18 ديسمبر، 2024 11:27 م

غياب الثوابت الوطنية يفاقم النزاعات . العراق انموذجا

غياب الثوابت الوطنية يفاقم النزاعات . العراق انموذجا

الثوابت الوطنية هي مجموعة من القيم والمبادئ الاساسية التي تربط أفراد المجتمع وتجمعهم تحت راية واحدة تتمثل فيها الهوية الوطنية، والتاريخ المشترك، واللغة، والعادات والتقاليد ، والأهداف المشتركة .

وعند غياب هذه الثوابت، أو ضعفت سيتفكك المجتمع وتظهر الانقسامات والاختلافات بين أفراده .

في العراق ، في ظل الوضع السياسي مابعد الغزو الأمريكي لانجد ثوابت وطنية تجمع العراقيين . واذا ما اطلعت على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي نجد كثير من الفوارق في التوجهات والرؤى بين افراد الشعب ،  بل وحتى داخل المدينة الواحدة . كل ذلك نتيجة الفوضى السياسية التي يعيشها العراق في الوقت الراهن ، والتي تسببت في فقدان البوصلة ، حتى أصبح الانتماء الوطني محل خلاف عند ابناء الشعب الواحد .

     ان القيم والتقاليد والرموز المشتركة تعمل على تماسك المجتمع، وتعزز الشعور بالوحدة والهوية.  ومن هنا تظهر الأهمية الكبيرة لهذه الثوابت في تعزيز التلاحم الاجتماعي والتضامن الوطني.

فالثوابت الوطنية بمثابة خيط مشترك في نسيج المجتمع يربط بين الأفراد من مختلف الخلفيات والمعتقدات.  فهي توفر إحساسًا بالاستمرارية، مما يسمح للمواطنين بالشعور بأنهم متجذرون في التاريخ والتراث المشترك.  ويصبح هذا السرد المشترك قوة جبارة، تتجاوز الفروق الفردية وتعزز الفخر الجماعي بالامة .
   كما تلعب الثوابت الوطنية دوراً مهماً في تشكيل الهوية الجماعية .

وفي أوقات المواجهة والأزمات، تكون هذه الثوابت بمثابة القاسم المشترك الاعظم لتوحيد المواطنين تحت مثابة الوحدة الوطنية العابرة للطائفية والقومية والمناطقية وتستند على شعار وعلم وطني واحد ونشيد موحد ، مما يخلق شعورا بالفخر والوطنية .

إن التأكيد المنتظم للثوابت الوطنية في الحياة اليومية يعزز القيم المشتركة، ويساهم في خلق وعي جماعي يتجاوز الاختلافات الطائفية والقومية والمناطقية . ويوفر التقاليد والطقوس ذات العلاقة بالثوابت الوطنية الرصينة . كل ذلك يعزز التفاعلات الاجتماعية التي تجسر الانقسامات .
إن الاحتفال بالمناسبات الوطنية وإحياء ذكرى المعالم التاريخية يخلق تجارب مشتركة تعزز الروابط بين المواطنين.  ويصبح هذا التراث الثقافي المشترك مصدر إلهام وفخر للأفراد، مما يعزز التزامهم تجاه الأمة.

وفي العراق نشهد كثير من التجاوز على الثوابت الوطنية والتراث المشترك للشعب العراقي الذي تسبب في التفريط في المنجزات  الوطنية عبر تاريخ العراق الحديث .

وفي عالم يتسم بالتنوع، تصبح أهمية الثوابت الوطنية أكثر وضوحا.  أنها توفر إطارا موحدا يحتضن ويحترم الاختلافات داخل المجتمع.  ومن خلال الاعتراف بالتنوع والاحتفاء به في سياق الثوابت المشتركة، يمكن للأمة أن تبني أساسًا متينا من الاحترام المتبادل .

إن اهمية العودة الى الثوابت الوطنية ليست محل جدال اونقاش، بل هي الأساس الذي يجب ان يبنى عليه مجتمع قوي وموحد .  ومن خلال الاقرار بهذه الثوابت والاعتزاز بها، يمكن للأمة أن تنمي هوية مشتركة تتجاوز الفروق الفردية، وتعزز الشعور بالوحدة .