28 ديسمبر، 2024 12:14 م

فاروق يوسف .. مقارنة لتراتيل بابلية

فاروق يوسف .. مقارنة لتراتيل بابلية

ذات مرة قال لي الدكتور عاصم الامير ساخرا نحن آخر المقاتلين في خندق الابداع الذين بقينا في العراق نصارع الطائفية ورموزها ونشتغل بذات الوقت على مشروعنا الابداعي الاصيل , وفي زيارتي الاخيرة للعراق كان معظم وقتي اقضيه مع الاصدقاء دكتور عاصم , فاخر محمد , محمود شبر ومجموعة اخرى من الادباء والفنانين ابناء مدينتي . وكان قلقهم كبير ومتعاظم للخطر القادم على البلاد وامتعاضهم الشديد من الطائفية والمحاصصة التي اوصلت البلاد الى ماوصلت اليه . هذا كان همهم ووجعهم ومن هذا المنطلق اتساءل من اين جاء فاروق يوسف بنظريته التآمرية بطائفية هؤلاء المبدعين فلم يكن في ملامح منهجهم البنيوي للسطح التصويري في اعمالهم اشارة لانتماءات طائفية او مذهبية بل كانوا يشتغلون على اساس امتدادهم الحضاري وارثهم التاريخي كرمز يتسع للدلالة وليس ببعده المكاني كخارطة جغرافية يعيشون عليها الان وهي بذات الوقت منهل آخر يستلهم الفنان منه مفرداته وبحثه , ومن الغريب اني لم اجد في مقالة فاروق يوسف اي قراءة تحليلية لمناقشة اعمال الفنانين واساليبهم التي تم طرحها في معرضهم الاخير .فكيف يستطيع الناقد رفد موضوعه بالمهنية والاتزان وهو لم يرى هذه الاعمال اصلا الا اذا كانت له دوافع اخرى مبيتة ومقصودة , بالامس خرجوا علينا بنظرية فنانين الداخل وفنانين الخارج فمن كان في الخارج فهو عميل وباع وطنه بحفنة من الدولارات ومن كان في الداخل فهو طائفي ومن اركان النظام السابق , واليوم دقوا مسامير الطائفية في ثقوب اجسادنا الواقفة بشموخ تتحدى هذا المد الكريه . وربما اراد فاروق يوسف ان يغير عنوان المعرض ( تراتيل بابلية ) الى (  طائفية بابلية ) ولكنه عجز عن صياغة ادواته الطائفية فإنحرف قلمه بعيدا ليرتد الى ذاته الملغمة بالكراهية والحقد فتحول هو الى طائفي بنثر اوراقه ( المعجزة ) . الى اصدقائي الفنانين اقول عندما كان يروق لي ان قبل حبيبتي في السابق فانا اواعدها بين بوابة بابل وجدرانها الاثرية , وهذه المرة سأحتضن وأقبل هذه الجدران عسى ان الامس قلوبكم المدهشة وسأرفع قبعتي إعجابا بهذا العطاء البابلي وتراتيله الابدية