انشغل “الفيسبوكيون” خلال الأيام القليلة الماضية بالحديث حول احتلال العاصمة عمان المرتبة الاولى عربيا بمؤشر غلاء المعيشة بالدراسة الاستطلاعية لوحدة “الإيكونوميست” التي أعلنت مؤخرا. فعمان بحسب الدراسة، احتلت المرتبة 29 عالميا من حيث غلاء المعيشة، والمرتبة الأولى عربيا، متقدمة كثيرا على العديد من العواصم العربية التي كنا نعتقد أنها قبل عمان، بمؤشر الغلاء. ويبدو أننا خلال السنوات الماضية تقدمنا إلى الأمام بهذا المؤشر الخطر، فيما تراجعت عواصم ومدن عربية، فغابت أسماؤها عن المراتب الخمسين الأولى بهذا المؤشر. نعم، انشغل “الفيسبوكيون” بالحديث حول هذه المرتبة، ومنهم، من أبدى اندهاشه بالموقع الذي شغلته العاصمة عمان، فيما البعض الآخر، حاول البحث عن الأسباب، فيما آخرون أجروا مقارنة بين المعيشة في عمان وعواصم عربية أخرى، من حيث الأسعار والغلاء.. الغريب في كل هذا هو الاندهاش من المرتبة التي تحتلها عمان بمؤشر الغلاء، فجميعنا نعرف أن الغلاء فاحش في عمان والكثير من مدننا.. فنحن، نشعر يوميا، بهذا الغلاء، عندما نشتري أية بضاعة أو سلعة، أو مادة غذائية.. وعندما، ندفع فواتير الكهرباء والمياه.. وعندما، نعبئ سياراتنا بالوقود، وعندما نركب حافلات النقل العام وسيارات الأجرة.. وعندما نضطر للعلاج في المستشفيات والمراكز الصحية وعيادات الأطباء وإجراء التحاليل والفحوصات وشراء الأدوية والعلاجات وغيرها.. وعندما نرسل أبناءنا للمدارس الخاصة والجامعات الحكومية والخاصة، وعندما نشتري الملابس وغيرها.. نحن لا نحتاج إلى دراسة تجريها مؤسسة غربية لنعرف حجم وفداحة غلاء المعيشة، فنحن نعيشها واقعا كل يوم.. ولا يبدو أننا سنغادر هذه الحالة وهذا الواقع المرير، فما ننتظره، بحسب حكومتنا، المزيد من الإجراءات التي هدفها تصحيح الاقتصاد، والتي هي حقيقة إجراءات لرفع أسعار الكثير من المواد والسلع والخدمات. إن احتلالنا هذه المرتبة ليس غريبا، ولكن الغريب، كيف يتحمل المواطن هذا الغلاء؟ وكيف يمكنه، بالرغم من كل الظروف المعيشية القاسية، أن يمارس حياته بشكل طبيعي، ويمشي إلى الأمام، ويتقدم رغم كل الآلام؟ هذا الأمر فعلا بحاجة إلى دراسة، فبالرغم من كل الغلاء الذي يطبق على حياة المواطن،إلا أنه لا ينحني، ويواصل حياته. نحن نحتاج إلى معرفة السر، وكيف يستطيع المواطن رغم كل المحن والصعوبات والتحديات التي تثقل كاهله، أن يتحمل؟
نقلا عن الغد الاردنية