23 ديسمبر، 2024 7:40 م

غياب البيت العراقي المشترك ..

غياب البيت العراقي المشترك ..

امريكا التي لا تعرف مصالحها الرحمة , واقامت حضارتها على جوع وجماجم الشعوب , لا يحرجها ان يقف مشروعها الشرق اوسطي على ارضية معاناة العراقيين ومقابرهم الجماعية , فبادرت الى فصال النظام البعثي على مقاس مرحلته واعطت اكثر من ضوء اخضر للطموحات الشخصية والقومية للطاغية الجبان صدام حسين , فكانت الحروب والحصارات والأجتثاثات والأبادات التي انهكت العراقيين واذلتهم ووضعتهم على اعتاب الضعف والخوف واسباب الأستسلام , تمهيداً للمرحلة التي ستتشكل .
عبر معاناة قاسية,  فقد العراقيون حرية  التحكم باوراق حاضرهم ومستقبل اجيالهم فوضعوا كامل بيضاتهم في سلة قانون ( تحرير العراق !! ) الأمريكي .
بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 , وانهيار مؤسسات دولته الحزبية ـــ المدنية والعسكرية ـــ دعى الحاكم المدني بول بريمر الأحزاب والرموز البديلة الى طاولة التوافق على تقاسم وتحاصص المتبقي من الأرث البعثي , دولة وسلطة وثروات ووجاهة واعلام ( كمعارضة سابقة !!! ) , العراقيون الذين لا يملكون من اوراق اللعبة سوى ضعفهم واحباطهم ووعيهم المشوش , الى جانب الغياب التام لدور البديل الوطني , اعتبروا ما يحدث , يقضة ضمير امركية .
بول بريمر يعرف تفصيلات ومراحل الخطة المكلف بأنجازها , أجتمع مع الأحزاب  والأطراف والتكتلات البديلة على طاولة تقسيم وتحاصص الكعكة العراقية طائفياً وقومياً , فأنجز الأمر بمشاركة نشيطة للأطراف الوارثة .
لقد تم تقسيم البيت العراقي المشترك الى ثلاثة خرائب للتبعية والأرتزاق والعمالة .
1 ـــ للبيت الشيعي : رئاسة الوزراء مع نائبين , احدهما كوردي والآخر سني .
2 ــ للبيت السني : رئاسة مجلس النواب مع نائبين, احدهما شيعي والآخر كوردي .
3 ـــ للبيت الكوردي : رئاسة الجمهورية مع نائبين احدهما شيعي والآخر سني .
وقد تم تقاسم وتحاصص السلطة القضائية والوزارات والمؤسسات العسكرية والأمنية والمدراء العامين .. لخ .. , وعبر مجازر فتن , تم تقاسم وتحاصص المجتمع والدولة والجغرافية والثروات .
العراقيون وهم في فورة افراحهم بالتحرير من مظالم النظام البعثي , استيقظوا متأخرين , عراة بلا غطاء وطني فاقدين بيتهم العراقي , بلا مأوى , ومن دون علمهم ورغبتهم وجدوا انفسهم داخل ثلاثة خرائب بائسة , حيث اصبح مجتمعهم في الجنوب والوسط شيعياً وليس عراقياً , وداخل المحافظات الغربية , سنياً وليس عراقياً, وفي المحافظات الشمالية, كوردياً وليس عراقياً, وكأمر واقع غلف الأمر  بثقافة التمزق وصراعات على الأصعدة الطائفية والقومية والمذهبية والعشائرية عادت بالعراقيين الى اسباب ضعفهم وخيبات املهم ويأسهم ثم صمتهم الرافض .
البيوت ( الخرائب ) المستحدثة , انجزت اغلب مهام مرحلتها , وبسرعة تعرت  وتنكرت لثقة واصوات ناخبيها , واخذت تتحلل من داخلها فساداً وتواطيٌ مع الأرهاب , رافقتها حالة وعي وحراك مجتمعي واعد من داخل الصمت العراقي الرافض , حالة تغيير وطني محمول على اكتاف الأرادة الجماهيرية وليس تحريراً امريكياً مخادعاً .
العراقيون وعبر بؤس العشرة اعوام الأخيرة من حكومات التصالح والمصالح والتحاصص والمشاركات الوطنية !!!, فقدوا هوية موتهم , بين محروق ومذبوح ومكتوم الصوت اومفقود , من كل تلك المآساة غير المسبوقة , ستولد ردة فعل و ولادة مرحلة تغيير واصلاح وبناء غير مسبوقة ايضاً . سيستيقظ العراق عاجلاً  ليجد فيه مواطني محافظات الجنوب والوسط , انهم مثلما ولدوا عراقيون والعراق بيتهم مع اشقاء لهم , ويجد مواطني المحافظات الغربية, انهم مثلما ولدوا عراقيون والعراق بيتهم مشتركاً مع اشقاء لهم, ويجد مواطني اقليم كوردستان انهم عراقيون ايضاً والعراق بيتهم مع كافة اشقائهم, وهكذا سيجد التركمان والكلدو اشوريين, كما  المسلمين والمسيحيين والأيزيديين والصابئة المندائيين والشبك وغيرهم , جميعهم اخوة في بيتهم العراقي الموحد , هنا يتوقف زمن لعبة التقسيم والتحاصص , ويتقدم الزمن العراقي نحو اكمال دورة التغيير والبناء وتتحول البيوت ( الخرائب) الفرعية  الى خصوصيات ومعتقدات وعقائد وحقوق مدنية اجتماعية وثقافية من داخل البيت العراقي المشترك , يجب احترامها ودعم نشاطاتها الوطنية الأنسانية والأجتماعية , لتترسخ رغبة التعايش السلمي وروابظ المحبة والأخوة واعادة البناء المشترك تماماً كما هو حاصل في العالم الذي ينعم بالأمن والرفاهية والتقدم الحضاري .
ملاحظة : ما كان في نيتي حشر المكون الكوردي في موضوعي , بذات الوقت لا ارغب محاصرة موقفي في زاوية ازواجية الموقف الكوردي من الدولة العراقية فهم داخل العراق  وخارجه , جزء من العملية السياسية, وسلبيين من خارجها,اتفهم قضيتهم واقف الى جانب حقوقهم , لهذا لا اجد مبرر من وضعهم خارج مسؤوليتهم كطرف هام من داخل العملية السياسية  وضمن الهجين الذي تتشكل منه حكومة الشراكة الوطنية المسؤولة عن تدمير البيت العراقي الوطني, كما هي امنيتنا دائماً ان نرى المكونات العراقية  موحدة طوعاً وبقلوب مفتوحة على بعضها , كما نتمنى ان نرى الشعب الكوردي الشقيق وقد انجز شروط اعلان دولته القومية , وحتى ذلك الوقت , عليه ان يكون حريصاً على العيش الآمن مع اشقائه في دولة و وطن اسمه العراق , الخيارات الآخرى قفز على الواقع سلبية النتائج وكارثية بالنسبة لجميع المكونات  .