18 ديسمبر، 2024 7:57 م

خطاب الكراهية هو ما يجمع جوزيف غوبلز وزير دعاية هتلر الذي كان يتحسس مسدسه عندما يسمع كلمة ” ثقافة “, بالشيخ عامر الكفيشي, مفخرة فضائية حزب الدعوة الاسلامية التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي ” آفاق ” الذي يظهر في برنامج اسبوعي, والذي لا يتمنطق بمسدس كما غوبلز, لكنه يتحسس عمامته فزعاً عندما يسمع كلمة ” علمانية ” او ” شيوعية “.
ولأن الأعلام المُلائي التابع لأحزاب القهقرى لايستطيع ان يخرج من جلده التكفيري الاقصائي, والشيخ الكفيشي ابن بار لهذا الفكر ويمشي على هُديّه.
فإن أفّاق ” آفاق ” الذي كانت تغلي بداخله الكراهية, اطلقها بصفراوية مقيتة, في حلقة برنامجه الاخيرة, وحث على تكفير وقتل المدنيين والعلمانيين والشيوعيين ببرود دم داعشي بعد ان هوّن من جرائم دولة داعش الموؤدة… في اهانة وقحة للدستور الذي اقر حرية الاعتقاد والفكر, وللقانون الذي سمح بتشكيل أطرهم السياسية والجماهيرية.
واصبح العراقيون يرونه واتباعه في مرآة الزمن انعكاساً لأولئك الدواعش بتجسدات سياسية.
ما من حجج مقنعة يسوقها في برنامجه لنقض موضوعة الدولة المدنية الديمقراطية بل مجرد جولات ذم وقدح, للعلمانيين بكل تنويعاتهم ( حسب تصنيف الاسلاميين البدائي لهم, بأنهم كل من لا يصلي ولا يصوم ولا يلطم ), ولوي للحقائق بتحويل الابيض أسوداً والشهلاء عمشاءً, وبأسلوب نياديرتالي, وعلى طريقة – وعيّر قساً بالفهاهة باقل “, حد ان المرأ العاقل لايشتري ما يقوله بفلس أكله الصدأ.
كأن الشيخ يحاول ان يثبت لنا بالبراهين وبالوقائع, من خلال محاضراته المحملة بوحشية الخطاب الطائفي اللاوطني, بفداحة اشتغال رجال الدين بالسياسة او استغلال الدين كمطية للوثوب الى السلطة وكسب مغانمها. رغم اننا كنا اول الناس تحذيراً من عواقب ما يحاول ان يقنعنا به… فمصائبهم, بشحمها ولحمها, تمشي على الارض ودخلت في كل بيت عراقي من الباب ومن الشباك ولم تعد بحاجة الى اثبات او دليل, ويشهد لهم المواطن عليها.
واقتداءاً بالشعار الغوبلزي الشهير: ” اكذب… اكذب حتى يصدقك الناس ” اخذ يسوق علينا في محاضراته كذبة سيطرة المدنيين على اجهزة الدولة مع تحميلهم الفساد المستشري, ناكراً اسلمتها, لتتهافت اكاذيبه بالقطعة, لكي تنهار بالجملة عند محاججته بالعقل.
فقد خانته لوذعيته اكثر من مرة… خذلته هذه المرة, عندما تناسى بأن محاصصتهم الطائفية – العرقية جعلت من الوزارات الحكومية اقطاعيات مغلقة للاحزاب الحاكمة, كما ايام البعث البائد, كل حزب منهم بما غنمه من السحت الحرام, فرحون. وليس من تأثير لأي علماني في توجهاتها او سياساتها… وتدخله في امر ما, قد يكلفه كثيراً ليس اقلها حياته.
كما لم يؤشر لنا غوبلزنا الرث على موظف علماني حقيقي واحد, قد تحول الى مليارديراً كما رؤسائه من الاسلاميين في القناة التي يبث منها بهتانه, خلال فترة قصيرة من وجودهم على سدة الحكم.
لا بل ان هؤلاء المدنيون او العلمانيون, ان وجدوا, عجزوا عن تمرير قانوناً مدنياً واحداً يرفع ربقة الظلامية السائدة عن كواهل مواطنيهم.
وان كان هناك من قانون له لمسة مدنية لخدمة المواطن, فأنه معطل. فقد جرى تجميد حزمة واسعة من البنود الدستورية التي كان يجب ان تُنظم بقانون, او ايقاف العمل بقانون الخدمة المدنية لأهداف استمرارهم بالتعيين على اساس حزبي مصلحي وليس على اساس الكفاءة وتكافؤ الفرص لكل المواطنين.
وكم من قانون قد شُرع ثم عُطل لدواعي فزع مافيوي او فوبيا حرية, مثل قانون حماية الصحفيين وحرية الاستقصاء الصحفي وابداء الرأي, حد ان عبارة ” الطهي على نار هادئة ” اصبحت قرينة قانونية, كانت سبباً لرمي أحد النشطاء المدنيين في السجن لانتقاده احدى المؤسسات الحكومية بهذه العبارة.
بينما دأبوا على محاولات سن تشريعات بصبغة دينية : مثل نكاح القاصرات, او لتضييق الحريات العامة او لجعل قانون الاحوال الشخصية خاضعاً لأمزجة شيوخ شريعة يقضون في الناس بشرائع الفترة المظلمة, كمقدمة لفرض دولة الفقيه.
او لتشريع قانون للاحوال المدنية يصادر حقوق مواطنينا من معتنقي اديان ومذاهب عريقة عراقة بلاد ما بين النهرين كالكلدان والسريان والآشوريين والصابئة المندائيين والايزيديين… ومحاولة الغائهم وجودياً.
والتي أُوقف تمريرها, بفضل الضغط الشعبي العام وبدأب متظاهرين مدنيين وعلمانيين وشيوعيين ومواطنين آخرين في ساحات الاحتجاج, وعاملين في منظمات المجتمع المدني ليسوا من منتسبي اجهزة الدولة.
يظن الشيخ بأنه بما يطرحه من افتراءات, سيُدفن بالحسنات آخروياً وبالامتيازات الحزبية دنيوياً, منتشياً بنشوة التحريم والقتل, رغم ان ما يأتي بها من تهريجات اعلانية على قناته الفضائية, لاترقى لأكثر من وصفه بمرّوج اشاعات, لم تعد تنفذ على وعي العراقي الذي ادرك ضرورة مقاطعة الفاسدين والمروجين لهم, كما لو كانوا بضاعة اسرائيلية.