12 أبريل، 2024 3:30 ص
Search
Close this search box.

فاضرب ياسيدي الحديد الحامي بيد من حديد قبل أن يبرد

Facebook
Twitter
LinkedIn

“فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا,وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ”.
ونحن نعيش اليوم غمرة حزم الإصلاحات التي أطلقها السيد العبادي، لكننا مازلنا نعاني من عدة مشاكل كان من ابرزها مشكلة عقدة طبيعة نظام الحكم المزمنة، ومشكلة أن الصبر الذي يتميز به العراقيون بدأ ينضب ويضمحل، إذ فهناك يدور لغط كثير في الشارع وجلبة في الوسط الإعلامي الخارجي والداخلي، وفي بين صفوف المتظاهرين يدور صخب وضجيج ودوي مفادهن أن تلكم الإصلاحات ماهي الا عبارة عن حالة من حالات ذر الرماد في العيون، ويحتمل إذا ظل سير الإصلاحات على ماهو عليه الحال الآن فإن التظاهرات القادمة يحتمل أن تنحدر إلى منحى آخر، قد يطالب المتظاهرون فيه السيد العبادي بالتنحي عن سدة الحكم والرحيل، وقد تتسارع جذوة التظاهرات وتتصاعد سقوف مطالب المتظاهرين إلى رفع شعار: “الشعب يريد اسقاط النظام” بدلا من الشعار السابق: “الشعب يريد إصلاح النظام”، أو تصل إلى أبعد من ذلك لبلوغ حد المطالبة بمحاكمة السيد العبادي على أنه شريك مع بعض رموز الطغمة الحاكمة في التستر على عمليات الفساد، أو على الأقل اتهامه بالتردد المتعمد في انجاز الإصلاحات وبالتالي تعمده بالتغطية على عمليات الفساد والتستر على المفسدين والسيئين، وهذا ماقرأته في عيون المتظاهرين فضلا عما تطلقه السنتهم ولافتاتهم، و”ناقل الكفر ليس بكافر”.

لقد تكهن السيد العبادي في خطاب سابق له من أنه يسير قدما في انجاز الإصلاحات حتى لو كلفه ذلك حياته، وعند تفكيك هذا الخطاب، فإنه كان على دراية تامة بأن الخيارات التي ركبها كانت في غاية الصعوبة رغم اسناد الشعب ودعم المرجعية الرشيدة له، وأنه امام مفترق طرق، أولهما قد يؤدي إلى مواجهة بعض الأحزاب التي أنفلت منها الفاسدون بحزم، وهذا المفترق سلاح ذي حدين مرهونين بمدى قوة وحزم السيد العبادي وبمدى شراسة ومروق الفاسدين ومن يقف من وراءهم، وثانيهما تراجعه عن انجاز الإصلاحات بطريقة الهروب للأمام من خلال تخدير الشارع بالوعود وكسب الوقت لحين برودة المتظاهرين، والتردد من ركوب مطية التغيير الجذري والاصلاح الناجز، وفي كلا الحالين فإن السيد العبادي سيكون إما الرابح التاريخي الأول الذي يصنع تمثاله من الذهب، أو لاسامح الله الخاسر الأول وأن خسارته سوف لاتكون هينة على أي حال.

فقد اوقع العبادي نفسه في بلية وحرج لا يحسد عليه، ذلك لأنه تعهد بوقت سابق بانجاز الإصلاحات والاستجابة لمطالب المتظاهرين المتضمنة القضاء المبرم على الفساد وعرض الفاسدين وسراق المال العام والمتلاعبين بمصير العراق والعراقيين على القضاء للإقتصاص العادل منهم واقامة الحدود عليهم وإعادة جميع الأموال المسروقة والمنهوبة في أسرع وقت، وهذه العملية إن تم لها النجاح فتحتاج إلى جهود وإمكانيات استثنائية اقلها التأسيس لحركة سياسية إصلاحية، أو التوطيد لترسيخ صوت الشعب الذي يمثله المتظاهرون بما سمي بالحشد الشعبي المدني كتأسيسا سياسيا للحركة الآنفة ويكون هو قائدها وأمينها العام، لتؤازره في انجاز الإصلاحات بعيدا عن سلطة بعض الأحزاب التي تتبنى سطوة شبكات الفاسدين وأذرعها المتداخلة في جميع مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية وفي جميع شرائح المجتمع، وأخرى الاسراع بالاقرار على قانون الأحزاب، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني، وثالثة حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تكنوقراط، ومن ثم المطالبة بحل البرلمان والسعي ل” خوض إنتخابات فردية عامة مبكرة” وعلى وجه السرعة، بعد تعديل الدستور وفق مطالب الجماهير حتى وإن كان دستورا مؤقتا يعالج أزمات المرحلة الحالية، ورابعة إصلاح وفلترة القضاء والقوى الامنية من الجيش والشرطة، واصلاحات مؤسسات النزاهة والرقابة من الفاسدين ومن يشك في قصور كفائتهم، وخامسة أن لاتعطى الحقائب والمناصب لمن يطلبها، بل ومن واجب الحكومة أن تتحرى بنفسها كفائات التكنوقراط والكفائات الادارية والقيادية خاصة لشغل مختلف المناصب إذا اردنا التغيير والاصلاح الحقيقي.

انك ياسيدي وبالرغم من مرور شهر لم يلمس المتظاهرون منك اصلاحات جذرية عاجلة ملموسة، وكل ما قمت به اصلاحات ترقيعية لاتثلج الصدور ولا تقلل من وطأة حرارة المتظاهرين، ووجلنا يكمن في أن يتلقف المندسون والمتورطون بالفساد روح المبادرة وتغيير أهداف المظاهرات ومسارها إلى مالا تحمد عقباه بعد توظيف قسم من أموال السحت التي نهبوها لشراء الضمائر وذوي النفوس الضعيفة للنزول إلى الشارع والاندساس بين صفوف المتظاهرين، “فاضرب ياسيدي الحديد الحامي بيد من حديد قبل أن يبرد” وأعمل بفتوى المرجعية الرشيدة قبل فوات الأوان، وان العراق اليوم على مفترق طرق وخلاصه وشعبه مرهون بقراراتك السريعة والحاسمة، وإن ملامح الدولة المدنية قادمة لامحال، أو القبول بتسارع الاحتجاجات لتتحول إلى اعتصامات مسلحة لاسامح الله، ويجب إصلاح الأوضاع وانجاز الإصلاحات على وجه السرعة قبل وقوع الفتن لتفادي كل الأحتمالات.

وعلى السيد العبادي أن لايفوت فرصة الرهان على الرصيد الحقيقي الذي تبناه الشعب باعطائه الضوء الأخضر للتغيير والاصلاح والمدعوم من قبل المرجعية الرشيدة، فحيرته تبدو ويكأنها غير مفهومة لدى بعض العراقيين، وتردده في “الضرب بيد من حديد”بفتوى المرجعية زاد من نفاذ صبر العراقيين، إلا إذا كان خياره لتأسيس دولة مدنية، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة قد تحتاج إلى شيء من الصبر والوقت والتضحيات، وهذا مايجب أن يعرفه الشعب من خلال تواصله معه عبر القنوات المتيسرة. وبهذا فإن السيد رئيس مجلس الوزراء إذا ظل مترددا فإنه سيجد نفسه امام خيارات عدة قد تكلفه المجازفة بمستقبله السياسي أو حريته.

عن الرسول الاكرم -صلى الله عليه وآله- انه قال: “لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن لا تظلموا”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب