لا أعتقد أن هناك أمراً أغضب المتطرفين، من أنظمة وتنظيمات، مثل سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاههم. فاجأهم بسياسته وسرعة تحركه في منطقة الشرق الأوسط. تماماً، عكس سياسة سلفه الرئيس السابق الذي اختط لحكومته منهج الحياد السلبي، ولاحقاً حاول التصالح معهم.
ترمب منذ أول يوم له في البيت الأبيض اختار مسؤولي حكومته الذين يتفقون مع ما أعلنه عن عزمه على استهداف التطرف، بما في ذلك الحكومات، مثل إيران. المفاجأة الأخرى أن الرئيس باشر المهمة فوراً في العراق وسوريا، وكذلك في اليمن، لم يكن مجرد خطاب انتخابي.
خلال استقراء وتحليل السياسة الجديدة، اعتقد البعض أن ترمب سيكون رهينة الاتفاقية النووية الملزمة لبلاده، وأنه سيواجه بالعداء الدول الإسلامية دون تمييز بينها. إنما الذي أقدمت عليه حكومته أنها قبلت باحترام الاتفاق، لكنها أيضا أصرت على أن تلتزم حكومة طهران تنفيذه بحذافيره. إنما ترمب لم يرض أن يكون رهينة الاتفاق، بخلاف أوباما، الذي سكت على التجاوزات الخطيرة التي فعلتها إيران، سواء بالتمدد عسكريا في العراق وسوريا، أو التصرف ببلطجة في الممرات المائية وإطلاق النار على الملاحة الأميركية وغيرها، أو تهريب الأسلحة عبر البحر للمتمردين في اليمن، أو البحرين. كلها اعتبرتها واشنطن ممارسات مرفوضة وسيتم التعامل معها. وبالتالي لم يستخدم نظام طهران الاتفاق النووي كميزة في فرض مصالحه وبرامجه على حساب الآخرين.
الجانب الآخر يتمثل في عزم الرئيس ترمب على التعامل مع الإرهاب، ليس كقضية أمنية فقط بل عمل سياسي شامل. لهذا فاجأ الجميع بمشروعه وخطواته التي بدأت عندما التقى ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وتم رسم برنامج يحدد الحلفاء الذي يزمع التعاون معهم. ولاحقاً، قرر أن يرسل رسالة مهمة عندما قال إنه سيبدأ زيارته بالرياض، التي قررت أن تأتي بالعالم الإسلامي ليسمع من قادتهم ويستمعون إليه، ويبدأون خطوات العمل المشترك لمحاصرة التطرف والإرهاب.
مشروع العلاقة الذي كان أيضا للإمارات دور مهم في دعمه، ضمن تعاون ثنائي سعودي إماراتي في كل الملفات، غير مسبوق ومهم جدا، في نوعه وحجمه. وزيارة الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، للبيت الأبيض تصبّ في هذا المسار.
الآن ترمب يبدأ أول خطوة في مشروعه الكبير، القضاء على الإرهاب فكرا وتنظيما وشبكات، في قمة الرياض الإسلامية التي ستحضرها خمسون دولة إسلامية، تقريبا كلها وافقت على الحضور والتحاور مع الرئيس الأميركي. هذه خطوة جادة ولا يمكن أن نقارنها بما فعله الرئيس السابق أوباما الذي ألقى كلمتين للحث على التعاون مع العالم الإسلامي، وانتهت مهمته. لا شك أن خطاب أوباما كان جميلا؛ لكن الخطأ الذي ارتكبه الرئيس السابق أنه لم يفعل شيئا. ظن أن الحياد أفضل سياسة لبلده. وخلال فترة الغياب الطويلة نمَا «داعش» حتى صار أكبر وأخطر من تنظيم القاعدة، وانتشر العنف في أنحاء العالم الذي يهدد الجميع.
نحن نشهد مشروعاً جماعياً، المسلمون حكوماتٍ وأفراداً مسؤولون فيه، وهذا الفارق. سياسة ترمب هي نقل المسؤولية على المجتمع الدولي وبشكل خاص الدول الإسلامية. وهذه الخطوة الصحيحة، بدلا من تقاذف الاتهامات عبر الإعلام والاكتفاء بالملاحقات الأمنية.
نقلاً عن الشرق الأوسط