23 ديسمبر، 2024 8:57 ص

غياب الرؤية السليمة للكتابة النقدية

غياب الرؤية السليمة للكتابة النقدية

ظلت تجربة النقد العربي , تجربة الناقد في أستثمار الخصائص التطبيقية في أظفاء طابع البنائية والرموز والتوصيفية والسردية و المدحية والاخوانية , بطريقة إمثولية , تسمح له بتحريكها زماناً ومكاناً , وبالتالي تخريجها من الدائرة الاسمية التي وضعت فيها , الأمر الذي جعل منظومة ( الناقد الوظيفية ) تبدو كما لو كانت لاتتفق وماهية ثيمة تأسيس الناقد للعملية النقدية , منهجية ما تعطي للعمل المنقود , معرفية فلسفية , تمزج بين منهج النقد , ومنهجية البحث عن ماهو فوق , مستوى التركيب الأدبي , ودلالة بنية المعنى , وعناصر الصوت والظاهرة . في النص الادبي . ان عناية الناقد العربي , والعراقي بشكل خاص , بأيقاعية العمل الادبي وبصورة الكلمات النثرية وبسيرة منشئ ذلك العمل المنقود , أضحى لكل قارئ بحقيقة كون ذلك ( هو النقد وحده! ) ناسياً هذا ( القارئ المسكين! ) بأن كل ماقد قرأه من مقالات ودراسات , من على صفحات ثقافية الصحف الاسبوعية واليومية , ماهي إلا ( عروض صحفية ) أو هي اشبه ماتكون عليه ثقافة (أدب المقاهي ) وثقافة ( ادب المجالس الحميمة ) . أن مايميز عملاً نقدياً عن آخر غير معني بالنقد , هو ما يتركه هذا المقال أو الدراسة , من أنطباعية المنهج أو من أثر المعيار في دراسة ذلك العمل المنقود , وفي الواقع لم نجد لحد الآن في قراءتنا لمقال ما أو دراسة ما , من أثر يذكر لهذه الشروط التي يتوفر بموجبها هوية ذلك العمل النقدي ..لذلك بقيت تجارب أغلب نقادنا العرب والعراقيين في أحايين كثيرة عبارة عن حالة مزج مابين الحديث الطيب عن سيرة منشئ النص , أو ان الكتابة عن ذلك العمل من جهة , ماهي الا ضرب من ضروب المجاملة أو حالة من حالات ( رد الموقف بما هو أحسن منه؟ ) وهذه الحالة تنطبق بشكل راسخ على ظاهرة ( الأدباء النقاد ) فأصحاب هذه الظاهرة هم من ينبغي أن يتحملوا أعباء تراجع النقد خلف جحيم التركات اللامعرفية , فأنا شخصياً أعرف الكثير منهم من كان شاعراً أو قاصاً أو حتى ( مبوقاً لجهة ما! ) أصبح يمارس الان صفة ( الكتابة النقدية ) بغطاء أنه كان في الماضي القريب , يمارس نوعاً ما من الكتابة لجهة كان هو مستفيداً منهما بشكل أو أخر , الا أن هذا النوع من الكتابة قد دارت عليها المنايا والبلايا , فأضحت اليوم وبصيغة الحاضر ( فعلاً مقموعاً ) فأمام هكذا حقيقة , ما بوسع هكذا شاعر أو قاص , تدير فعله الكتابي المقموع , وبع زمن من التفكير والبحث , نجد بشكل مفاجئ , بان العنوانات قد تغيرت , أي أن القصائد أوالقصص القصيرة , قد تحولت الى عروض وموضوعات تتحدث عن عملية اصدارات كتب , الا ان الأصعب من هذا , نجد ان خروج هكذا ( عروض صحفية ) قد اتخذت أسم النقد والدليل النقدي , فيما نجد البعض الأخر منهم قد سلك طريق كتابة ( عمود المذكرات الشخصية ) بطريقة غريبة , وبعيده كل البعد عن ماتقتضيه قواعد وأصول ( فن كتابة السيرة ) ولربما سوف تتكرر هذه العنايات المواهبية الطارئة والدخيلة بما هو مخل ومسفه لأصول وقواعد أداب ثقافتنا النقدية التي قد أضحت مع وجود هكذا ظواهر , فعلاً مدسوساً بغاية تراجع هذا النوع الكتابي المعقد و الكبير. وختاماً نقول الى كل من لم يجرب لذة احساس الخوف من مسؤولية ( الحكم النقدي ) بأن يبتعد عن ممارسة فعل الغوص في شواطئ عوالم النقد , لأن الولوج الى أعماق البنى الداخلية للنص , تحتاج لتمارين رؤيوية خاصة , وبصرف النظر عن ما يمتلكه هذا الممارس في هذا المجال , من اللغة الاصطلاحية والفهم التقليدي بسطوح سياقية العرض النقدي وليس المعاينة النقدية , ذلك وأن كانت هذه القراءات الممارسة تتحرك في ضوء معطيات منهجية , الا ان هذا لا يكفي بدوره , لجعل هذا المكتوب
 
يتسم بأشتغالية النقد أو بأسم النقد, ولاسيما ما يبدو عليه من طابع الاختلاط والتجزيئية واللا المام في شغل حيز نظرة البناء والرؤية النقدية , المتحركة في الاساس والمتحررة من خلال فهم واستشراف العلاقات الوثيقة بين العمل المنقود والعمل الناقد . كما أود أن أوضح معنى إمثولة ( الغوص أو السباحة ) أكثر وبالقول بأن كتابة النقد أشبه بعملية الغوص في أعماق أعماق الشاطئ , ومن لم يجرب فرصة العوم الى أعماق الشاطئ , فسوف لا يعد في أي يوم من الايام بسباح ماهر , وهكذا الحال مع تلك الكتابات المتشبهه بالنقد , فسوف تبقى دوماً على سطح شاطئ الكتابة دون مهارة الغوص الى أعماق النص…