23 ديسمبر، 2024 3:13 ص

«فإن يك صدر هذا اليوم ولى…فإن غداً لناظره قريب»

«فإن يك صدر هذا اليوم ولى…فإن غداً لناظره قريب»

المتابع لسيناريو تسارع الأحداث السياسية التي عصفت في الشرق الأوسط والمنطقة خاصة، يلاحظ أن استراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية فيها قد مادت إلى منحنى أكثر أعتدالا من المنحنى السابق الذي كان ومازال يؤشر على نقاط حيوية تصب أولا في مصلحتها، وفي مصلحة وجود الكيان الصهيوني ثانيا، وأسندت دور عمالة ذلك المنحنى للسعودية وحلفائها من الأعراب مقابل ابقاء الحكم الوراثي القبلي للعائلة المالكة على رأس السلطة.

وعندما اسند هذا الدور الخطير للسعودية، ظهرت بوادر تمكن الكيان الصهيوني على حساب دول الجوار الفلسطيني على اعقاب حرب أكتوبر 1973 ومعاهدة كامب ديفد1979،ذلك بسبب الاسراف الطائفي والفتنوي الذي مارسته السعودية ضد هذه الدول مما افقدها القدرة على المواجهة، وعلى زيادة قدرتها على التشرذم والنكوص واضمحلال الأمن وغياب الحس الوطني بسبب المناكفات والإقتتال الطائفي والتمزق الكانتوني بتأثير الدعم اللوجستي والبترودولاري الذي قدمته السعودية للجماعات السلفية التكفيرية المسلحة في تلك الدول وعلى رأسها العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر، والتي اخذت على عاتقها بضرب ومحاربة جميع قوى التحرر وجميع المذاهب التي تتقاطع مع الفكر الوهابي، حتى وصل بهم الحال إلى امتهان القتل العشوائي الذي طال عزل الناس الأبرياء بشكل عشوائي كما هو الحال في العراق وسوريا بشكل مكثف ومستمر، وبسابقة خطيرة لم يكن لها مثيلا في التأريخ، الأمر الذي ساهم في زيادة إرتفاع الخط البياني لكراهية أمريكا والسعودية في المنطقة وفي شتى بقاع العالم، بغض النظر عن نظرية المؤامرة التي ساهمت السعودية وحلفاؤها بتعميمها وإيلاجها في عقول سذج الناس على أيها حقيقة واقعة كذبا وزورا.

وهكذا فقد حزم النظام السعودي أمره، باعتباره النظام القمعي والمتزمت الوحيد في المنطقة بحكم موقعه الجغرافي ومكانة الدولة الاقتصادية المرموقة، واعتباراتها الدينية والعربية، وبسبب اختلال كفة الميزان للمثلت المحوري الديني-المالي-الإعلامي ورجحانه لصالح النظام في المملكة، إذ لم يسمح لنفسه عبر تلك المعطيات إلا القيام بدور الوكيل الذيلي بالنيابة عن أميركا، ونشر وممارسة الارهاب في جميع مناطق العالم لغرض السيطرة عليها تيمنا بنظرية السيطرة على العالم كله التي يعتقدونها كمبدأ سياسي لنهجهم التكفيري المنحرف، إن في العراق أو مصر أو سوريا أو لبنان أو اليمن أو الصومال أوأنغولا أو جنوب أفريقيا أو نيكاراغوا أو فلسطين أو البحرين أو داغستان أو أوستينيا الشمالية أو موسكو أو نيجيريا أو تونس أو ليبيا أو الجزائر أو فرنسا أو إيطاليا أو أفغانستان أو الشيشان ، فوجد ضرورة ماسّة للتحرّك من دون مشورة واشنطن أحيانا، أو حتى من دون الحصول على إذنها أحيانا أخرى، أو موافقتها الكاملة المُسبقة، مااوقع الادارة الأمريكية في دائرة الحرج السياسي الشديد، والحرج العاطفي الشعبي في الداخل الامريكي، ولم يخرج أصدقاء أمريكا وحلفاؤها عن هذه الدائرة قطعا.

قرأت: {“إن العقل المدبّر لشبكة الارهاب السعودي هو بندر بن سلطان، الذي يحتفظ بروابط عميقة وقديمة وعلى أعلى مستوى مع المسؤولين السياسيين والعسكريين والاستخباريين.
وقد تدرب بندر وحصل على عقيدة قتالية في قاعدة ماكسويل الجوية وجامعة جون هوبكنز وعمل في منصب سفير سعودي الى الولايات المتحدة لأكثر من عقدين )1983 ـ 2005(. وفي الفترة ما بين 2005 ـ 2011 كان الامين العام لمجلس الأمن الوطني وفي 2012 تم تعيينه مديراً للاستخبارات العامة. في مرحلة مبكرة أصبح بندر منغمساً بعمق في عمليات ارهابية سريّة تعمل بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ال’ سي آي أيه’.
ومن بين (العمليات القذرة) العديدة التي قام بها بالتعاون مع السي آيه أيه خلال الثمانينات. حوّل بندر 32 مليون دولار لجماعات كونترا النيكاراغوية المتورّطة في عمليات إرهابية للإطاحة بالحكومة الثورية الساندستية في نيكاراغوا.
وخلال عمله كسفير كان بندر ضالعاً بصورة فاعلة في حماية العائلة المالكة بسبب علاقاتها بهجمات 9/11.
الشك بأن بندر وحلفائه في العائلة المالكة كان على علم مسبق بالتفجيرات من قبل الارهابيين السعوديين 11 من أصل 19، مردّه الى المغادرة المفاجئة للأمراء السعوديين عقب العمل الارهابي مباشرة.
وثائق الاستخبارات المركزية الأميركية بخصوص روابط بندر ـ السعودية هي تحت نظر/مراجعة الكونغرس.
في ضوء وفرة التجارب والتدريب في إدارة العمليات الارهابية السرية، المستمدة من عقدين من التعاون مع وكالات الاستخبارات الأميركية، كان بندر في موقع لتنظيم الشبكة الارهابية العالمية الخاصة به في الدفاع عن النظام الطاغوتي الملكي السعودي المعزول، والمتخلف، والهزيل.

نقل بندر بن سلطان السعودية من نظام ضيق الأفق وقبلي يعتمد بصورة كاملة على القوة العسكرية الأميركية لبقائه على قيد الحياة، الى مركز إقليمي رئيسي لشبكة ارهابية ضخمة، وداعم مالي فاعل للديكتاتوريات العسكرية اليمينية.
قام بندر بتمويل وتسليح شعاع واسع من العمليات الارهابية السرية، مستغلاً المحازبين الاسلاميين لتنظيم القاعدة، والمذهب الوهابي الخاضع للسيطرة السعودية وكذلك مجموعات مسلّحة سنية عديدة. بندر هو فاعل ارهابي براغماتي: يقمع القاعدة في الداخل ويموّل ارهابييها في العراق وسوريا، وأفغانستان وأماكن أخرى.
وفيما كان بندر يمثل إحتياطاً طويل المدى للاستخبارات المركزية الاميركية، حظي مؤخراً بدورة مستقلة حيث المصالح الاقليمية للدولة الطغيانية تختلف عن مثيلاتها لدى الولايات المتحدة”.}

وقد تزامن دور السعودية هذا بتبوء الطاغية المقبور صدام حسين المنصب الأول في جمهورية العراق في صيف العام 1979 خلال الانقلاب المفبرك الذي دبره للانقضاض على “البكر” وسرقة السلطة، مما زاد في طول مخالب الأذرع السعودية للنيل من اعدائهما المشتركين والإستهتار في المنطقة على طريقة الصعاليك والبلطجة، وتعد تلك الفرصة بمثابة الذهبية التي اتيحت للنظام القبلي في السعودية للتحالف مع طاغوت العصر الذي يسمونه -قائد العراق الضرورة، وفارس الأمة العربية، وحامي البوابة الشرقية للوطن العربي- ولأن “الطيور على اشكالها تقع”، قررا ضرب إيران وإشعال نار الحرب واستهدافها بغية اسقاط الثورة الفتية فيهاآنذاك، فزج العراق بحرب عبثية رعناء لاطائل لها، ضد الدولة الاسلامية من العام 1980 وهي في بداية عمر ثورتها البرعمي، والتي استمرت لثماني سنوات عجاف اكلت الأخضر واليابس وكلفت الطرفين خسائر وتضحيات باهضة في الأرواح والممتلكات لاداع لها.
تلك الحرب دارت وكما هو معلوم، بوحي وبتحريض سعودي وبشتى الذرائع، كان أسخفها حماية البوابة الشرقية للامة العربية من الخطر الايراني المزعوم، مع تعهدها بدفع تكاليف تلك الحرب للعراق، دون ذكر أسباب وجيهة لإندلاعها سوى تطابق الإجندات العقدية في كلا النظامين العراقي والسعودي، وبدعوى منع تصدير الثورة الايرانية لدول الجوار وخوفا من المد الشيعي الذي تبنته الثورة الايرانية في تلك المرحلة، وهذا موقف ثابت رآه آل سعود من أنّ خطراً داهماً يهدّد نظام الطغيان العربي الذي رعته السعوديّة وأميركا منذ إنبثاق الثورة الايرانية التي اسقطت الشاه المقبور ونظامه الطاغوتي المتعجرف، وبسقوطه شكّل ضربة قاسية للنفوذ السعودي في العالم العربي والاسلامي.

لم ينته مسلسل التوريط عند هذا الحد، بل أغووه بغزو الكويت للقضاء على الماكنة العسكرية العراقية وتدمير الاقتصاد والبنية التحتية للبلد، وتعريض شعبه لحالة الحصار الاقتصادي الجائر الذي دام لأكثر من عقد من السنين ذاق فيها الشعب العراقي الامرين بالأضافة لتحطيمه معنويا ونفسيا.
كما وتعتبر كارثة غزو الكويت هي “المؤشر العملي لترقين قيد صدام حسين والقضاء عليه لانتهاء دوره المخابراتي في تدمير العراق وتقزيمه واعادته إلى مرحلة العصور الوسطى وجعل الكيان الصهيوني في مأمن من حضور العراق وتأثيره العسكري والاقتصادي على قرارات وإرادات الدول العربية والاسلامية في رسم السياسات وخارطة الطريق التي تؤدي إلى تحرير فلسطين من براثن احتلال الكيان الصهيوني”.

هكذا تم خلط الأوراق بطريقة أكثر شبها بطريقة الحجارة التي لم تقتل عصفورين فحسب بل قتلت عدة عصافير وأولهن عميلهم صدام حسين، “فسقط صدام ومات عندما وطأت قدماه أرض الكويت”، فغدروا به كما كان يدعي، وكان مثلهم معه”كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين”.

ولكن تم تأخير سقوطه وتصفيته إلى مابعد القضاء على الانتفاضة الشعبانية واجهاضها، واتمام سيناريو تصفية الشيعة في العراق على اثر الانسحاب من الكويت بعد ان انتهت عمليات عاصفة الصحراء لدول التحالف الذي قادته أمريكا لإنهاء حالة الاحتلال في الكويت هذا أولا، ولانهاك العراق والعراقيين من خلال فرض الحصار الاقتصادي ثانيا، ولأستحصال تعويضات الحرب ثالثا، ولإيجاد البديل لصدام، البديل الذي يواصل القتل والتدمير على شاكلة داعش والقاعدة رابعا.

لم ينتهِ التفجّع السعودي والإسرائيلي على سقوط الشاه عند هذا الحد، أوعند حد سقوط قماقمة طغات الحكام العرب والوجه الديكتاتوري الشمولي للنظام العربي، “صدام، وزين العابدين بن علي، والقذافي، ومبارك، وعلي صالح”، بل تعداه إلى قرار الحكم السعودي الإمساك بنظام الطغيان العربي الرسمي وقيادة الثورة العربية المضادة لثورات الربيع العربي خشية المزيد من تضعضع النظام الرجعي من المنطقة فأطلقت العنان لتبوء عقيدة الكراهية والطائفية والمذهبية وعقيدة التكفير والذبح على الطريقة الاموية، وهي عقيدة دينية -سياسية-ثقافية رسمية للمملكة، وبمقتضى هذا الانطلاق اضحت الديموقراطية تتناقض مع السيطرة السعودية على العالم العربي، وتتناقض مع الوجود الصهيوني على أرض فلسطين،

ومن هذا المنطلق الثقافي_السياسي الجديد الذي تبنته السعودية اصبح انه لم يعد بالإمكان تسمية ووصف الكيان الصهيوني بالعدو الأول للعرب والإسلام، بل إن المعادلة تغيرت على وفق المفهوم السعودي الجديد على أن إيران الاسلامية هي العدو الأول للعرب، وتقع في المقام الأول من قائمة الد الاعداء وأخرجوها من الملة على أن أهلها فرس مجوس، وتناسوا أن جميع الملل قبل الإسلام كانت تتعبد الأوثان والاصنام وبقية المخلوقات، ومنها أمة العرب كانوا يعبدون الاصنام بشهادة القرآن الكريم، وتناست الأسرة المالكة أيضا انهم ينحدرون من أصول يهودية صرفة.

وهذي الدعوات بطبيعة الحال اساءة إلى أمة محمد وإلى شخص النبي نفسه(ص) من حيث انها تحولت إلى ثقافة وللأسف أعتنقها سذج الناس من المسلمين.
“في السياق نفسه، فإن بندر قام بتطوير (تفاهم سري) وعلاقات عمل مع نظام نتنياهو الصهيوني، حول العداوة المشتركه إزاء ايران، وأكثر خصوصية في معارضة الاتفاقية المؤقتة بين أوباما ـ روحاني”.

فكان المتصدي الوحيد لهذه السيتراتيجية هي جمهورية إيران الاسلامية المعروفة بوسطية سياستها وشرف مواقفها وصدق نواياها ووضوح رؤاها وثقل وزنها في المجتمع الدولي واحترامه لها، ومن خلال دعمها لقوى التحرر والأحزاب التي أستوزرت التصدي والمقاومة لهذا المد المنحرف، مما زاد في كراهية أمريكا ثانية وبشكل مضاعف ومضطرد الأمر الذي سيؤدي وعلى طول المدى لضرب مصالحها وتشويه سمعتها في المنطقة، طبقا ومصداقا لنظرية “أمريكا عدوة الشعوب”.

وفي هذه الحالة فإن مستقبل دول الشرق الأوسط ومستقبل الكيان الصهيوني وواشنطن خاصة يتوقف على تلك العلاقة، أي علاقة أمريكا بإيران، وهذا المبدأ يجب التسليم به وقبوله على أنه أمر واقع ومفروض على أمريكا نفسها الغير مستعدة بالتضحية بمصالحها أبدا.

هذا وقد يساهم احراز تطور العلاقة بين إيران وأمريكا إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة عموما، ويؤدي إلى تخفيف التوتر السياسي والغليان الطائفي والصراع المسلح والاحتراب العقائدي، ويساهم بشكل غير مباشر بتجفيف منابع الارهاب في العراق وسوريا ولبنان ومصر وفلسطين، ويساهم كذلك في ضمور النفوذ التركي وكبح احلامه العثمانية في المنطقة، فضلا عن القضاء المبرم والكاسح لجميع من تسول له نفسه من الجماعات المسلحة المتطرفة المدعومة من قبل السعودية وحلفائها في هذه الدول بزرع الاحقاد والإحن واشاعة ثقافة الارهاب والقتل ورفض الآخر والفوضى وتفشي الفساد، وبذلك سينحسر الدور المسند لها تدريجيا بعد سحب البساط من تحتها، لغاية الوصول إلى مرحلة الانقلاب التي ستحدثه القاعدة وتلك الجماعات في الداخل السعودي والذي ربما يساهم بزعزعة نظام العائلة المالكة القبلي وإسقاطه، وعندئذ ستكون أمريكا في حل من التزاماتها تجاه ذلك النظام، وستكون حرة في سحب يدها منه بكل بساطة من حيث انها كانت قد خرجت من الدور المسند إليها وتجاوزت الخطوط الغير مسموح لها بتجاوزها، ومن حيث انه لاصديق دائم ولا عدو دائم، بل هناك مصالح يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط بها.

وبمقتضى هذا الحال يتوجب على السعودية وعلى نظامها القبلي تقبل الوضع الجديد واستيعابه على نتائجه وعلله، من أن أمريكا تؤسس ومن الآن على سحب يدها من بروتوكول شرطنة السعودية ودورها الذيلي في المنطقة، وبإقامة علاقات وطيدة متطورة مع طهران بعد أن ثبت لديها فشل أجندة السعودية في دول المنطقة وإسرافها الذريع بممارسة الدور المسند إليها، وبسبب الغلو الذي اعتمدته ومارسته في سياساتها الفاسدة من خلال الإغداق على الارهاب بأموال البترودولار والترويج للفتاوى التكفيرية الجائزة والباطلة التي تعد بمثابة صب الزيت على النار.

وعلى السعودية أن تنتبه لحالها، فبدلا من أن تشغل نفسها في زعزعة أمن دول الجوار وبعض دول العالم ودعم الارهاب فيها، عليها أن ترعى مصالح أبنائها في الداخل السعودي وتحقق المطالب الانسانية لشعبها وإقامة الاصلاح الوطني في ربوع الجزيرة عملا بالمثل القائل: “إذا كان بيتك من زجاج فلا تضرب الناس بالحجارة”، أو على الأقل تبادر إلى تحويل نظام حكمها القبلي إلى نظام ملكي دستوري ليمارس الناس حرياتهم في التعبير عن الرأي وممارسة الطقوس الدينية والفكرية والحزبية أسوة بأبناء المعمورة، وتوفير أموال البترودولار المهدورة المخصصة لدعم الارهاب وقتل الناس الأبرياء في دول الجوار فضلا عن قمع شعبها في الداخل، ومصادرة حريته وسعادته وتحقيق مطالبه المشروعة، أو على الاقل تبادر لدعم الدول الفقيرة والمقهورة ودعم حركات التحرر العربي والاسلامي وفلسطين خاصة.

إن للنظام القبلي في السعودية تاريخ اسود وحافل بالقسر والتعذيب، والقهر بانتهاج سياسة القمع بالحديد والنار وباعتقال الآلاف والحكم عليهم بالاحكام المؤبدة والثقيلة والجائرة التي قد تصل إلى قطع الأعناق بالسيف، لمن طالبوا ويطالبوا بأبسط حقوقهم الانسانية والتعبير عن حرية الرأي، والانتهاك الصارخ لحقوق المرأة ومنعها من ممارسة دورها السياسي والمدني في الحياة، وانتهاك الحريات العامة المتعلقة بحرية ممارسة الطقوس الدينية والفكرية، خاصة عندما يكون الأمر متعلقا بمواجهة تلبية مطالب أبناء الشعب في مناطق محدودة في الجزيرة كالمنطقة الشرقية في الإحساء والقطيف في مدن الهفوف وهاجر، ومناطق أخرى في الجزيرة لم ولن تعتنق الفكر المتطرف الوهابي التكفيري.

فعلى النظام القبلي في الجزيرة العربية وقبل فوات الأوان وقبل أن يغزوه اعصار “الشعب يريد اسقاط النظام”، وبعد فشل اجندته الذريع في العراق وسورية ولبنان وفلسطين ومصر، عليه “أن يتفهم الظروف المحيطة بالمنطقة بما استجد فيها من منعطفات سياسية ومتغيرات مجتمعية قد يكون أدناها الانقلاب المتأتي من ردة الفعل التي احدثتها السعودية في بعض دول العالم ودول المنطقة والعالم الاسلامي، وعلى رأسها تدهور علاقتها مع واشنطن وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية وبقية الدول الكبرى ذات النفوذ السياسي في العالم”، فضلا عن تطور الغليان الشعبي في الداخل السعودي إلى مالا تحمد عقباه بسبب رفض المطالب الشعبية وتفاقم الاحتقان المناطقي والشعبي، وبسبب غياب الاصلاح الوطني والإصلاحات المطلوبة المحاكية للتغيير المنشود، وبسبب غياب سيادة القانون والمساواة بين أفراد الشعب، وغياب الضمان القانوني للحريات العامة والشخصية، وغياب استثمار موارد البترودولار للتنمية الوطنية ومكافحة الفقر.

وعلى النظام السعودي أن يتحرر من ربقة العمالة والرجعية، وأن يأخذ دورا مشرفا في خدمة القضايا العربية والاسلامية إذا كان لابد له أن يضع لنفسه دورا خارجيا، وأن يرسم لنفسه خارطة طريق ترضي المجتمع الدولي والمناطقي والشعبي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار وعدم دعم الارهاب والجماعات المسلحة وعدم تبني الفتاوى التكفيرية الشاذة، وأن يسعى جاهدا للقيام بالإصلاحات وترميم صورته في الخارج ومواجهة المآزق والأزمات الداخلية والخارجية بشرف، وأن يسعى لاقامة علاقات طيبة في المنطقة مبنية على الأحترام والحرص على دماء المسلمين وغير المسلمين من العرب والعجم التي تهدر في كل مرة بدم بارد ولأسباب غير مبررة البتة، وأن تعتمد الآليات التي تؤدي إلى برامج واتفاقيات التعاون الأمني والشرطوي والعسكري الإقليمي لمكافحة الارهاب، ولتجنيب السعودية كبلد وشعب للإنزلاق إلى ماهو أسوء وفقا للمتغيرات الدولية والاقليمية في الشرق الأوسط الذي ستكون إيران فيه لاعبا رئيسيا ومؤثرا لايستهان به بعد تطور العلاقات المرتقبة بين واشنطن وطهران في المدى القريب، “فإن يك صدر هذا اليوم ولى…فإن غداً لناظره قريب”، والأيام حبلى بالمفاجئات فمنها ماكان انساني، ومنها ماكان مجتمعي، ومنها ماكان قانوني، أما الانهيار هو الوليد المرتقب، فخذها ياصاحب الجلالة وخائن الحرمين الشريفين وعدو العراقيين ومعظم العرب والمسلمين.
والله ولي المؤمنين.