23 ديسمبر، 2024 10:57 ص

فاجعة كربلاء دروس ومواعظ وعبر ..

فاجعة كربلاء دروس ومواعظ وعبر ..

اعتادت أمم الأرض وشعوبها النابضة بالحياة أن تستذكر رجالها الأوفياء العظماء في مناسبة وفي غير مناسبة تقديراً لدورهم ووفاءً لهم ، بما حققوا في حاجاتها ومتطلباتها وطموحاتها في الحياة – والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ، يتشرفون ، باستذكار فاجعة كربلاء ويحيون مناسكها كل عام ، على مدى أحقاب التاريخ الإسلامي ، بل طالما يستذكرها مفكرون وفلاسفة وقادة وأدباء ، من غير المسلمين ، تثميناً لعظمة صبر الإمام الحسين وشجاعته وتضحياته وأنصاره ، من أجل المبادئ والأهداف العليا ، فهو u لم يجود بنفسه وأولاده وأنصاره من أجل رغبات وطموحات نفسية خاصة وإنما ثورته كانت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحقاق الحق ، وإزهاق الباطل الذي دسَّ وحرّف في منهجية رسالة جده محمد رسول الله (ص) وتصحيح مسارها القويم ويتضح ذلك من خلال رسالته التي كتبها إلى أخيه (محمد بن الحنفية) ، قبل خروجه من المدينة { بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد بن الحنفية : أن الحسين يشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، جاء بالحق من عنده ، وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن أأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحقّ ، فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردَّ عليّ هذا ، فأصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم ، وهو خير الحاكمين}

فيزيد كما وصفه التاريخ الإسلامي – بأنه عابث مستبد بالحكم لاهٍ سكير مُحاط ببطانة سوء … وهذا يتنافى مع ضرورة أن يكون الخليفة ضمن مواصفات إسلامية تتلخص بالعدل والتقوى والنزاهة بالعمل والمقدرة العلمية المرتفعة والكفاءة المتميزة والمستوى الاخلاقي الرفيع ، فالواجب الملزم ، هو الذي دفع الإمام الحسين u إلى القيام بوجه يزيد ولاسيما وصلته عشرات الرسائل ، من أهل العراق ، تدعوه لإنقاذ دين جده ، من الانحرافات الخطيرة ، فالحسين ليس بمسلم عادٍ ، فهو إمام مفترض الطاعة ، عليه تصحيح الانحرافات ، التي تهدد الإسلام ومما يستدل على سوء أخلاق يزيد ووالده معاوية ، لم يرعيا حرمة رسول الله (ص) بقتل سبطه وريحانته ، ولم يحدثنا التاريخ الإنساني عن أمة من أمم الأرض قتلت أولاد أنبيائها ، باستثناء اليهود ، ومعاوية ويزيد تجرئا على الله ورسوله ، بقتلهما لرجلين – الحسن والحسين – طهرهما الله في محكم كتابه الكريم {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} (الأحزاب/33) وخصهما الله بالسلام {سلام على آل ياسين} (الصافات/130) وياسين : محمد(ص) بإجماع الفقهاء – الشيعة والسنة – فالقرآن الكريم خصَّ آل محمد بهذا السلام من دون الآل ،

وهم {محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين} أصحاب الكساء بشهادة كل الفرقاء ، ما عدا النفر الضال … فَتُؤكد إنّ حبّ المسلمين للحسين ، لا لقرابته من رسول الله (ص) وإذا كان الأمر هكذا فحب أبو لهب أولى ، لكونه عم رسول الله (ص) .

فحبنا للحسين u حباً موضوعياً إسلامياً وهم يدعون أشياعهم {حبونا حب الإسلام} أما من يحبه عاطفياً ولم يسلك سلوكه العبادي والتربوي السلوكي ، فالمنطق يقول أنّه ليس من الإسلام والتشيع ، سوى الأسماء والأثواب ، فالصورة المثالية للمسلم الشيعي نستخلصها من خلال حديث الإمام محمد الباقر u { والله ما شيعتنا إلا مَنْ أتقوا الله وأطاعوه … وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع ، وأداء الأمانة – لبرٍّ أو كافر- وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة ، والبرّ بالوالدين وتعهد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والايتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس …} ويقول الإمام علي بن الحسين u {خلق الله الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيداً قرشياً …} أما من أرتدى أثواب الشيعة دون العمل بأحكام القرآن الكريم وسنة رسوله (ص) فليس له من الإسلام والتشيع غير الاسم ، لذلك ترى بشراً على مختلف القيادات والرتب والمسؤوليات وعامة الناس يعيشون حب الحسين وأولاد الحسين ، فيلبسون السواد ويمجدونهم بالألسن ويثنون عليهم بالمحبة والمودة والاحترام ويطعمون الطعام على حبهم أو يفجون الرؤوس ويضربون الظهور حزناً عليهم … ولكن لو نطلع على أعمالهم وأفعالهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم ، تراها بعيدة كل البعد عن سلوك وطريق الحسين والأئمة الأطهار ، التي هي أساسها ومصدرها كتاب الله وسنة رسوله (ص) فأصحاب السلوكيات الشاذة المخالفة التي لا تنسجم مع القيم والمبادئ والاخلاقيات التي جاء بها الإسلام ، فهذه العلاقة بالأئمة علاقة عاطفية وحبٌّ ليس فيه منهجية تتماشى مع خط آل البيت (ع) القويم وهذا ما لا يرضاه آل البيت ، وإن كانت طبيعة أعمالهم حسنات … لأن المسلم الشيعي الحقيقي ، لابد أن تكون علاقته ، بأل البيت علاقة موضوعية نابعة من أصول تشريعات الإسلام ، إذاً الجنة لمن اتبع آل البيت موضوعياً لا عاطفياً فقط .