9 نوفمبر، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

فاز ترامب.. هل سيحقق الأحلام؟

فاز ترامب.. هل سيحقق الأحلام؟

دائماً ما يردد أصحاب الحكمة القديمة مقولة “سلوك الانسان اكثر ما يدل على سياسته”، وهي كلمات وجدت صداها واضحا وتفسيرها يناسب شخصية العديد من الزعامات والقيادات التي تدير بلدان المعمورة على اختلاف الوانها واعراقها في الشرق او الغرب، وسواء كانت الانظمة ديكتاتورية كما الحال في اغلب بلداننا العربية، ام ديمقراطية تدعي توفير مساحات من الحرية لشعوبها، واقربها مثالا امريكا التي عاد فيها ترامب للرئاسة مرة ثانية.

فبعد منافسة حامية واشهر من الاتهامات المتبادلة بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، ورغم الشكوك التي اطلقها “ابو إيفانكا” بوجود عمليات تزوير في العديد من مراكز الاقتراع، ومخاوف اللجوء للعنف ونشر الفوضى في الولايات الامريكية، حسمت المنافسة لصالح ترامب من خلال تجاوزه الاصوات المطلوبة لضمان كرسي الرئاسة، في ثاني فوز يحصده على امرأة، بعد تجاوزه اصوات المرشحة هيلاري كلينتون في انتخابات العام 2016، وهي نقطة تجعلنا نتساءل، لماذا يجيد “السيد ترامب” الفوز على النساء فقط؟، والدليل هزيمته في انتخابات العام 2020، امام الرئيس السابق جو بايدن، التي دفعته لارتكاب العديد من المخالفات ابرزها تشجيع انصاره على اقتحام مجلس النواب الامريكي وتسجيل اسمه بقائمة المطلوبين للقضاء بدلا من سجلات البيت الابيض في حينها.

لكن.. اكثر ما يهمنا بفوز ترامب تاثيره بالمعادلة الدولية والاوضاع في الشرق الاوسط، وهنا لابد من الالتفات لوجود “عينات” كثيرة من شعوب المنطقة وخاصة الخليجية وحتى في داخل ارض الرافدين رفعوا رايات الفرح و “دقوا الطبول” ابتهاجاً بوصول ترامب للبيت الابيض، لغايات ترتبط بتحقيق احلامهم بتوجيه ضربة قاضية للنظام الايراني وقطع جميع ما يصفونها “اذرع” طهران التي تتصدى بوقتنا الحالي لمواجهة الكيان الغاصب في حربه ضد غزة وجنوب لبنان، فهؤلاء يضعون ترامب “بمنزلة المخلص” وكانه جاء خصيصا لتنفيذ رغباتهم، وهم لا يعلمون بان السياسة الامريكية ثابتة والمتغير فيها ادوات التنفيذ فقط، والاكثر غرابة فان اصحاب تلك النظرية يستعينون بيميني متطرف لمواجهة الفصائل المسلحة، ويتحدثون بكره شديد عن الديكتاتورية ورغبتهم بالتحرر، وبنفس الوقت يؤسسون امالهم على شخصية ترامب الذي يشجع الديكتاتورية ومعجب بالانظمة القمعية، وهم ذاتهم يدعون لمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، لكنهم يتغنون بحب شخصية جمعت نفوذها المالي من التهرب الضريبي، ومع تلك التناقضات التي يعيشها الفرحون بوصول ترامب للسلطة لتحقيق احلامهم، عليهم التذكر جيدا كيف قرر بولايته الاولى نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس باعتبارها عاصمة للكيان ينتهي معها اي وجود لدولة فلسطين.

صحيح أن الرئيس الامريكي الجديد خرج علينا باول خطاب بعد فرز اصوات الناخبين وتأديته رقصة النصر، ليبلغنا بانه “لم يبدأ اي حرب في عهده السابق ولن يبدأ حربا جديدا”، وهي رسالة سلام كما فسرتها بعض الدول وخاصة روسيا، لكن الخطوات التي قد يتخذها ترامب خلال المرحلة المقبلة ستفاجئ الحلفاء قبل الخصوم، ومنها سحب القوات الامريكية من سوريا والعراق، مع الابقاء على السياسة ذاتها بالتعامل مع الفصائل بشرط ابعادها عن استهداف القواعد الامريكية، والعودة لسياسة “جباية” الاموال من الدول الخليجية وخاصة السعودية بحجة الحماية وتنفيذ رغبتها بالتطبيع مع اسرائيل، وقد يختار ترامب حلا ينهي الحرب في غزة وجنوب لبنان لكنه سيكون مكلفا لجميع الاطراف، لانه لا يرغب بمنع نتنياهو من تحقيق اهدافه، ويرفض إحراق المنطقة من اجل انهاء حزب الله، وحتى بالملف الايراني سيجد الرئيس الامريكي الذريعة المناسبة للابتعاد عن “التحرش” بالبرنامج النووي، بطريقة تحافظ على التوازن مع طهران.

وبالعودة لطريقة وصول ترامب لكرسي الرئاسة، نجد أن عملية الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خلال شهر تموز الماضي، كانت بمثابة جواز مرور سهلت مهمته بالعودة للبيت الابيض وجعلت منه الضحية الذي يجب نصرته للحصول على حقه في الدفاع عن النفس، لكن المخاوف التي كشفت عنها جهات مختلفة في الداخل الامريكي وخارجه من نتائج تسلم ترامب ادارة الحكومة، وخاصة تحذيرات الاتحاد الاوروبي من سحب واشنطن دعمها لاوكرانيا في حربها ضد روسيا، قد تلحق ترامب خلال الايام المقبلة بقائمة رؤساء امريكا الذين فقدوا حياتهم بعمليات الاغتيال، ليكون الرئيس الخامس بالترتيب بعد جون كيندي الذي قتل بهجوم مسلح في العام 1963.

الخلاصة.. إن فوز ترامب المطلوب للقضاء العراقي بتهمة اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، قد تجعل القضاء وحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في حرج من التعامل معه، وخاصة في حال رغبته بزيارة العراق لتفقد قواعد بلاده العسكرية، الامر الذي قد يخلف ازمة سياسية تعيد بعثرة اوراق القوى الداعمة للحكومة وخاصة الجهات المنتمية لفصائل المقاومة.. أخيرا.. السؤال الذي لابد منه: هل سنشهد حربا عالمية ثالثة أم سيحقق ترامب امنيات الحالمين..؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات