يَبْدُو أنَّ تواصلَ انتصاراتَ شعبنا والاقتراب مِنْ تحريرِ كامل ترابنا الوطني، كانت مِنْ أبرزِ العوامل الَّتِي حفزتْ الكثير مِنْ الأقطابِ المؤثرة فِي المشهدِ السِيَاسي ببلادِنا عَلَى إطلاقِ تصريحاتٍ معززة بتحليلاتٍ تتوافق مع حقيقةِ نيات بعض الكتل النيابية، وَالَّتِي مِنْ شأنِها التمسك بإثارةِ المُشْكِلات وَتعميق الخلافات وَالخصومات الَّتِي بوسعها المساهمة الفاعلة فِي إعاقةِ البرامج المقترحة لأجلِ إصلاحِ العمليةِ السِيَاسِيَّة.
إنَّ ما ظهرَ مؤخرا مِنْ طروحاتٍ تبنتها بعض الجهات الفاعلة فِي إدارةِ الملف العراقيّ، يُعد خير مصداق عَلَى ما تقدم ذكره، إذ يمكن تلمس هذه الحقيقة مِنْ خلالِ دعوة بعض الأطراف جهاراً وَمِنْ دُونِ حياءٍ إلى الركونِ لخيارِ تقسيم البلاد بقصدِ تقطيع أوصاله، فضلاً عَنْ مخالفتها مَنْ لا يجاريها فِي تكريسِ تطلعاتها الَّتِي تدفع باتجاه ترسيخِ محاولتها الرامية إلى الانسلاخِ عَنْ النسيجِ الاجْتِمَاعِيّ؛ بالنظرِ لتجاوزها الرؤية الوَطَنيّة المرتكزة إلَى الدعوةِ للتوحدِ وَحشد الطاقات كافة مِنْ أجل ضمان الحفاظِ عَلَى أواصرِ الوَحْدَة الوَطَنيّة، وَالَّتِي تُعَدُّ ملزمة لجميعِ أطراف المَشْروع الوَطَنِيّ.
لا مغالاةً فِي القولِ إنَّ المواقفَ الَّتِي تبنتها فِي المدةِ الماضيةً بعض الكتل السِيَاسِية حيال مستقبل العراق بعد تحرير كامل أراضيه مِنْ رجسِ عصابات (داعش) الإرهابية، كانت مِنْ دونِ أدنى شك شديدة الاثر في الملايينِ مِنْ أبناءِ البلاد، وَالَّذين أجهضت آمالهم بعد أَنْ كانوا يلوذون بالمعلنِ مِنْ تعهداتِ جميع أطراف الطبقة السِيَاسِية فِي الحرصِ عَلَى التمسكِ بوحدةِ أَرض العراق وعدم التفريط بلحمةِ شعبه الوطنية، إلا أنَ النفوسَ سرعان ما تشربت بخيبةِ الأمل الَّتِي أدمت القلوب حين وصلت سكاكين المواجهة إلى عظمِ الشعب العراقي المبتلى بتخبطِ بعض الشركاء الَّذين عودونا عَلَى عدمِ الاكتراث بخطورةِ ما يترتب مِنْ نتائجٍ عَلَى المضي بإثارةِ المرعبِ مِنْ صدماتِ الخلاف عَلَى الكثيرِ مِنْ الأمورِ التشريعية أو التنفيذية؛ سعياً فِي محاولةِ إذكاء جذوة الصراع ما بين مكونات شعبنا، وَالَّذِي سيجر البلاد من دونِ أدنى شك إلى منزلقاتٍ خطيرة يصعب تلافيها.
غَنِيٌّ عَنِ البَيَانِ أَنَّ غيابَ المشتركات الوَطَنيّة وَمصالح البلاد العليا، وَالَّتِي طالما أجهض حضورها عَلَى طاولةِ أغلبِ الحوارات، سيفضي إلى المُسَاهَمَةِ بازدهارِ المُنَاخ الملائم لإيقاظِ شبحِ السيرِ قدماً فِي جنباتِ الانهيار المُجْتَمَعيّ، وَالَّذِي يترتب عَلَيه تمزيق أواصر الوَحْدَة الوَطَنيّة وَالسير بطريقِ التشظي وَإفراز توجهات تخل بمفهومِ الوَلَاء الوَطَنِيّ. وَلعلَّ مِنْ المهمِ الإشارةِ هُنَا إلى تسارعِ بعض الأطراف السياسية لعقد المؤتمرات فَي عواصم عربية أو عالمية بمعزلٍ عَنْ التشاورِ مع الحكومةِ المركزية وبتشجيع ودعم بعض الجهات الدولية والإقليمية.
لا رَيْبَ فِي حاجةِ القوى السِياسِية العراقية الملحة إلى تفاهماتٍ بنياتٍ صادقة من أجلِ المُسَاهَمَةِ بدرءِ مخاطر ما يحتمل وقوعه مِنْ صراعات، فضلاً عَنْ كبحِ مكامن الفتن، إذا ما علمنا أَنَّ ثمةَ مَنْ يحاول جاهداً اذكاء نيرانها الطائفية أو القومية مِنْ أجلِ تحقيق مصالح شخصية وحزبية عَلَى حسابِ مصالحِ البلاد العليا.
فِي أمَانِ الله.