في ديوانه الصادر سنة 2014 عن مطبعة متن يحاول الشاعر رجب الشيخ توثيق لحظات لا تتكرر معه دائما يخوض في تفاصيل يتابعها بلغة مموسقة لمعالجة ما يراه حبا يأتي في زمن باهظ التكاليف
وقَ خدِ نرجسةٍ يسيلُ شغفُ المكان مرايا
تتعانقُ أرملةُ الوردِ بشهيقِ قُبلِ الندى
أعشقُها وفقَ هندسةِ التجلي
وفقَ كلِ إحداثياتِ العشقِ
أنثرُ كؤوسَ معينِها عَلى شفةِ محرابِ المواويلْ
أوزعُ أنفاسي على الأطراف
بينَ تقاسيمِ نهرٍ وسطرِ نخيلاتْ نلتقي واحةْ
نعقدُ النوايا لاحتضان ألوانها
يمتلك رجب الشيخ أدواته في التصويب نحو الهدف الذي يؤشره في ذاكرة القصيدة يستخدم افعال مضارعة لديمومة الحدث \اعشقها \أنثر \ أوزع \هذه الاستمرارية تؤكد الحركة داخل النص
أنضِجُ قضيةً ونصفُ أشارةِ
تعجبْ لعمودِكِ النورْ
تفتحُ المعابدُ فمِها الجائعْ
والكنائسُ تدورُ
سجدةَ صلاةٍ لمُحاربْ يتسللُ خيطُ الفجرِ
يزيحُ ستارَ ثغرِ
القضية التي يصبو اليها الشاعر عميقة تغور في ثنايا النفس وتمتد في المحاريب والنسيج المجتمعي ولأنه صاحب قضية يكتب بدقة يثبت مطالبه وفق نسق مدروس
المسافةْ بيننا يُولدُ فيصلٌ
يطفو نبيذاً على الأعناقْ نواعيرٌ ..وغروبْ.
كلمَا استَدارتْ أوهنتْ تباشيرَ خوفٍ في أجنحةِ إنكساري
فَلكٌ يُزاحمُ مَرايا الشمسْ
يُنجبُ خلفَ نواعيرِ المغيبِ
أرجحةُ المكانْ
تاريخُ عبادتِهِ تصعدُ في سجلِ آخرِ الاجسادِ
أنفاسِ موتانا سلاحفٌ تقطبُ درباً تسارعَ في همهمةِ حبلِها السري
زنابقُ الشتاءِ لا تنزفُ مطراً…
تعالَ أيُها النازلُ من اكتظاض النوارسِ
على بابِ اللهْ مَتى تُصلى على المَوتى صلاةُ العيدْ ؟
يلاحظ استعارات الشاعر ممتلئة بصور شتى مفعمة بالمعاني لتقرب الفكرة الى الحد الذي يظهر الصورة جلية بحس مرهف يقود نحو الوصول الى المبتغى ..
نبيذا على الأعناق \ نواعير المغيب \ أرجحة المكان \ أنفاس موتانا سلاحف \ هذه الصور تبث مراده في انهمار متواصل لا تنقطع السلسلة فيها .
النص الثاني
في نص أخر من المجموعة غوايتك لها أثر والتي تستحق الامتياز نرى الشاعر رجب الشيخ يناور في قصائده بلغة مدورة تتواصل تباعا ..
………1 لا تَنزَعي ثوبَ النورِ في أزقةِ الظلامْ
فالغَرقى رُبمَا يَجمعونَ اللاليء من قاعِ الحبْ
لا تَنظري من ثُقبكِ الأوزونَ فأبوابكِ مشرعةٌ تنظرُ مِنْ ثقوبِ القلوبْ جريان الظل
…………2 لا تُغريِني
لمْ يكُ للجريانِ متسعٌ حَلفَ ظلكِ الممتدِ أسواراً وغانيةْ . . .
إلى قطعِ النجومِ المغادرةْ تذكرةُ العناوينْ
لا تُغريني فَما عدتُ أملكُ غيرَ ظلي المَمزَقِ الساكنِ صفيحةٌ
تركَ السنينَ معلقةً بكماشةِ حبلِ الغسيلْ . . .
في السِتينْ مَا عَادَ يَفَقهُ شيئاً
غَيرَ أنهُ مَازالَ يُدركُ أنكِ لازلتِ فَضَاءهُ الأولْ
هنا يكون ( ل اللاءات ) وقع الموعظة \ لا تنزعي \ لا تنظري \ لا تغريني مكررة \
النبع لا يمكن الا أن يفيض ماء كذا قصائد رجب الشيخ زاخرة \ في الستين ما عاد يفقه شيئا \ لكنه أعطانا درسا بليغا بجمل متحركة عن طبيعة الصيرورة النابضة بدون توقف .