منذ أن بدأ التكليف الآلهي لخاتم الرسل (عليه و عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام) شرع بتقديم القرابين, ليرسي دعائم الإسلام في أرض المعمورة, وفعلا تزامن مشوار العطاء مع أول قطرة دم, نزفت من الرسول الأكرم (عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام), وجلس يدعو ربه” إن لم يكن بك علي غضب, فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي… أعوذ بنور وجهك, الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك”.
وكانت تلك الأنطلاقة لرحلة التضحيات, في طريق الطاعة للخالق, وأعادة كرامة الإنسان, الذي سجدت له الملائكة في السماء إحتراماً وتوقيراً, وأصبح يباع في الأرض, أذلالاً وتنكيلاً وتحقيراً, لذا كان لابد من عطاء عظيم, يتناسب مع تلك الثورة المحمدية الكبرى.
عتاة قريش, ورؤوس الفتنة الكبيرة , وكل مستفيد من بقاء الوضع على ما هو عليه اعدوا العدة لوأد ذلك الدين, والإنقضاض عليه, وطمس معالم تلك الثورة الاصلاحية الجديدة.
الترهيب تارة, والترغيب تارة اخرى, أغتيالات وخطط ومؤامرت, كل تلك الأدوات لم تجد نفعاً في أيقاف الاسلام المحمدي, الذي جرف سيله العارم اصنام مكة, إلا بعض أصنام النفوس, والرؤوس لم يتم التخلص منها بعد.
كتلة سرطانية تسمى بالخوارج أخذت تنمو في جسد الإسلام, وعندما دخل الجيش الإسلامي فاتحاً ألى مكة, دخلت تلك الخلايا في كمون, لتبدأ نشاطها مجدداً بعد وفاة النبي الأكرم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام), وتعود من وراء الستار لتغرس أنيابها في جسد النبوة.
أغتيالات سياسية, وسيوف أغمدت في رأس الأيمان كله, كما عبر عنه خاتم الرسل (عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام), كانت بداية مشؤومة لدين آخر ينمو في الظل, نعم فقد وصلت سيوفهم لعلي بن أبي طالب (عليه السلام), ذلك العابد الزاهد العالم, الذي يمثل ثمرة مشروع ألهي, ونموذج متكامل لما يجب أن يكون عليه المؤمن( قران يمشي على قدمين).
علي أبن طالب (عليه السلام) الذي تجده حاضراً حين تشتبك الأسنة, وتختلف الرماح لم يفوت معركة قط, ولم يك يرجع من حرب الا وقد بنت عليه علائق الدم بنياناً فارس الإسلام المحمدي الذي نعرفه, ضحية إسلام آخر مبهم , يمجد اصنام المصلحة والسلطة وأمتهان كرامة الانسان, ويكفر بالخالق, ويضرب مبادئ الدين الإسلامي الحنيف عرض الحائط.
إسلام بصبغة الدم, ليس لمبادئ محمد الخاتم ( عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام) فيه مكان, ولن تمر إنسانية علي أبن طالب (عليه السلام), في صفحة من صفحاته, صنعه الخوارج, ونسجته مصالح السادة, ليعتلوا مرة أخرى أكتاف الفقراء و يبيعوهم من جديد في أسواق النخاسة, أسلام خارجي, تحول فيما بعد لأرث داعشي نتن, فشجرة الخوارج الخبيثة تلك قد أثمرت, لتحمل رؤوس فتنة تعتاش على الدم.
لم يتوقف نزيف رأس علي أبن طالب( عليه السلام), فما زالت شيبته المقدسة مخضبة بالدم, ومازال أعداؤه يتفننون في طعنه.
منهم من يقف في معسكر أعدائه بشكل علني, ومنهم من يتخذ من زهده ونهجه واجهة, تحت مسمى مسؤول متأثر بنهج أمير المؤمنين نهاراً, يسحق رؤوس الأيتام بحذائه الأيطالي ليلاً, ويحرق قوت الأرامل بدخان سيكاره الكوبي, ثم يحجز رحلته لجزر المالديف, ليرفه عن نفسه, بأموال جمعها تحت مسمى مسؤول شيعي!, لا يعرف شيئاً عن كسرة خبز يابس, في كيس علي أبن طالب(عليه السلام).