديقي منذ مايزيد عن العقدين وربما أكثر ! وقد تطورت صداقتي معه فأمتدت بشكل لن يصدقه أحد حتى وصلت الى درجة لن أستطيع الكتابة إلا وانا حزين ! وكلما إزداد حزني كثر إبداعي !! ولن أستطيع مضيا دون ان اكون كذلك ؛ والحزن أحبائي بكل مأساته أجده نعمة إلهية وفضل من الله سبحانه تجعل من صاحبها كثير التأمل قليل الكلام متأنٍ في إتخاذ القرار كي لا يقع في المحذور … عذرا سادتي لهذه المقدمة ، إلا أنها ستكون مدخل صدق لحكاية كان صديقي بطلا لها رغما عنه وعن عيون اهله ! ولا خيار له غير ذلك !! وكم حاول أن لا يكون ( بطلا ) لها لكنه فشل بأمتياز .. فشلا جعله يلوذ بالصمت فالبكاء كلما تذكر تلك الفتاة ( غفران ) .. التي ليس لها شبيهة بين سائر النساء جمالا وجرأة وصراحة أذهلته وهو الرجل الذي مر بتجارب عدة ! وغفران هذه بنت سمراء جميلة جدا لن أتمكن من وصف جمالها الأخاذ مهما كنت حصيفا .. فلله درها ومآلها حية كانت ام ميتة ، وإلى الله منتهاها ومنتهاي ومنتهاكم جميعا ، إليها سأكتب تخليدا لإسمها وإليها ينتمي حرفي وسطري وكلامي وبها أستجمع أفكاري لأنقلها لحضراتكم كاملة غير منقوصة وكما مرت .. راجيا أن تكون عبرة وعظة لكل من يمشي على الأرض من الشباب وغير الشباب :
ففي أواسط تسعينيات القرن المنصرم جرى إنتداب ( أحمد ) لأحدى الجامعات للعمل كمدرس مساعد للغة العربية في بلد عربي خليجي لمدة أربع سنوات قابلة للزيادة .. لذا حمد الله على فضله العظيم وحزم امتعته ودفاتره وأفكاره متوجها نحو عالم لم يعتد عليه سابقا ، كونه مشواره الأول في البعد عن وطنه في فترة كانت فيها العلاقات متوترة بعض الشئ بين بلده وتلك البلدان بسبب أحداث الكويت ، وعلى الرغم من أن الأرض فضلا عن السكان يتكلمون العربية لكنه شعر لأول وهلة بالغربة لكنها سرعان ماتلاشت نتيجة لأندماجه في عمله وحبه له .. وفي تلك الجامعة كانت البداية .. وليتها لم تكن .. ففيها عرف الحب وكيف يكون !! لكنه لم ينته كما كان يأمل لأسباب ستعرفونها في لحاق الحكاية .. إلا إن ذلك الحب الفريد كان درسا له فيما بعد وهو بمثابة إنطلاقته الأولى في ذلك العالم الغامض وقد سكن بين أضلعه وبكل دمعة نزلت وما زالت تنزل رغما عنه ! .. يقول أحمد :
كعادتي ، وكما هو مألوف ، أقوم بترتيب نفسي والتهيؤ لإلقاء المحاضرة المقررة لفصل يتكون من خمسين طالب وطالبة كلهم من الشباب ( الحلوين ) الرائعين الذين يستحقون أن أبذل من أجلهم الغالي والنفيس لكي ينطلقوا نحو عالم العلم
والتقدم وليكونوا رجال المستقبل لرفد بلدانهم بكل ما هو صالح ونافع .. وقبل أن أبدأ بإلقاء المحاضرة أضع محفظة اوراقي امامي واستخرج منها خطة الدرس وملخص الموضوع حينها أنطلق في التغريد والتدريس حسبما هو مقرر ؛ وحين أنتهي من القاء المحاضرة أعيد ترتيب الأوراق ثم أعيدها الى تلك المحفظة وهكذا هو الروتين اليومي .. ذات يوم وكالعادة التي امارسها يوميا لكنها كانت مختلفة بعض الشئ إذ وجدت ورقة مدسوسة بين أوراقي ! ورقة غريبة اللون غريبة الشكل تحمل عطرا من نوع فاخر ! ترددت في بادئ الامر ظنا مني انها ليست لي ! وبدافع الفضول فتحت تلك الورقة فوجدتها عبارة عن مشاعر جياشة وحب عارم موجه لشخصي الضعيف ! يالله ماهذا ؟ من الذي دس الورقة بين أوراقي ؟ وكيف ؟ على كل حال فتحت الورقة كي أعرف من الذي ارسلها لكني لم أجد اسما مدونا عليها ، تقول تلك الرسالة :
{ من قلب أضناه الشوق ، وصدر ضاق حرجا بنبضات ذلك القلب ؛ أكتب اليك – أستاذي – وأسمح لي ان اكون صريحة منذ البداية ، ربما ستظنني فتاة مراهقة أو طائشة فأنت محق بذلك الظن على الرغم من بعض الظن إثم ! لكني وبكل صراحة ودون مقدمات إمرأة عاشقة !! أعشقك بجنون منذ اليوم الاول الذي رأيتك فيه ، وهاقد مر شهران على وجودك هنا وفيهما تعلقت فيك أكثر ، فأنا أحبك وكفى ، وتذكر لست طالبة عزا ولا جاها فأنا فتاة من عائلة غنية جدا ومعروفة وبأمكانك ان تسأل عنها .. لاخيار لك في تجاهلي وصدقني أعرف عنك كل شئ .. أعرف عنوانك كما اعرف كل الأمكنة التي تتواجد فيها .. وأول الغيث رسالة .. والسلام }
والله وقفت كالصنم لا ألوي على شئ ، مالذي سأفعله ياربي وأنا في بداية غربتي وتكوين شخصيتي ، ولقد راودتني أسئلة كاد رأسي أن ينفجر من جرائها ….
( للحكاية تتمة )