7 أبريل، 2024 5:45 ص
Search
Close this search box.

فايروس الانحراف الفكري .. بكتريا العقائد الضالة .. النشأة والتكوين . اصحاب القضية مصداقا .

Facebook
Twitter
LinkedIn

مما لاشك فيه ان العقل البشري مرهون بعاملي المكان والزمان ، وان قدرته التفكرية تنحصر بمقدار الفهم في قراءة النصوص والاحداث ، وهذا الفهم هو الذي يحدد افق المسار وفق المصالح الخاصة والعامة ، بلحاظ ان العقل البشري غير محدود في مخيلته بتصور الاشياء ، وهذا ما يمكن ادراجه في عملية الوصول الى اي نتيجة ، لابد من تصورها اولا، ومن هنا بدأ العقل بصياغة اقسام العلوم ، فأصبح العلم التصوري احد اقسامة ، بل صار بابه الاول للوصول الى العلم التصديقي .

حينما نود التعمق بف القراءة ، والولوج في تفاصيل هذا الموضوع ، لابد لنا من عرض مقدمة تبين ما هو الانحراف الفكري ؟  

وما نمطية الملازمة بينه وبين الاختلاف او الخلاف ؟ وما يعني فايروس الانحراف قباله بكتريا العقائد ؟ وما دور الذهن بالنسبة للفكر ؟ .

المقدمة :-

اجد من الضروري الاجابة عما تقدم من تساؤلات لتبسيط المفاهيم واستحضارمصاديق ترتقي لتكون اجابات لتلك الاسئلة .

ممكن تعريف الانحراف الفكري :- بأنه المخالفة عما سائد في الوسط البشري من قيم او اخلاق وثقافة وانظمة وقوانين ، و الخروج عن الوسطية والاعتدال مما يدفع بمتبني هذا النهج اما الغلو او التقصير ، وكلامهما يعد مرفوضا عقلا .

بعد ان تعرفنا على مضون الانحراف الفكري لابد لنا من تحديد نشأة وزمان بدايات الانحراف الفكري ، ويمكن تحديد ذلك بالقول بان وقوع الاختلاف بدأ منذ بداية التكليف البشري من قبل الخالق جل جلاله . وليس منذ بداية الخلق للجنس البشري .

ويمكن الاستناد الى ما مثبت علميا اليوم ،وعرض النتائج على النص القرأني سنجد ان ما جاء في النصوص القرأنية يؤيدها ويقرها العلم الحديث بكل تفرعاتها واصنافها ، الجنس البشري موجود قبل وجود الخليفة الارضي ، ايقبل خلق ادم النبي ع ، وهذه الفتره يمكن تسميتها – ان صح التعبير – فترة الخلق البشري دون التكليف ، وبعد بعثته (ع ) بدأ عصر جديد للبشرية وهو عصر التكليف ، استنادا لما جاء في كتاب الله . قال تعالى ( وقد خلقناكم أطوارا) نوح 14 . وقال سبحانه وتعالى (كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ ) البقرة 213 .

لو تمعنا جيدا في النص القرأني لوجدنا  ان العله من ارسال الانبياء هو لهداية الناس واصلاحهم  ، ولو كان الناس امه واحده ما الغاية من ارسال الانبياء ؟

وهذا ما يؤكد ان احد الاوجه التي تحملها الاية الكريمة ، والتي يمكن الاستدلال بها على ان الناس كانوا امه واحده وعلى قماش واحد من الجهل باحكام السماء والقانون الالهي العادل ، نتيجة عدم صدور التكليف لهم ، اي كان الناس على فطرة الخلق الاولى في النشأة والتكوين ، وتأكيدا لهذا المعنى قوله تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها) الروم 30 اي فطره الخلق الاولى للجنس البشري ، وبعد ان ارتقى الجنس البشري اطوارا ، ووصل الى مرحلة البلوغ في فهم وتقبل وادراك الاحكام ، ارسل الله سبحانه الانبياء ليبدء عصر جديد للبشرية ، يمكن تسميته مجازا او حقيقة مرحلة بلوغ الجنس البشري  في فهم الاحكام السماوية وتطبيقها، وتقبلهم الاطروحة العادله، وهذه الغاية باعتقادي من الخلق البشري ، المراد منه التطور للوصول الى الارتقاء في مداركة، وقابليته في قبول شروط التكليف الالهي ، لذا خلق الله تعالى الخليفهالارضي اذ قال عزوجل : (إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة 30 .

وبدا العصر الجديد مع ذلك الخليفة المعلم المكلف بالاحكام السماوية ، وتعليمها لبقيه الخلائق ، وحينها وصلت البشرية بالقدرة على استيعاب الشرائع والمناهج ، وفهمها لتطبيقهما ، والعمل بما جاء فيهما .

ونستطيع ربط هذه القراءه في ما يتعلق بالاطروحة الالهيه العادله ، فهو استحقاق يحصل عليه العقل البشري حينما يكون مؤهل لذلك في فهم المطلب ، وذلك بادراك واقع العلة من الخلق ، وهو الوصول بالبشرية اجمع نحو الكمال ،وهذا لايتحقق الا من طريق الارتقاء بالذهن لعصمه الفكر .

ومن هنا بدأت رحلة العقل البشري في قراءه النصوص وفهمها ، حسب الادراكالذهني و التصور العقلي، وبما ان الناس متفاوتون في مستوى التفكير والادراك والوعي والتصور ، نجد وقوع الاختلاف في قراءه المفاهيم السماويةومن ثم يتم نشوب الخلاف اجتماعيا .

الاختلاف :-

اعتقد ان الاختلاف بحد ذاته ليس بالشيء القبيح ، بل مستحسن عقلا ، وذلك لانه تقصيا في العلم من اجل الوصول الى طريق الحقيقة من قبل سالكي هذا النهج ، فهو التنوع في الافكار وتعددها وتلاقحها من جهة ، والتدافع بين الآراء واختلاف الحجج والبراهين من جهة اخرى ، ومنه ما يكون بين العلماء من اختلاف من الرأى وبذل الوسع للانتصار له ، يمكن القول : ان الاختلاف هو الشيء الطبيعي في مكنون العقل البشري ، لما له من دفائن ينبغى استخراجها ، فيقع الاختلاف في الاراء والادله والمفاهيم والمصاديق والقراءت الفكرية، لذا ينبغي ان وقع الاختلاف فلا يفسد من الود بتاتا .

الخلاف :-

مصطلح يشير إلى التناقض والخلاف في وجهة النظر، أو رأي بين فرد واخر ؛ او افراد عده ، والذي قد يؤدي إلى الاحتكاك أو التصادم بين طرفين اجتماعيين أو أكثر، وهذه الأطراف يمكن أن تكون عبارة عن أفراد أو مجموعات أو دول .

فبعد ان تعرفنا ولو بشيء من الايجاز على المضمونين لابد من تسليط الضوء على الانحراف الفكري والعقائد الضالة ، ويمكن بيانهما من طريق اعطاء الوصف والبيان لكل منهما .

الانحراف الفكري :-

يعرف الانحراف في علم الاجتماع على انه وصف للأفعال أو السلوكيات التي تخرق أو تنتهك المعايير الاجتماعية ، بما في ذلك القوانين المسنونة ، مثل القيام بعمل إجرامي، أو الخروقات غير الرسمية ، مثل رفض عادات وأعراف مجتمع ما . فأالانحراف سلوكٌ لا يتوافق مع القواعد المؤسساتية او قواعد السلوك ، وحتى البعد الفكري .

ينشا الانحراف الفكري على  وفق ايدلوجيات يستغلها منافسون ، لهم غايات لشيطنة الفرد او اخراجه عن المالوف ، او تصويره على انه منحرف ، وغالبا ما تكون الافكار المنحرفة سوى اكانت من فرد او جماعات او حتى من دول ، هي صنيعة هدم وهيمنة ، يتم الترويج لها في بيئة ملائمة لزراعتها من اجل غيات معينه .

ويمكن القول ايضا بان الانحراف الفكري تقف خلفه مختبرات ومصانع ، حاله حال الفايروسات المصنعة وغاياتها واحده ، او متشابه تماما ، كما هو معلوم بان الفايروس اساسا كائن غير حي ياخذ دوره حياته من طريقدخوله الى الخلية الحيه , ليعيش ويتكاثر فيها  نتيجة ضعف في الجهاز المناعي بالجسم ، فكذلك الانحراف في الفكر يبحث عن حواضن له ، ليستمر في العيش ، والحواضن هي عقول بسطاء المعرفة وضعفاء الدراية .

وما يؤكد ذلك قوله تعالى (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين) الزخرف 54 ، أي ان فرعون استغل جهل قومه فسار بهم نحو الانحراف الفكري نتيجة الاستخفاف بعقول قومه ، فزادهم تجهيلا نتيجة انحرافهم الفكري ، فعشعش فيهم الضلال فاصبحوا مرتعا للعقائد الضالة .

اما في حال الوعي والادراك والمعرفة والفكر الصائب ، يصعب تماما ان يجد الانحراف الفكري مكانه في عقول افراد المجتمع او يكون حاضنة له، فضلا عن ذلك ان الفايروسات ان لم تجد الخلية الحية الحاضنة لها تموت وتهلك ، كذلك الانحراف في الفكر والافكار الهدامه ستضمحل وتموت في حال الوعي العلمي ، والادراك الذهني السليم للفرد او المجتمع .

العقائد الضالة:-

تعرف العقيده في اللغه بأنها : لفظ اشتق من العقد ، فهو الشد والربط والايثاق والثبوت بالاحكام ، اما في الاصطلاح فهي الايمان الجازم والقاطع بما يتم الاعتقاد به من عمل او فعل او فكر .

وتعرف الضلالة  على انها كل ما ضَلَّ اي ضاع وفُقِد من المحسوسات والمعقولات ، اي بسلوك طريقٍ لا يوصِّل إِلى المطلوب نتيجة العدول عن الطريق المستقيم عمدًا أَو سهوًا ، كثيرًا أَو قلييلا ، فالضلال  بالضدُّ من الهُدَى والرَّشاد.

ومن مفهوميهما والاستدلال القرءاني الذي اشار لهما في مواطن عدة ، نستطيع الوقول : ان الضلال في العقيده آفة تصيب الافراد والمجتمعات ، وتنخر في اجسادهم ، كي تحولها الى رماد معلنه انتصارها الساحق على العقول التي لاتملك وعيا وفكرا يهدي اصحابها الى طريق النحاح والفلاح ، اذقال تعالى (مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)الاعراف 186 وقال سبحانة (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) طه 123 وقال عز من قائل (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) نوح 24 .

ولو تتبعنا ايات الله في القرآن الكريم ، التي حذرت الناس من الضلال والوقوع فيه ، لوجدناها أربت على ثلاث وخمسين ايه ، في سور مختلفة من الثقل الاول الذي ان تمسكنا به لن نضل بعد رسولنا محمد ص واله ابدا ، ووجدنا ان التحذير والتذكير كبيران من اقترافه والمعنى واحد ، لما له من وقع شديد يصيب الفرد والمجتمع ، اذ ان اساس كل انحراف هو الضلال الذي يقع به الفرد ، فأذا حل الضلال وانتشر في الاوساط المجتمعية يكون عمله عمل البكتريا ونشاطها وانتشارها ، فمن خواصها سرعة انتشارها على الاسطح لما لها من خاصية الحياة ، فأنها تنمو الى حجم معين ثم تتكاثر عن طريق الانقسام الثنائي ، ويصل تعدادها الضعف في وقت قصير جدا في عملية الانقسام الخلوي   .

ويمكننا تشبيه بكتريا العقائد الضالة بطريقة تكاثر البكتريا ، بل هي اشد فتكا واخطر وقعا على الفرد والمجتمع ، نتيجة تكاثرها السريع عند الفرد البسيط ثقافتا وعلما ، وحينها سنرى هذه العقائد المضلة تتجذر في المجتمعات وتكون السائده بسبب وجود البيئه الملائمة لتكاثرها ، وما حل بالامم والاقوام التيسبقتنا هو معلوم لنا ، من طريق ما اخبربه الله سبحانه وتعالى في كتابة الكريم ، وكل ما اصابهم واهلكوا فيه كان نتيجة انحرافهم وضلالتهم .

وما انحراف البعض منا وضلالتهم – في زمننا هذا بمختلف عما سبقونا فالحركات التي نعيش وجودها اليوم ليست ببعيده عنا ، واحد مصاديقا ما يسمى (حركة اصحاب القضية) ، فهم انموذج عن فايروس مصنع في مختبرات مضلمة ، وجدت لها الحياة في عقول السذج من البسطاء ، فانحرفوا عن جاده الحق ، فعشعش فايروس الانحراف في افكارهم الجوفاء ، ليكون وسط ناقلا لبكتريا الضلالة في المجتمع .

وان اردنا التعرف على حقيقة هذه الحركات بالاعم ،  واصحاب القضية بالاخص ، سنصل الى نتيجة واحده هي ان جميعا صنعت في المصنع او المختبر بعينه ، بيد ان التسميات تعددت وتنوعت ،وبقي المسمي والمنوع واحد ،للجماعات الا ان مفهومها واحد ، فضلا عن ان مهامها متعددة ، واهدافها وضعت حسب الحاجة والظرف المراد ، فتارة تكون لغايات ساسية واخرى لضرب المعتقد والعقيدة والمذهب .

بأمكاننا اعطاء وجوه عدة عن حقيقة هذه الجماعة ، ومن يقف خلفها ، وما الغاية من وجودها ؟ ومن اوجدها اساسا ؟ ولماذا اليوم ؟   التي تقف خلف اصحاب القضية وما الغاية من وجودها ومن اوجدها اساسا ولماذا اليوم ؟ وقبل ان نسمي تلك الوجوه لابد من التعرف اولا على متبنياتهم الفكرية المنحرفة .

يعتقد ما يسمون انفسهم اصحاب القضية ان السيد مقتدى الصدر هو الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف – ، معتمدين على بعض الروايات والاخبار ، وتحديدا اطروحة السيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره الشريف – في موسوعة الامام المهدي في نظرية ( خفاء العنوان ) لذا فهم يستدلون على اعتقادهم بتبنيهم المفهوم العام لما وجدوه من تطابق مصداق او مصاديق عده على السيد مقتدى الصدر حسب رؤيتهم ، وعليه يمكن اجابتهم والاحتجاج عليهم  بشكل علمي منطقي ، حسب استدلالهم في اثبات الحجية كما يزعمون في اعتقادهم .

فبما ان محصلتهم النهائية اوصلتهم الى ان السيد مقتدى الصدر هو الامام المهدي ، فيمكن البدء معهم من حيث انتهوا ، واقول : ان في مقدمة شروط الامامة لدينا هو العصمة ، وان ادعائكم بان السيد مقتدى هو الامام المهدي ، فذاك باطل مفترى ، مناف للعصمة التي نعرف صفاتها وضوابطها ، اذا يستطيع كل انسان ان يستمع الى خطابات السيد مقتدى ولقاءاته ، وسيجد فيها من اللحن والسهو الكثير ، وكل ما وجد ليس بخلة او نقص ، هذا هو الطبيعي على ما هو عليه كونه بشرا وليس بمعصوم ، كما يزعمون القول عليه زورا وبهتانا

وقد يشكل البعض منهم ويرد بأن السيد مقتدى يتعمد هذا اللحن والخطا والسهو ، كي يخفي نفسه عن معرفتها  ؟!

نقول : هذا الاشكال يرد عليهم وعلى ما اعتقدوا به ايضا ، لانه يعد خله في نهج المعصوم ، فلا ينبغي لمن يتمتع بالعصمة المطلقه الالهية ان يتعمد الخطاء وتضليل الناس كونه منزها ومطهرا من لدن  الله سبحانه ،  اذ قال فيهم : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) الاحزاب 33 .

فهل بأمكان الامام المعصوم مخالفة امر الله تعالى وقد خصه بالتطهير من الخلل والزلل والخطأ والسهو ؟ كيف يمكن الجمع بين المنهج الالهي والسلوك الشخصي في مخالفة الحد الالهي ؟ هذا دليل ويمكن سرد الكثير من الادله التي تثبت  بطلان الادعاء لفكرهم المنحرف وزيفهم .

اذا مما تقدم يمكننا ان نرسم صورة لحقيقة الوجوه التي تقف خلف اصحاب القضية ، وتدعم توجهاتهم بصورة مباشره منها وغير مباشره من اجل معرفة النوايا التي يسعون لتحقيقها .  

الوجه الاول :-

جهل الفرد البسيط والمركب .

ان اصحاب هذه الحركة والمتبنين لهذ الفكر من غير المادلجين ، واعني بهم بسطاء الناس من العوام ، انطوت عليهم بعض الشبهات التي لم يستطيعوا ترجمتها حسب المباني الكلامية والمؤشرات العقائدية الصحيحة ، وذلك نتيجة الضعف في المستوى العلمي العقائدي من جهة ، و الجهل بثوابت اطروحة (خفاء العنوان) من جهة اخرى ، وكلا الامرين يوصل بصاحبة الى الاعتقاد الضال ، وبالتالي سيؤدي الى حرف المسار عن الطريق الصحيح ، وان اي انحراف عقائدي سيوصل صاحبه الى احد مسلكين بطبيعة الحال اما ان يكون فردا مغاليا ، اويكون شديد البغض .

وكلاهما محل ابتلاء لصحابة ، بعدم قدرته على تمييز الامور بصورة صحيحة ، وذلك سيؤدي به الى الهلاك نتيجة الاعتقاد الضال غلوا او بغضا .

ولا اظن ان هذا الامر جاء من فراغ ، واصاب قاعدة التيار الصدري ، بل اعتقدانه عمل ممنهج في ادخال فايروس الى هذه القاعدة الجماهيرية ، استغل الاعداء الفطره السليمة لبعض الصدريين ، ممن لديهم جهلا بسيط يصعب عليهم فهم مطالب اطروحة (خفاء العنوان) وساقوا لهم بعض الشبهات من اجل ايقاعهم وحرفهم عن جادة الصواب وتضليلهم .

هذا الوجه موجود ومغلوب على امره ، وانطلت عليهم الخدعة ، ويمكن العمل على تصحيح المفاهيم لهم  بسهوله جدا ، وارجاعهم الى جاده الصواب من خلال رفع الوعي الذهني والمعرفي لديهم عن طريق خطب صلوات الجمعة .  

الوجه الثاني :-

الغلوا عند بعض القيادات الصدرية .

هناك غلو عند بعض ممن يسمون بالقيادات الصدرية ، وهذا واضح وجلي فيتصريحاتهم الخاصة واقوالهم ، وحتى افعالهم ، اذ  استغلت تلك التصريحات واستند اليها من قبل الذين يقفون خلف صناعة فكر اصحاب القضية ، وروجوالها مستغلين ما تفوه به بعض القادة : من اجل اضلال الناس ودفعهم نحوالسلوك المنحرف .

وهنا يقع اللوم على اولئك القادة ، الذين يدعون العلم وهم لايملكون ابسط مقوماته ، بل ليس لهم تاريخ علمي يعتد به ، كي يحاضر ويدرس ويصرح دون الاستناد العلمي ، يعتمدون فقط على السرد القصصي او رؤيا المنام ، وحتى نسج الخيال الذي لا اساس له من الواقع ، ولايمكن قبوله او الاستدالال به عقليا ومنطقيا .

كان ولا زال هذا الامر سببا رئيسا في دفع الكثيرين من البسطاء الى ان يلتحقوا ويتبنوا مفاهيم هؤلاء ولا استبعد ان يكونوا هم جزء من المخطط  المعد على التيار الصدري وقد زرعوا في داخل التيار .

وهذا تقصير واضح وبين من القائمين على مفاصل التيار الصدري ومنهاجه ، اذ سمحوا بتصدي افراد غير مؤهلين اساسا في الحديث او الدرس ، والمفاهيم العقائدية والاصولية والكلامية ، فضلا عن ان البعض منهم اتخذوا من السيد مقتدى الصدر ربا لهم وليس اماما معصوما !!

وهذا من اجل الحفاظ على مكاسبهم وامتيازاتهم الدنيوية ليس الا ، مبتعدين البعد كله عن نهج الصلاح والاصلاح ، لذا يعتقد ان خطر هؤلاء هو الاشد ، والاكبر فتكا من غيره ، لانهم بعتقادي هم حمقى الداخل في التيار يريدون النفع له بتصورهم ، لكن خطرهم وضررهم اكبر من نفعهم ، فينبغي على القائمين على مفاصل منهج التيار الحذر منهم وقطع ما هم عليه لاصلاحهم او اقصائهم .

الوجه الثالث :-

منظومة الاستبداد والتسلط  الشيعي .

منذ بعثه رسول الله ص واله الطاهرين والى يوم اقامه دوله العدل المطلق سوف تبقى هذا المنظمة على اهبة الاستعداد ، وبكامل النشاط ، لاجل محاربة الامام المهدي عج . ولو قلبنا صفحات التاريخ ، ورجعنا بذاكرة الماضي ، ووقفنا على ابواب الرواة والمحدثين والكتاب ، وسالناهم :

من اراد اغتيال الرسول الكريم محمد ص واله الطاهرين ؟

من وقف خلف اغتيال الامام علي عليه افضل الصلاة والسلام ؟

من قتل الائمة الطاهرين سلام الله عليخم اجمعين ؟

من حارب الصالحين وقتلهم ؟

فالاجابة حتما ستكون : هنالك منظومة فكرية ، لها نهجها التسلطي وداخله في مفاصل الفكر الشعي ، لاتريد له اصلاحا ابدا ولا تطورا ولا استقلالا ، لذا تعادي وتسقط وتحارب باسم المذهب ، ولها اذرعها وادواتها .

ان ما طرحة السيد الشهيد محمد الصدر (اعلى الله مقامة) ، في اطروحة (خفاء العنوان ) من اطاريح في اراء ناقشها ، واخبار تحدث فيها ، وسمات وضحها ، وصفات بينها ، وكان ذلك قبل نصف قرن تقريبا ، فلما نر او نسمع ظهور افراد او جماعات او حركات حينها ، الا حينما تصدى السيد الشهيد محمد الصدر لمسك زمام المرجعية وبدأ بتاسيس منهج مرجعي قد يطيح ببعض الزعامات والرؤوس الكبيرة ، ظهرت تلك الحركات المنحرفة المصنعة من قبلهم ، غايتهم ارباك حركة السيد الشهيد وتشوية صورته ، واسقاطه عقائديا ،في نظر المجتمع .

فظهرت حركة سميت ب( السلوكية ) ، تقولت وادعت بان السيد محمد الصدر هو الامام المهدي عج ، فوقف منهم موقف المنكر لهم ، والمعادي لافترائهم وضلالهم ، وحرم منهجهم واتباعهم وفسقهم ، وبعدها توالت الحركات المنحرفة والضالة ، ك(المنتظرين ، وجند المولى ) وكانوا كسابقتهم ، فتصدى لهم وفند تقولاتهم وادعاءاتهم ، ولم يكفوا عما نهوا عنه الا بأستشهادة ( رضوان الله تعالى عليه ) فأستشهاده كان دليلا قاطعا بانه ليس الامام المهدي عج ، وان ادعائهم كان افتراء محض .

والحال نفسه اليوم مع ولده المصلح القائد مقتدى الصدر (رعاه الله ) نتيجة تصديه للقيادة الاجتماعية ومحاربة الضلال ، وانحراف المفسدين ةالفاسدين في المجتمع ، فنرى ان الفايروس الذي تم تصنيعة في مختبرات منظومة الاستبداد والتسلط الشيعي ، اطلق مره ثانية واعطي الضوء الاخضر له ، وامر بالانتشار ، بيد ان هذه المره ظهر باسم جديد ، وتحت عنوان اطلقوا عليه : ( اصحاب القضية )

لغرض التخلص من السيد مقتدى الصدر ، والاجهاز عليه وعلى قاعدته بعدما نجحوا في تصورهم من التغلب عليه سياسيا ، يريدون انهاء وجوده عقائديا .

الغاية واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ، وهي ابعاد الصدر القائد عن المشروع التعبوي الاصلاحي الذي يريد من طريقة رفع مستوى الوعي عند الانسان العراقي ، لمعرفة حقوقه ، وكيفية استرجاعها من المغتصبين .

فما اشبه اليوم بالامس ! فالايادي التي عملت على تشويه صورة الوالد المرجع ( قدس سره ) وقتلته عقائديا وسياسيا واجتماعيا ، ومن ثم اجهزت عليه ، هي نفسها تلك الايادي اليوم تعمل على تشويه صورة الولد القائد ( ايده الله ) ولا استبعد من انها خططت حتما لاغتياله وقتله والخلاص منه ومن انصاره .

لم ينعق الناعقون عن فراغ ، ولم يأت هذا الامر من مصادفه اطلاقا ، بل انه امر دبر في اخيلة الشياطين ، وعملوا على ادلجته وبرمجته ، ودرسوا حقيقة البعد العقائدي للمذهب الشيعي وعرفوا مضمون التشيع فلبسوا ثوبهم ، وتزيوا بزيهم ، واصبحوا يديرون هذه الجماعات الضاله والحركات المنحرفة ، وخير دليل على ذلك لايعرف لهم قائد يتبنى الطرح والمسؤولية لمعتقداتهم المضلة الهدامة .

 

الوجه الرابع :-

منظمة الاستكبار العالمي .

لست مبالغا في ذكر هذا الوجه وكشفه ، نعم الاستكبار العالمي فهو يقف خلف هذه التوجهات ويدعم الجماعات المنحرفة ويغذيها ، تاييد للوجه الثالث ومغازلة ، لتلاقي المصالح المشتركة بينهم سياسيا ، وبما ان السيد مقتدى الصدر يمارس دورا اساسيا في القيادة السياسية ،  وليس الدينية فحسب ، وله تأثيره على الساحة السياسية وما شهدناه من حراك سياسي للرجل ، لايمكن التغاضي عنه والمرور سريعا ،لان كل فعل او قول له ترجم اليوم ، ويبين بعده في رؤياه بثبات مواقفه السياسية .

لذا تعمد الاستكبار العالمي بشكل ممنهج ، للعمل على استهداف قيادة السيد مقتدى الصدر والقضاء عليه شخصيا ، واغتياله معنويا ،  من طريق صناعة افراد يدعون لنفسهم حركة ذات توجه عقائدي،  تدعي ادعاءات غير منطقية ، ليتلاقفها فرسان معبد الاستبداد والتسلط  الشيعي ، وتكون ماده دسمه تتناسب مع تطلعاتهم ومكاسبهم ، فلوحوا بموافقتهم لاسيادهم في منظمة الاستكبار العالمي ، بعد ان تم وضع الامضاء والختم على حلية اكل لحم السيد مقتدى الصدر  وان دمة مباح .

اعتقد وحسب رؤيتي الخاصة ، ان ( اصحاب القضية ) اسم وجد للنيل ممن اراد للعراق خيرا ورفعة ، تلبست فيه اربعة وجوه ، اولهما وثانيهما يمكن اصلاح امرهم وارجاعهم للهدية والرشاد ، من طريق معالجات ناجعة وشافية يجريها الطبيب القائد ( اعانه الله ) ويساعده فيها المخلصون من ابناء الخط الشريف الثابتون مع الوالد والولد .

اما ثالثها ورابعهما فالمعركة معهما قائمة ومستمرة ، لكن النصر والغلبة لمن سيكونان ؟! اكيدا ذاك متوقف على امور عده منها : الاخلاص في العمل والنية الصادقة والتقرب بهما لله تعالى زلفى ، وايمان القائد بقاعتده وتفاني القاعدة والطاعة لقائدها .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد الامين واله الاطيبين الغر الميامين الاطهرين .

المصادر

القرآن الكريم

مفاتيح الغيب للرازي

موسوعة الامام المهدي للسيد الشهيد محمد الصدر قدسره

موقع ويكيبيديا

كتاب شرح العقيدة الاسلامية (عبد الله بن جبرين )

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب